لوجه الله.. والوطن!

أحمد رفعت

أحمد رفعت

كاتب صحفي

لا تتطور الأمم ولا ترتقى الشعوب بقرار.. إنما يحدث تقدم الأمم بالتراكم وعلى مدار سنوات طويلة.. من أجل ذلك يأتى الاهتمام بالاستحقاقات الدستورية التى تجرى فى بلادنا لأنها المنطلق لبناء دولة عصرية حديثة.. وإن كانت المناسبة التى يجرى تناولها فى مصر هذه الأيام هى انتخابات مجلس الشيوخ، فأكثر ما يعنينا فى الأمر هو التأكيد على أمرين؛ الأول استكمال البناء الديمقراطى لمصر والثانى استيعاب أهمية فكرة المجلسين ووجود برلمان من غرفتين.. وهى فكرة موجودة فى عدد كبير من بلاد العالم، بل وربما بعناوين متطابقة (مجلسا النواب والشيوخ) كما هو الحال فى الولايات المتحدة وإيطاليا مثلاً!

فى مصر بدأت الفكرة قبل مائتى عام وبعناوين قريبة ومشابهة (مجلس شورى النواب مثلاً) من المسميات المعاصرة للغرفة الثانية، لكن ورغم تحفظنا على التجربة «الديمقراطية» بالكامل قبل ثورة يوليو فلا ديمقراطية أصلاً فى ظل وجود محتل أجنبى، لكن ما يعنينا أنه آن الأوان كى تتراكم جهود شعبنا وحركته لتثمر برلماناً من غرفتين يحاسب الأول الحكومة وجهازها التنفيذى ويشرّع القوانين كأى مجلس نيابى أو تشريعى فى العالم.. بينما يقوم الثانى بتقديم خلاصة خبرة أعضائه سواء كأفكار أو مقترحات أو من خلال مناقشته مشروعات القوانين المقدمة إليه، أو مناقشته المعاهدات أو الاتفاقيات التى ستكون الدولة المصرية طرفاً فيها، أو بتقاريره عن كل ما يُعرض عليه أو يُرسل إليه خاصة من رئيس الجمهورية!

ولذلك.. تعنينا فلسفة وجود مجلس الشيوخ قبل تطبيقه لأن الملاحظات تتطور مع التجارب ومع الزمن وتبقى القيم التى على الشعوب الاستفادة منها والعمل على وضعها فى إطارها المناسب.. وتقريباً للصورة نفترض أن أسماء مثل أحمد زويل وأحمد مستجير وأسامة أنور عكاشة وجمال الغيطانى بيننا اليوم ستتردد طبعاً فى الترشح لمجلس النواب.. لصعوبة منافساته وخشونتها.. لكننا كنا سنستفيد منها بكل تأكيد بمجلس الشيوخ.. تقدم للوطن خلاصة خبراتها وتجاربها وما يمكن أن تضيفه لنهضة أمتنا!

باختصار.. نريد إحداث هذه «النقلة» فى تجربتنا الديمقراطية للوصول إلى حالة مثالية منها تضع مصر على عتبات تستحقها.. وفى درجة من النمو السياسى تستحقها أيضاً.. آن الأوان لانتخابات على أسس برامجية وليست قبلية عائلية.. آن الأوان لاستبعاد الرضا الشخصى والعلاقات المباشرة من الاختيار وقرار التصويت ليكون بالكامل موضوعياً لوجه الله والوطن.. حاضره ومستقبله!