لاهاي/ PNN/ أصدرت محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في العالم، اليوم الأربعاء، رأيًا استشاريًا تاريخيًا يحدد التزامات الدول القانونية في مواجهة تغير المناخ، مؤكدة أن مواجهة أزمة المناخ لم تعد خيارًا سياسيًا بل التزامًا قانونيًا دوليًا، مع آثار قانونية مباشرة على سياسات إنتاج الوقود الأحفوري في المستقبل.
وجاء في القرار أن على الدول واجبًا قانونيًا راسخًا لمنع الإضرار بالبيئة، وحماية الأجيال الحالية والمقبلة من تداعيات أزمة المناخ المتزايدة، والتعاون دوليًا من أجل إيجاد حلول. كما أكدت المحكمة أن إنتاج الوقود الأحفوري ومنح تراخيصه وتقديم الدعم المالي له "قد يشكل عملًا غير مشروع بموجب القانون الدولي".
وشددت المحكمة على أن "التعاون بين الدول يشكّل حجر الأساس لأي جهد دولي فعّال بشأن المناخ"، مشيرة إلى أن المعاهدات وتطبيقاتها المشتركة تُعدّ أبرز أدوات هذا التعاون، كما في مبادرة معاهدة حظر الوقود الأحفوري التي تشارك فيها 17 دولة، والدول التي تقدمت بالأسئلة القانونية للمحكمة.
وقال رالف ريغينفانو، وزير المناخ والطاقة والبيئة في جمهورية فانواتو:
"نحاول منذ 30 عامًا دفع عملية التفاوض في اتفاقية الأمم المتحدة للمناخ (UNFCCC)، لكن اليوم هو إنجاز ملموس، استخدمنا كل الوسائل القانونية الدولية الممكنة للإسراع في التحرك، من المحكمة الدولية لقانون البحار إلى محكمة الدول الأمريكية، وحتى الضغط للاعتراف بجريمة الإبادة البيئية".
وفي تعليق من فيشال براشاد، مدير اتحاد طلاب جزر المحيط الهادئ لمكافحة تغير المناخ:
"من خلال تأكيدها للعلم، طالبت المحكمة الدول بالإلغاء التدريجي الفوري للوقود الأحفوري. هذا الرأي يُعد طوق نجاة للشعوب الصغيرة وللشباب ولأجيال المستقبل".
ويؤكد القرار ما كانت تطالب به منذ زمن الدول المتضررة من تغير المناخ والمجتمعات على الخطوط الأمامية: أن على الدول الصناعية والغنية صاحبة الانبعاثات الكبرى تقليص انبعاثاتها بسرعة، ووقف التوسع في إنتاج الوقود الأحفوري، وتقديم الدعم المالي والتعويضي للدول المتأثرة.
وقال كومي نايدو، رئيس مبادرة معاهدة حظر الوقود الأحفوري:
"هذا الرأي يجب أن يكون دعوة عاجلة للحكومات التي تؤخر التحرك. لقد أكدت المحكمة أن حماية الناس والكوكب واجب قانوني، ويجب ترجمته الآن إلى تحرك فعلي وعادل".
وأضاف أن الحكم التاريخي يعزز الحاجة إلى آلية دولية واضحة مثل معاهدة حظر الوقود الأحفوري التي تهدف إلى تسريع الانتقال بعيدًا عن مصادر الطاقة الملوثة.
وفيما أكدت المحكمة أن الالتزامات المناخية ليست مجرد تعهدات طوعية بل مبنية على قواعد قانونية ملزمة، شددت كذلك على أن هذه الالتزامات ترتبط بحقوق الإنسان الأساسية، مثل الحق في الحياة، والصحة، والثقافة، وبيئة سليمة.
ويمثل هذا الرأي، الذي جاء بعد مشاورات دولية طويلة، خطوة فاصلة في مسار العدالة المناخية، ومن المتوقع أن يُستخدم كأساس قانوني في قضايا ومطالبات دولية مستقبلية لمحاسبة الدول المتقاعسة.
ومع صدور هذا القرار، باتت الكرة في ملعب الدول والمجتمعات لتطبيق ما جاء فيه، وتحويل الالتزامات القانونية إلى سياسات ملموسة تحمي البيئة والإنسان.