“المجاعة في غزة تقترب”.
تحذير صادم لم تطلقه وسائل إعلام أو جهة سياسية، بل مرصد عالمي مستقل معني بمتابعة الأزمات الغذائية.
على مدى أكثر من 20 شهرا، اعتاد العالم على سماع الأخبار المروعة من غزة. لكنّ صورا حديثة لأطفال يعانون من الهزال الحاد حتى الموت تعيد التذكير بأن كارثة إنسانية غير مسبوقة تحدث بوتيرة متصاعدة في القطاع الفلسطيني.
ثمة “أدلة متزايدة تشير إلى أن انتشار الجوع وسوء التغذية والأمراض يقود لارتفاع الوفيات المرتبطة بالجوع،” تؤكد 21 منظمة إغاثة ومنظمة دولية ووكالة تابعة للأمم المتحدة، تشترك في مبادرة “التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي” العالمية.
لكن الرئيس التنفيذي لمؤسسة غزة الإنسانية جو مور يتهم الأمم المتحدة بالتلاعب السياسي.
وردا على سؤال للزميل جو الخولي، قال مور “إذا كان هناك مجاعة في قطاع غزة وكان ذلك خياراً سياسياً، فإن الخيار السياسي اتخذته الأمم المتحدة والأمين العام للأمم المتحدة لمحاولتهما التلاعب سياسياً بمشكلة قابلة للحل ورفض التعاون مع الولايات المتحدة الأميركية ورفضهم القيام بواجبهم”.
ومنذ اندلاع الحرب بعد هجوم حماس على إسرائيل في أكتوبر 2023، سجلت وزارة الصحة في غزة 154 حالة وفاة بسبب الجوع وسوء التغذية، معظمها في الأسابيع القليلة الماضية.
أكثر من 90 طفلا بين الضحايا.
ويرى الزميل الأقدم في المجلس الأطلسي، توماس واريك، أن هناك حاجة ملحة لتقديم مزيد من المساعدات الإنسانية لغزة وفي أسرع وقت ممكن”.
“يجب أن تشمل هذه المساعدات أنواع المكملات الغذائية التي يعرف الجميع أنها ضرورية للتخفيف من حدة سوء التغذية والظروف المأساوية الأخرى التي بدأنا نراها”، يقول لـ”الحرة”.
كيف وصلنا إلى هنا؟
في مايو الماضي، بدأت مؤسسة “غزة الإنسانية” (GHF)، وهي جهة مدعومة من الولايات المتحدة، تولي مسؤولية توزيع المساعدات داخل القطاع عبر آلية جديدة.
تقول المؤسسة إنها وزّعت أكثر من 96 مليون وجبة غذاء منذ أواخر مايو، وتستعد لتوزيع العدد نفسه بحلول أغسطس.
هذه الآلية وُوجهت بانتقادات واسعة من الأمم المتحدة، منظمات الإغاثة الدولية، ومن مشرّعين أميركيين.
لماذا؟
لأن الآلية استبدلت 400 مركز توزيع بأربعة فقط، تقع جميعها داخل مناطق عسكرية خاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي، وتحرسها شركات أمنية أميركية خاصة.
النتيجة؟ تقول الأمم المتحدة إن الآلية الجديدة أدت لعدم وصول كميات كافية من المساعدات للسكان المحليين وكذلك مقتل نحو ألف شخص خلال محاولاتهم الحصول على المساعدات.
في المقابل، تدافع مؤسسة غزة الإنسانية عن آليتها المتبعة وتنفي في الوقت ذاته انها تتسبب بسقوط ضحايا من المدنيين.
“نحن لا ننكر سقوط ضحايا من المدنيين الذين كانوا ينتظرون الحصول على المساعدات في غزة، لكن الحقيقة هي أن معظمهم سقطوا على يد مسلحي حماس في مواقع توزيع تابعة للأمم المتحدة وليس في المواقع التابعة لنا،” يقول المدير التنفيذي للمؤسسة، جوني مور.
وقال في تعليقات أدلى بها أثناء استضافته في معهد هودسون بواشنطن، الأربعاء، إن الآلية التي يتبعونها تهدف لوصول المساعدات لمستحقيها “وليس لعناصر حماس”.
وفي رد على سؤال لـ”الحرة” بشأن ما إذا كان ما يجري في غزة يحمل أبعادا سياسية، قال مور: “ذا كان هناك مجاعة في قطاع غزة وكان ذلك خيارا سياسيا، فإن هذا الخيار السياسي اتخذته الأمم المتحدة والأمين العام للأمم المتحدة في محاولة للتلاعب سياسيا بمشكلة قابلة للحل، ورفض التعاون مع الولايات المتحدة الأميركية، ورفض القيام بواجبهم”.
ما العمل؟
تنفي إسرائيل اتباعها سياسة للتجويع في غزة، وتقول “ليس هناك مجاعة في القطاع”.
في المقابل، وعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإرسال مزيد من المساعدات لغزة.
يقول توماس واريك إن “ما نحتاجه هو مزيد من الأشخاص ومواقع التوزيع، وقدرة أكبر على تأمينها، ليس المستودعات فحسب، بل الطرق التي سيسلكها الأشخاص للقيام بذلك حتى لا يتعارضوا مع حماس ولا يضطروا للتعامل مع الجيش الإسرائيلي”.
“لا ينبغي لأحد أن يتنافس في القول إن نموذجه أفضل من نموذج الآخر. نحن بحاجة إلى جميع النماذج. تحتاج مؤسسة غزة الإنسانية إلى مزيد من الموارد وكذلك الأمم المتحدة، ومن يقول خلاف ذلك لا يضع مصلحة سكان غزة نصب عينيه” يقول.
غسان تقي
اكتشاف المزيد من الحرة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.