استنادا إلى معطيات الاتحاد الدولي للنقل الجوي-مركز معلومات رسوم الطيران (شتنبر 2024)، تؤكد هذه الوثيقة أن الغابون وسيراليون تفرضان رسوما على المسافرين تتجاوز 290 دولارا، بينما تفرض ليبيا وملاوي رسوما أقل من 5 دولارات.
وأوضح تحليل، يستند إلى مبادئ منظمة الطيران المدني الدولي، كيف تعيق هذه الممارسات الربط بين دول العالم والاقتصاد الأفريقي.
الدول العشر التي تفرض أكبر الرسوم
تهيمن منطقة غرب ووسط أفريقيا على ترتيب الدول التي تفرض أكبر الرسوم، حيث تتصدرها الغابون بـ297.7 دولارا، تليها سيراليون بفارق ضئيل بـ294 دولارا، ثم نيجيريا بـ180 دولارا.
ويتأكد هذا التوجه الإقليمي بجيبوتي (168.7 دولارا)، والنيجر (130.7 دولارا)، وبنين (123.4 دولارا)، والسنغال (122.6 دولارا)، وليبيريا (115 دولارا)، وغانا (111.5 دولارا)، وجمهورية الكونغو الديمقراطية (109.9 دولارا). وتظهر هذه الدول العشر، اختلالا ضريبيا صارخا: إذ تتجاوز رسومها التراكمية 100 دولار بشكل ممنهج، لتصل إلى ما يقرب من ثلاثة أضعاف المتوسط القاري البالغ 68 دولارا.
يفسر هذا الواقع بالسياسات الوطنية المنفصلة عن مبادئ منظمة الطيران المدني الدولي، حيث تستخدم الرسوم لسد عجز ميزانيات الدول أكثر من تغطية التكاليف التشغيلية الحقيقية، مما يضعف كلا من شركات الطيران والطلب من قبل المسافرين.
تتعارض هذه المبالغ، التي تشمل رسوم الوقود والأمن والركاب، بشكل مباشر مع سياسات منظمة الطيران المدني الدولي. وبالتالي، يتم تجاهل مبدأ ربط التكلفة. بمعنى أن هذه الرسوم لا تعكس التكلفة الحقيقية للخدمات، بل تهدف إلى سد عجز ميزانية الدولة.
في غرب أفريقيا، يصل المتوسط إلى 109.49 دولارا لكل راكب، مقارنة بـ106.62 دولارا في وسط أفريقيا. ومع ذلك، لا تشكل هذه المناطق سوى 23 % من حركة المرور القارية، مقارنةً بـ35 % في شمال أفريقيا، التي تفرض فيها رسوم أقل بكثير.
Conséquences directes : renchérissement des billets, réduction de la demande et entrave à l’intégration régionale... Plusieurs destinations africaines perdent ainsi des milliards de dollars de recettes touristiques potentielles.. DR.
الدول العشر التي تفرض أدنى الرسوم
وبالمقابل، تفرض دول شمال أفريقيا وأفريقيا الجنوبية رسوما تنافسية، خاصة ليبيا التي تفرض 1.30 دولار فقط، وملاوي تفرض 5 دولارات، وليسوتو 5.70 دولار. وتظهر المراكز الاقتصادية الرئيسية، مثل الجزائر (9.80 دولارا)، والمغرب (25.10 دولارا)، وأنغولا (28.40 دولارا)، أن الربط القوي بين القارات -وخاصةً بالنسبة للجاليات- يمكن أن يتعايش مع رسوم معتدلة.
تمتد هذه الدينامية الإيجابية إلى إسواتيني (14.20 دولارا)، وتونس (15.40 دولارا)، وبوتسوانا (18.90 دولارا)، وساو تومي (26 دولارا)، لتشكل كتلة متماسكة لا يتجاوز فيها متوسط الرسوم المفروضة من قبل تلك الدول 30 دولارا. ويظهر متوسط دول شمال أفريقيا يصل إلى 25.27 دولارا، وهو الأدنى في القارة، وهو ما يعكس التزاما بمبادئ منظمة الطيران المدني الدولي المتعلقة بالشفافية والتناسب مع التكاليف، مما يقدم نموذجا عمليا لإعادة التوازن إلى القدرة التنافسية للطيران الأفريقي.
تظهر شمال أفريقيا، بمتوسط يبلغ 25.27 دولارا، أن الرسوم المعتدلة تتوافق مع كثافة حركة المرور. هذه المقاربة تحترم مبادئ منظمة الطيران المدني الدولي بشكل أفضل.
فجوة اقتصادية صارخة
تكشف خريطة المناطق الفرعية الأفريقية عن تفاوت اقتصادي صارخ، حيث تفرض غرب أفريقيا (109.49 دولارا) ووسط أفريقيا (106.62 دولارا) أعلى الرسوم الجوية الدولية، مع تمركز تسع دول وثلاث دول على التوالي التي تفرض أعلى الرسوم.
وبالمقابل، تمثل شرق أفريقيا (63.32 دولارا)، وأفريقيا الجنوبية (34.50 دولارا)، وخاصة شمال أفريقيا (25.27 دولارا) -التي تضم أربع دول ضمن الدول العشر التي تفرض أدنى الرسوم- أفضل النماذج.
من بين دول القارة البالغ عددها 54 دولة، تتجاوز 19 دولة المتوسط القاري البالغ 68 دولارا، بينما تفرض 14 دولة رسوما باهظة تتجاوز 100 دولار، مما يمثل زيادة كبيرة منذ عام 2022.
يفاقم هذا التضخم الضريبي ضعف قطاع الطيران الذي يعرف عجزا، على الرغم من أنه يدعم 8.1 مليون منصب شغل ويساهم بمبلغ 75 مليار دولار في الناتج الداخلي الخام الأفريقي.
وهكذا، لا يزال قطاع الطيران الأفريقي غير مربح، ويعود ذلك جزئيا إلى هذه الرسوم. يقوض هذا التباين الإقليمي القدرة التنافسية الجماعية للقارة واندماجها الاقتصادي.
ضرورة المواءمة
تخالف هذه التفاوتات الركائز الأربع لسياسات منظمة الطيران المدني الدولي: عدم التمييز (فدول مثل الغابون تفرض رسوما أعلى على الرحلات الجوية الدولية)، والربط بالتكلفة (حيث لا ترتبط مبالغ الرسوم بالخدمات)، والشفافية (قلة من الدول تجري مشاورات مع شركات الطيران)، والتشاور. أما العواقب المباشرة فتتمثل في ارتفاع أسعار التذاكر، وانخفاض الطلب، وإعاقة الاندماج الإقليمي.
وبالتالي، تخسر العديد من الوجهات الأفريقية مليارات الدولارات من عائدات السياحة المحتملة بسبب نقص الربط بأسعار معقولة.
وهكذا، بدون إصلاح ضريبي يتماشى مع مبادئ منظمة الطيران المدني الدولي، سيظل الطيران الأفريقي ترفا، مما يعيق إمكاناته الاقتصادية. وتقدم الدول الأقل تكلفة (ليبيا وملاوي وليسوتو وغيرها) النموذج. ويجب على الآخرين أن يحذوا حذوهم.