أراضي الرياض لكل سكانها .. في منصة "التوازن العقاري"
نعم .. في مرحلة ما من عمر تطوير العاصمة السعودية الرياض ومع تنامي خطط الحكومة لجعلها ضمن أهم 10 عواصم اقتصادية في العالم، خرجت الأراضي السكنية عن السيطرة وقدرة المواطنين على التملك داخل المدينة، وباتت الأراضي حكرا على شريحة معينة من ذوي الثروات، لكن مع قرار الحكومة التدخل لإحداث توازن في القطاع العقاري السكني تضمن آلية جديدة لتوزيع أراضٍ بأسعار مخفضة للغاية بات الموقف اليوم مختلفا.
الحديث عن الخطط الإسكانية في السعودية يتصدر كافة الملفات ويتمحور حول تحقيق هدف رفع نسبة تملك الأسر إلى 70% بحلول 2030، وذلك عبر برنامج الإسكان في رؤية 2030، من خلال توفير خيارات سكنية متنوعة مثل الأراضي والقروض المدعومة والشقق والفلل، وتطوير ضواحي سكنية متكاملة الخدمات، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، إضافة إلى تسهيل إجراءات الحصول على التمويل، وتوسيع الإسكان التنموي للأسر الأشد حاجة.
من خلال هذه الخطة تعمل الجهات المختصة في الدولة على تحسين جودة الحياة من خلال توفير بيئة سكنية مزدهرة ومستدامة تلبي احتياجات الأسر السعودية. وتأتي هذه الخطة في تطوير المجتمعات من خلال بناء ضواحي ومجتمعات سكنية متكاملة الخدمات والمرافق.
ومن هنا عملت الحكومة على تنمية القطاع الخاص من خلال تعزيز الشراكات مع المطورين العقاريين والمؤسسات المالية لضخ مشاريع جديدة. ومنها قدمت أبرز الحلول والآليات، آخرها ما صدر يوم الخميس الماضي من خلال إطلاق الهيئة الملكية لمدينة الرياض منصة "التوازن العقاري" لتوفير أراضٍ لجميع سكان الرياض بعدالة وأكثر توازنا.
يمكن من خلال هذه المنصة النوعية حجز الأراضي السكنية، بأسعار لا تتجاوز 1500 ريال للمتر في أحياء قائمة داخل الرياض، إضافة إلى الحلول الأخرى المصاحبة مثل القروض المدعومة من خلال الدعم المالي لتغطية جزء من تكلفة المسكن. والوحدات تحت الإنشاء والجاهزة: توفير شقق وفلل وتاون هاوس في مشاريع متنوعة.
الحلول الإسكانية منذ إطلاق رؤية 2030 أسهمت في رفع نسبة تملك الأسر للمساكن، وصولاً إلى 65.4 % بنهاية 2024، مع استمرار الجهود لتحقيق الهدف المستقبلي.
ومن ناحية المشاريع السكنية المتنوعة: فقد تم إطلاق وتطوير عديد من الضواحي والمشاريع السكنية في الرياض. حيث تم تسهيل الإجراءات من خلال تنظيم القطاع الإسكاني وتسهيل إجراءات الحصول على المنتجات السكنية والتمويل.
أن إطلاق منصة "التوازن العقاري" كقناة رقمية رسمية لاستقبال طلبات المواطنين على الأراضي السكنية في الرياض، يعد خطوة وتحركا إستراتيجيا، الهدف منه تنظيم السوق العقارية وفق أنظمة وآلية محددة من أجل ضمان وصول الفرص للمستحقين بطريقة عادلة وشفافة. هذه الخطوة التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء تأتي لتعزيز التوازن في القطاع العقاري وتوفير خيارات سكنية بأسعار مناسبة يتم توفيرها لجميع المواطنين.
وتحقيقا لهذا القرار فإن هذه المنصة ستتيح تقديم طلبات المواطنين، بشرط عدم امتلاك أي ملكية عقارية أخرى، والإقامة في الرياض لمدة 3 سنوات على الأقل. كما تضمنت الشروط عدم التصرف في الأرض خلال 10 سنوات، إلا للرهن لغرض تمويل البناء، مع ضمان إعادة الأرض أو قيمتها إذا لم يتم البناء خلال المدة المحددة، وهو ما يعكس حرص الدولة على حماية حقوق المواطن وضمان استخدام الأراضي لأغراض سكنية فعلية.
ونلاحظ المرونة في القرار والسهولة من خلال تخصيص سنويًا ما بين 10 آلاف و40 ألف قطعة أرض مخططة ومطورة، بأسعار لا تتجاوز 1500 ريال للمتر المربع، في خطوة واضحة لمواجهة ارتفاع أسعار الأراضي وتوفير حلول سكنية مناسبة.
