الشريط الاخباري

الحواجز العسكرية في الضف الغربية... أمن لإسرائيل أم خنق للفلسطينيين؟بقلم :الدكتور نبيل كوكالي

نشر بتاريخ: 30-07-2025 | أفكار
News Main Image

من بيت لحم إلى نابلس، ومن الخليل إلى جنين، لا يكاد الفلسطيني يتحرك بضعة كيلومترات دون أن يعترض طريقه حاجز عسكريإسرائيلي، أو بوابة أمنية تُغلق فجأة وتعيد رسم مسار يومه. فوفق تقاريرميدانية، تنتشر أكثر من 1000 نقطة تفتيش دائمة ومتنقلة، إضافة إلىأكثر من 200 بوابة أمنية، على امتداد الضفة الغربية، في مشهد يبدووكأنه مصمَّم لبسط السيطرة الشاملة على حركة الفلسطينيين.

السؤال الجوهري هنا: ما الفائدة الحقيقية من هذه الحواجز لإسرائيل؟وهل هي فعلاً إجراءات أمنية، أم أنها أدوات لإدامة السيطرة والهيمنة؟

من وجهة النظر الإسرائيلية الرسمية، تُبرَّر هذه الحواجز باعتبارها"أدوات أمنية ضرورية" لمنع الهجمات وحماية المستوطنين والجنود. لكنعلى أرض الواقع، يتجاوز دور هذه الحواجز البُعد الأمني، لتصبح وسائلللتحكم الجغرافي والسياسي، تهدف إلى تقطيع أوصال الضفة الغربية،ومنع تشكّل كيان فلسطيني متماسك، وترسيخ واقع استيطاني يُصعّبأي حل سياسي قائم على أساس الدولتين.

في المقابل، وعلى الأرض الفلسطينية، تتحوّل هذه الحواجز إلى أداةيومية للعقاب الجماعي. فقد أظهر استطلاع رأي أجراه المركز  الفلسطيني لاستطلاع الرأي في بيت ساحور، وشمل عينه عشوائيه من 482 مشاركا من مختلف المناطق والفئات الاجتماعية، أن جميع الفلسطينيون تقريبًا يرون في هذه الحواجز والبوابات العسكرية مصدرًا مباشرا لمعاناتهم اليومية، وتنعكس آثارها السلبية على كل جوانب الحياة: الاقتصادية، والصحية، والتعليمية، والاجتماعية.

 الاقتصاد: تُعيق الحواجز حركة العمال والتجار والبضائع، وترفعتكاليف النقل والتوزيع، ما يؤدي إلى خسائر كبيرة في قطاعات متعددة.

الصحة: كثيرًا ما تأخرت سيارات الإسعاف على الحواجز، مما أدىإلى وفاة مرضى كان يمكن إنقاذهم.

التعليم: يُمنع أو يُؤخر الطلبة والمعلمون عن الوصول إلى مدارسهم، فيماتتعرض العملية التعليمية للاضطراب المستمر.

الحياة الاجتماعية: تُفكك هذه الحواجز النسيج المجتمعي، وتمنعالتواصل بين العائلات، وتعيق الوصول إلى أماكن العبادة والمناسبات الاجتماعية. 

ويُجمع المشاركون في الاستطلاع على أن هذه الحواجز تشكل انتهاكً صارخا لحقوق الإنسان، وتتناقض مع القانون الدولي الإنساني،مطالبين الحكومة الإسرائيلية بإزالتها بشكل فوري وشامل.

إن استمرار هذا الوضع لا يمكن تبريره إلى الأبد. فحتى لو وُجدتمخاوف أمنية مشروعة، فإن الأسلوب المعتمد اليوم لا يحقق الأمنالحقيقي، بل يغذي الكراهية ويعمّق دائرة العنف والتوتر. وإذا كانتإسرائيل جادة فعلًا في أي حديث عن سلام أو تهدئة، فإن أولى الخطواتالمطلوبة هي تفكيك هذا النظام القمعي من الحواجز والبوابات.

ما هو المطلوب؟ المطلوب اليوم ليس فقط إزالة الحواجز، بل تفكيك الفلسفةالتي تقوم عليها. فلسفة ترى في كل فلسطيني تهديدًا محتملًا، وفي كلتحرك عادي خطرًا أمنيًا. الفلسطيني لا يطالب بمعجزة، بل بحقه في أنيتحرك بحرية، أن يصل إلى عمله ومدرسته ومستشفاه دون إذلال أوعرقلة. هذا ليس امتيازًا، بل أبسط حقوق الإنسان.
 

شارك هذا الخبر!