الأجداد اليوم.. دور محوري في عالم متجدد

الدكتورة سميرة النعيمي

تغيّرت صورة الأجداد في واقعنا اليوم عما كانت عليه في الماضي، فعلى الرغم من انشغالهم بأعمالهم، إلا أنهم كانوا يمضون معظم أوقاتهم بين أبنائهم وأحفادهم، يقدمون لهم التربية والتوجيه من خلال نظراتهم الدافئة وكلماتهم الحكيمة، ويروون القصص الشيقة المليئة بالعبر والقيم. كانوا يحضرون معنا كل اللحظات المهمة، من ولادتنا إلى تخرجنا، ويسهمون بشكل كبير في تشكيل شخصياتنا ووعينا بالحياة.

أما اليوم، فنحن أمام واقع مختلف، حيث نجد أن كثيراً من الأجداد مازالوا على رأس عملهم كموظفين في قطاعات مختلفة، ولم يحصلوا على الفرص التدريبية الأسرية التقليدية نفسها التي حصل عليها أسلافهم. لقد قلّص نمط الحياة العصرية من الوقت المتاح لتجمّع العائلة والتفاعل مع الموروث الثقافي والاجتماعي بشكل مستمر، ما أدى إلى تغير ملحوظ في الدور الذي يلعبه الأجداد في حياة أسرهم.

هذا التغيير زاد من أهمية دور الأجداد في دعم الأجيال الجديدة من الآباء والأمهات، ومساندتهم في التوازن بين العمل والأسرة، ما يستدعي تطوير مبادرات وسياسات حديثة تواكب هذا الدور.

في دولة الإمارات، التي تميزت بريادتها في دعم الأسرة، كان هناك العديد من المبادرات لدعم كبار السن وأبنائهم، إلا أننا نسلط الضوء اليوم على الأجداد بمبادرات مقترحة، تدعم دورهم في الأسرة، مثل استحداث برنامج «إجازات الأجداد الداعمين» لدعم حصول الأجداد على إجازات لمرافقة أبنائهم خلال فترة الولادة والمناسبات الأسرية المهمة، ما يعزز الدعم العاطفي والاجتماعي داخل الأسرة.

إضافة إلى توفير برامج تدريبية للأجداد، تهدف إلى مساعدتهم على تقديم دعم أكثر فاعلية للأجيال الجديدة، بإنشاء أكاديمية خاصة، أو دمجهم ضمن برامج أكاديمية أسرية شاملة لاحتياجات الأسرة، وتفعيل مشروع «الحي الإماراتي النموذجي للأجيال» كسكن متكامل متعدد الأعمار متضمن كل عوامل التقارب وممكنات المجتمع الإماراتي، إلى جانب منصة «حكايات الأجداد» الرقمية لتوثيق قصصهم وتجاربهم، ونقلها إلى الأحفاد، والاستفادة منها، من خلال إشراف جهة مختصة.

إن دعم دور الأجداد في ظل هذه التغيرات ليس مجرد استجابة لواقع جديد، بل هو تأكيد على مكانتهم المهمة، وحفظ لتقاليد الأسرة وقيمها الأصيلة، واستثمار في مستقبل مجتمع إماراتي متماسك ومتلاحم، تتوارث فيه الأجيال حكمة الأجداد، وتتسلح بتجاربهم الثمينة.

*خبيرة شؤون تعليم ومجتمع

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

 

تويتر