الوساطة العقارية في دبي.. سوق تتجاوز الأرقام
الأرقام الصادرة حديثاً عن قطاع الوساطة العقارية في دبي لا تترك مجالاً للشك في أننا أمام سوق لا تهدأ، وبيئة عمل محفّزة تدفع بعجلة النشاط العقاري نحو آفاق أوسع.
في ستة أشهر فقط، سجلت السوق دخول 6714 وسيطاً جديداً، ليصل إجمالي عدد الوسطاء المسجلين في الإمارة إلى 29 ألفاً و577 وسيطاً معتمداً لدى دائرة الأراضي والأملاك في دبي، منهم 10 آلاف و100 امرأة، إلى جانب 1223 مكتب وساطة.
هذا ليس مجرد انتعاش، بل تصاعد استثنائي يعكس حيوية السوق ومدى عمقها، والنقطة الأهم من الأرقام، هي التوسّع اللافت في قاعدة الكفاءات. فوجود 29 ألفاً و577 وسيطاً عقارياً معتمداً، من بينهم أكثر من 10 آلاف امرأة، لا يعني تنامي عدد الممارسين فقط، بل يشير إلى نضج السوق ونموها.
لكن يظل السؤال الجوهري: في هذه الحالة وفي ظل المنافسة الشديدة التي تخلقها هذه الأرقام.. البقاء لمن؟. نظرياً، يمكن اعتبار ارتفاع عدد الوسطاء دلالة على حيوية السوق وثقة العاملين به، لكن عملياً، هناك حدود غير معلنة تتعلق بالطلب الحقيقي، وعدد المشاريع، وعدد المشترين الفعليين، وحجم الصفقات القابلة للتوزيع بين هذا العدد الهائل من الوسطاء. فالتحدي الحقيقي لا يكمن في عدد الوسطاء، بل في معايير الممارسة، وتنظيم السوق بطريقة تضمن الاستدامة والاحترافية. فقوة سوق عقارات دبي اليوم تُقاس بعدد الكفاءات القادرة على تقديم قيمة مضافة وليس بعدد من يعمل فيها فقط، والقطاع العقاري في دبي اليوم يحتاج أكثر إلى «وسطاء محترفين» يليقون باسمه العالمي ومكانته الاستثمارية، وعليه يمكن القول إن البقاء ليس لمن يملك الرخصة.. بل لمن يملك الكفاءة ويستمر فعلاً.
سيكون البقاء للوسيط المحترف الذي يدرك جيداً حجم ثقل سوق دبي، وأن الوساطة ليست مجرد فرصة مؤقتة للربح السريع بل هي التزام وجهد في مراقبة حركة الأسعار، المناطق الواعدة، الأنظمة القانونية، والتغيرات اليومية في العرض والطلب. البقاء للوسيط الذي يبني علاقات طويلة الأجل مع عملائه من باب الثقة والمصداقية. أما من يرى في الوساطة فرصة لربح مؤقت وسريع، ولا يعرف قيمة البيانات والتحليل في اتخاذ القرار، ويعمل بطرق غير مهنية لجذب المتعاملين، فهذا سيستبعد من المنافسة ولن يستمر في السوق، لأن سوق عقارات دبي، اليوم، تكافئ المحترفين فقط.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه