الكلاب الضالة بين الحماية وسلامة المواطن.. وقفة احتجاجية تثير الجدل وتستدعي التأمل

 

بقلم د. حسن الشطييي رئيس جمعية حماية المستهلك

 

شهدت إحدى المدن المغربية مؤخرا وقفة احتجاجية نظمتها منظمات وجمعيات حقوقية تُعنى بالحيوانات، دفاعا عن حق الكلاب الضالة في الحياة ورفضا لسياسات القتل الجماعي التي تعتمدها بعض الجهات في محاولة للحد من انتشارها في الأحياء السكنية.

 

 

ورفعت الجمعيات شعارات تطالب بـ”احترام الحق في الحياة”، و”اعتماد حلول إنسانية”، كما دعت إلى التوقف الفوري عن حملات التسميم والقنص، معتبرة إياها “ممارسات لا أخلاقية ومنافية لحقوق الحيوان”، مع اقتراح بدائل مثل التعقيم الجماعي، والتلقيح، والإيواء المؤطر.

 

 

لكن هذه الوقفة – ورغم نبل نواياها في الظاهر – أعادت إلى السطح نقاشا مجتمعيا حساسا، يتطلب موازنة دقيقة بين حماية الحيوان وضمان سلامة الإنسان، في ظل ارتفاع حالات هجوم الكلاب الضالة على الأطفال والمارة، وانتشار داء السعار في بعض المناطق، خاصة في غياب تغطية شاملة بمصل السعار (Sérum antirabique) في المستوصفات.

 

المخاطر الصحية والاجتماعية للكلاب الضالة:

1) الكلاب غير الملقحة تنقل الأوبئة والحراثيم والأمراض المنتقلة. الكلاب غير الملقحة قد تكون حاملة لفيروس السعار، وهو مرض فيروسي قاتل ينتقل إلى الإنسان عبر العضّ، وقد يفضي إلى الموت إذا لم يُعالج فورا.

 

بالإضافة إلى ذلك قد تشكل الكلاب الضالة خطرا أمنيا على الساكنة. حيث تجد مجموعات من الكلاب تتجول هنا وهناك ليلًا ونهارا. تُرهب المواطنين، خاصة في الأحياء الشعبية والقروية.

 

2) مخاطر بيئية وصحية قد تُسبب فيها الكلاب الضالة غير الملقحة بسبب تجمعاتها في محيط المدارس والأسواق وفضلاتها الحاملة للكثير من الطفيليات والجراثيم الملوّثة للتربة والمياه وخاصة في العالم القروي.

 

حلول ممكنة من خلال مقاربة شمولية متوازنة

لمواجهة هذه الظاهرة في إطار سياسة عمومية عادلة وفعالة، لا بد من:

1. تعزيز برنامج TNR (التقاط، تعقيم، إعادة الإدماج) بشكل واقعي ومدعوم.

 

2. توفير تمويل خاص لبناء ملاجئ مؤطرة وقانونية تحت إشراف بيطري.

 

3. تعميم حملات التلقيح للكلاب الضالة بالتعاون مع الجماعات المحلية.

 

4. سنّ قوانين واضحة لتنظيم العلاقة بين الإنسان والحيوان، توازن بين الحماية والوقاية.

 

5. ضمان توفر مصل السعار في جميع الوحدات الصحية، خاصة القروية.

 

على الجهات المسؤولة وصناع القرار أن يقوموا بوضع سياسة وطنية شاملة تراعي البعد الإنساني والبيئي، وتضع صحة و حياة المواطنين ضمن الأولويات.

 

 

كما أن الجمعيات الحقوقية التي تُعنى بحماية حقوق الكلاب ، مشكورة على هذا الدور ونُثمن غيرتهم على الحيوان، لكن حماية الإنسان قبل أي شيء . بل واجبًا مقدسًا، ويجب ألا تكون حماية الحيوانات على صحة الإنسان وسلامته.

 

 

فالمسألة ليست رفاهية، بل قضية صحة وسلامة وأمن عمومي، تستوجب تعبئة شاملة ومسؤولة.

 

 

ختاما، الجدل حول تدبير إشكالية حماية الكلاب الضالة يجب ألا يكون صراعًا بين طرفين، بل مناسبة لبناء وعي جماعي يقوم على التعايش المتوازن بين الإنسان والحيوان، في ظل احترام الحياة والكرامة والأمن للإنسان والحيوان معا.

مقالات مرتبطة :
تعليقات الزوار
  1. عبدالعالي

    أمام تكاثر “النشطاء” و”الحقوقيين” ووقفاتهم، نقترح تكوين جمعية تختص بعرض خدماتها لمن يحتاج، بتكلفة أقل من تكلفة قاعات الأفراح ومموني الحفلات، نظرا لأن رأسمالها لا يتجاوز القدرة على حمل لافتات والصراخ عند الاقتضاء… والله يجيب التيسير.

اترك تعليق