ومن هنا نشاهد أيضا أن النظام الرقمي للمنصة يؤكد أن أولوية التسجيل لا تمنح استحقاقًا تلقائيًا، ما يعزز العدالة ويضمن تكافؤ الفرص لجميع المتقدمين، ويقلل من تدخل الوسطاء أو الجهات غير الرسمية. وكل هذا ينصب في الحرص والحفاظ على حقوق الآخرين.
وتلخيصا لهذا الجانب تمثل منصة "التوازن العقاري" نقلة نوعية في إدارة الأراضي السكنية، فهي تجمع بين الشفافية الرقمية، وضوابط واضحة لاستحقاق الأراضي، وضمانات لحماية حقوق المستفيدين. كما أنها تؤكد التزام السعودية بتوفير فرص سكنية عادلة ومستدامة، بما يسهم في استقرار السوق العقارية ويعزز العدالة الاجتماعية.
إن نجاح هذه المنصة سيشكل نموذجًا يحتذى به لتوسيع المبادرة إلى مدن أخرى، ويعكس التزام السعودية بتحقيق التوازن بين تطوير القطاع العقاري وحماية حقوق المواطنين، بما يعزز رؤية 2030 في التنمية العمرانية المستدامة وتحسين جودة حياة المواطنين.
لطالما كان العقار في السعودية، من أهم القطاعات التي تنال اهتماماً استثنائياً من الدولة والمواطن والمستثمر على حد سواء، ليس لسبب سوى أنه نجح خلال عقود طويلة مضت، في أن يكون أحد أهم الأوعية الاستثمارية شبه المضمونة، فضلاً عن كونه يوفر منتجات عقارية متنوعة، لا غنى للمواطن والمستثمر عنها، الأمر الذي يعزز استقرار المجتمع، ويسهم في نموه ورخائه.
وتعكس الإجراءات الأخيرة التي أطلقتها الهيئة الملكية للرياض لتعزيز التوازن في القطاع داخل العاصمة الرياض، إلى جانب تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء، الحرص على أن يواصل القطاع دوره المحوري في تنمية المجتمع والارتقاء بالاقتصاد، عبر تقديم خدمات متنوعة بأسعار مناسبة، كما تؤكد أيضاً اهتمامه بمصالح الوطن والمواطن، والتأكيد أيضا على أن السكن حق أصيل للمواطنين، تضمنه الدولة، وتعمل عليه، وتسخر من أجله كل إمكاناتها.
وما كان للدولة أن تتخذ مثل هذه الإجراءات، لولا أنها استشعرت بنفسها ارتفاعات كبيرة في الأسعار داخل العاصمة، يجعل من امتلاك المواطن مسكناً خاصاً، حلماً صعب المنال، لا يقدر عليه إلا ميسورو الحال، ومثل هذا المشهد لا يخدم الاقتصاد الوطني، أو المواطن، وعليه رأت الحكومة في هذه الإجراءات عاملاً مساعداً لتحقيق التوازن بين العرض والطلب في القطاع، فيما ستعزز تعديلات نظام الرسوم، من تداول الأراضي البيضاء، والاستفادة منها، وإيجاد توازن أكبر في منتج الأراضي التي يزداد عليها الطلب، لإنتاج مشاريع عقارية متكاملة.
وحرصت الدولة على تفعيل الإجراءات العقارية الأخيرة، وتعديل نظام رسوم الأراضي، مع الرقابة المكثفة على آلية التنفيذ، من أجل الوصول لتخفيض الأسعار، يفند ما روج له البعض من الذين يجهلون توجهات الدولة، حيث ألمحوا فيها إلى أن غلاء أسعار الأراضي البيضاء يصب في مصلحة مؤسسات في الدولة، تمتلك مساحات شاسعة من الأراضي البيضاء، وتريد أن تكسب من وراء بيعها أموالاً طائلة، ويعزز من تفنيد هذه الشائعات أمر آخر، وهو أن دخل رسوم الأراضي البيضاء، تخصصه وزارة البلديات والإسكان لتطوير مزيد من الأراضي، ما يؤكد أن الدولة تقدم مصلحة المواطن على أي شيء آخر.
وما يلفت الأنظار إلى أن هذه الإجراءات تستشرف المستقبل جيداً، وتعمل من الآن على إيجاد حلول سريعة للإشكاليات المتوقعة، وأعني بذلك النمو المتزايد في أعداد السكان. وبالتالي يحتاج القطاع إلى حزمة من التشريعات والأنظمة والإجراءات، التي تضمن له مواصلة مشاريعه وبرامجه، وزيادة معروضه من المساكن، لاستيعاب الزيادة السكانية المتوقعة.
رئيس التحرير