ما وراء صمت الأبناء 1
قد يبدو صمت الأبناء في مجلس العائلة أمراً عادياً، وربما يُفسَّر بأنه نوع من الأدب والاحترام، كما اعتدنا في ثقافتنا التقليدية. لكن اليوم، وفي ظل التغيّرات المجتمعية المتسارعة، لابد أن نُعيد النظر في هذا الصمت، فهو كمؤشر قد يُخفي وراءه أبعاداً نفسية واجتماعية أعمق.
لكن حتى لا نقع في أحكام متسرعة، علينا أولاً أن نسأل: هل هذا الصمت قديم ومتجذّر، أم أنه سلوك طارئ ظهر بشكل تراكمي؟ هذا السؤال مفتاح مهم للفهم والتعامل الصحيح.
1. عدم الراحة أو القلق الاجتماعي
في بعض الحالات، يكون الصمت ناتجاً عن شعور الابن بعدم الراحة، ربما لوجود شخص معيّن في المجلس، أو لعدم ارتياحه للمناسبات العائلية عموماً، خصوصاً في ظل التباعد الاجتماعي الذي قلّص فرص التفاعل الأسري، الحل هنا يكون بتوفير بيئة متوازنة في مجلس العائلة، من حيث الفئات العمرية ومستوى الطرح، ليشعر الجميع بالانتماء والمشاركة من دون تهميش أو إحراج.
2. الخوف أو الرهاب الاجتماعي
قد يُخفي الصمت خلفه اضطراباً نفسياً، مثل الرهاب الاجتماعي، وهو حالة تستدعي التدخل من قِبل متخصصين نفسيين، لاسيما إذا كان الصمت شديداً ومستمراً، ولا ينبغي الاستهانة بهذه المؤشرات، فالصحة النفسية تستحق الاهتمام ذاته الذي نمنحه للصحة الجسدية.
3. الخجل والصمت الانتقائي
الخجل المفرط قد يدفع الطفل إلى ما يُعرف بـ«الصمت الانتقائي»، حيث يختار السكوت في بيئات اجتماعية محددة، وهنا لابد من دعم الأبناء تدريجياً لكسر حاجز الخجل، بدءاً من محادثات ثنائية، ثم توسيع الدائرة بالتدريج، إلى أن يُبنى لديهم شعور بالثقة والانطلاق.
4. هموم مخفية أو صدمات صامتة
عندما يطرأ الصمت فجأة على شخص اجتماعي بطبعه، ففي الأغلب يكون وراءه أمر مقلق، قد يكون الطفل قد تعرّض لتجربة مؤذية، مثل: التنمر، والتحرش، والابتزاز، والاكتئاب، والشجار أو حتى مشكلة قانونية يخفيها عن العائلة، وفي هذه الحالة، من الضروري التحاور مع الفرد بتفهم واحتواء، لا بلوم أو عتاب.
*عضو سابق في المجلس الوطني الاتحادي
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه