- للإشهار -
الخميس, سبتمبر 18, 2025
اسرة و مجتمع

أكادير ومأسـ ـاة “مستشفى المـ ـوت”: الغضـ ـب الشعبي بين الإعفاءات السريعة وجذور الأزمة

الأحداث✍️بقلم: إبراهيم الخياطي
باحث في الثقافة البصرية والوساطة الرقمية

شهدت مدينة أكادير هذا الأسبوع احتجاجات شعبية واسعة أمام المستشفى الجهوي الحسن الثاني، التي أطلقت عليها وسائل الإعلام اسم “مستشفى الموت”. احتجاجات جاءت بعد سنوات من الإهمال المزمن في القطاع الصحي، وأثارت تساؤلات حول قدرة الدولة على ضمان الحق الدستوري في الصحة للمواطنين.

الصور الميدانية أظهرت طوابير طويلة، نقصًا في الأطر الطبية، وأجهزة معطلة، بالإضافة إلى افتقار المستشفى للأدوية الأساسية. هذه المعطيات لم تعد مجرد إخفاق إداري، بل أصبحت رمزًا للفجوة بين السياسات المعلنة وواقع المواطن اليومي. المواطنون، الذين ارتفعت أصواتهم في الشوارع، رفعوا شعارات واضحة: “الصحة حق وليس امتيازًا”، لتذكير الحكومة بأن الخدمات الأساسية ليست رفاهية يمكن التفريط فيها.

رد وزارة الصحة كان سريعًا، حيث شمل إعفاء عدد من المسؤولين، من بينهم المديرة الجهوية، المدير الصحي الإقليمي، ومدير المستشفى. خطوة وصفها البعض بـ “الإجراء الرمزي”، لكنها لم تعالج الأسباب العميقة للأزمة: التمويل غير الكافي، ضعف التسيير، والاعتماد على أنظمة ورقية تقليدية بدل الرقمنة الفعّالة، ما يجعل أي إصلاح متكرر هشًا وسطحياً.

الأزمة في أكادير تمثل نماذج مصغرة لتحديات المنظومة الصحية المغربية، حيث تتقاطع مشكلات البنية التحتية، ندرة الكوادر، وسوء توزيع الموارد، مع زيادة الضغط على المستشفيات العمومية بسبب الفئات غير القادرة على دفع تكاليف القطاع الخاص.
هذا الواقع يفرض على الحكومة تبني إصلاح شامل ومستدام: تمويل كافٍ، تحفيز الأطر الطبية، وتطوير آليات التسيير الرقمي لضمان عدالة في الوصول إلى الخدمات الصحية.

الدرس المستفاد من احتجاجات أكادير ليس مجرد الإعفاءات الإدارية، بل ضرورة إعادة الاعتبار للقطاع الصحي العام، وضمان أن يكون المواطن محور السياسات، لا مجرد متلقي للخدمات وفق مزاجية الإدارة أو محدودية الميزانية. فالصحة، بما تمثله من كرامة وحياة، تحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية تفوق الحسابات الجزئية أو الحلول المؤقتة.

   

المؤسسة الإعلامية NGH AHDAT SARL AU
error: