“الشروق” وساعي البريد.. عندما تصر الجريدة على الاختباء تحت السرير

مشاهد24

في عالم الصحافة، هناك من ينقل الخبر، وهناك من يصنعه، وهناك من يختبئ تحته. صحيفة الشروق الجزائرية اختارت الخيار الثالث، وقررت هذه المرة أن تدخل مرحلة متقدمة من “التحليل الاستراتيجي المتخيل”، وذلك بإصدار قراءة عجيبة لرسالة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الموجهة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، والتي تضمنت تهنئة صريحة بمناسبة عيد العرش وتأكيدًا على دعم مغربية الصحراء، ومساندة مبادرة الحكم الذاتي. لكن الشروق، كعادتها، رأت في الرسالة ما لم يره أحد… أو ما تمنّت ألاّ تراه.

الجريدة الجزائرية المعروفة بهوسها المرضي بكل ما يتحرك في المغرب والتى هي مرآة لحكام تلك البلاد الفاشلة ، حاولت هذه المرة أن تقلل من أهمية الرسالة الرئاسية الأمريكية، لأنها – ويا للصدفة العجيبة! – لم تتحدث عن فتح قنصلية جديدة في الداخلة، أو عن عدد الحجارة التي سيتم طليها على الرصيف المغربي في العيون.

تمامًا كما ذلك الزوج البائس الذي كان متأكدًا من خيانة زوجته مع ساعي البريد، فقرر أن يختبئ تحت السرير “ليقنص اللحظة الحاسمة”، الشروق بدورها اختبأت تحت السطور، تراقب الكلمات بحثًا عن “جريمة دبلوماسية” لم تحصل. وعندما لم تجد، خرجت إلى قرّائها تصيح:

“اطمئنوا، الرسالة لم تتحدث عن القنصلية! كر د الرجل البائس على الجيران عندما سالوه ماذا فعلت بساعي البريد فرد عليهم لقد رايته من تحث السرير فقط كان يقبّلها

يبدو أن الشروق لم تعد تكتب للتأثير في الرأي العام الجزائري بقدر ما تكتب لتطمئن نفسها، وكأنها تقول: “صحيح أن واشنطن تعترف بمغربية الصحراء، وصحيح أن الدعم يتزايد، لكننا سنظل نردد أن كل هذا مجرد غزل سياسي بريء… ولم يحدث شيء!”

في عالم الشروق، لا تكفيك تهنئة من أكبر قوة عالمية، ولا دعم متواصل لخطة الحكم الذاتي، بل يجب أن تصلك الرسالة على ظهر جمل، مختومة بشمع ملكي، ومرفقة بخريطة مكتوب عليها: “الصحراء مغربية، ونحن آسفون على التأخير.”

الرسالة الأمريكية واضحة، بل أكثر وضوحًا من افتتاحيات الشروق نفسها، لكن الجريدة اختارت أن تحاور النص على طريقتها، وتعيد صياغته بما يتوافق مع مزاج القيادة الجزائرية التي ما زالت تبحث عن “شرف فقدته” منذ أن أصبحت معظم العواصم الكبرى تضع أعلامها في العيون والداخلة.

وفي نهاية الأمر، لا يسعنا إلا أن نواسي الشروق:
يا جريدة العناد، قد تفيدك النصوص المضللة في التسكين الداخلي، لكنها لن تغير واقعًا دوليًا يتغير بسرعة… أسرع من تحركات ساعي البريد.