يشهد غرب ليبيا احتقاناً بعد أن أقدم محتجون على غلق مستودع الزاوية النفطي، ما تسبب في تعطل تدفق البنزين على منطقة الساحل الغربي، وأثار مخاوف جدية من تفجر الوضع.
وقالت شركة البريقة لتسويق النفط "إن غلق المستودع حال دون استمرار عمليات التوزيع المنتظمة"، داعية السلطات إلى التدخل العاجل لمعالجة الخلاف مع إحدى شركات التوزيع.
وهذه حلقة جديدة من حلقات أزمة النفط في ليبيا، حيث تشهد باستمرار غلقا للحقول والموانئ والخزانات من قبل محتجين وغير ذلك.
وعلق عميد كلية العلوم الاقتصادية والسياسية بجامعة نالوت، إلياس الباروني، على الأمر بالقول، إن "هذه الأزمة تكشف أبعادا أعمق من مجرد نقص في البنزين".
وأرجع الباروني في تصريح لـ"إرم نيوز" أسباب الأزمة إلى "هشاشة البنية المؤسسية في الدولة"، لافتا إلى أن "ما جرى في مستودع الزاوية يوضح مدى ضعف قدرة الدولة على حماية المرافق الحيوية وضمان استمرارية الخدمات الأساسية وتعطيل التوزيع بسبب احتجاج أو غير ذلك".
وأضاف، أن "النفط تحوّل إلى أداة ضغط سياسية واجتماعية في ليبيا، حيث تستخدم بعض الجماعات النفط كسلاح للضغط وورقة للمساومة تستخدمها أطراف قبلية أو مسلحة أو حتى سياسية من أجل الضغط على الحكومة المركزية أو المؤسسة الوطنية للنفط، وهذه السابقة تتكرر؛ ما يرسخ سلوك ابتزاز الدولة لتحقيق مطالب معينة".
وشدد على أن الأزمة تعكس شعورًا عميقًا بالتهميش وانعدام العدالة في توزيع الثروة، مما يجعل أي خلاف بسيط قابلًا للتصعيد والتأثير على توزيع النفط. وأضاف أن هذه التطورات توجه إشارة سلبية إلى الشركات الدولية.
وتوقع الباروني، أن تقود هذه التطورات إلى نقص حاد في الوقود، ما يرفع الأسعار ويزيد من نشاط السوق السوداء. وقد يؤثر ذلك على الأنشطة الإنتاجية وقطاع النقل، ما يؤدي إلى ارتفاع مستوى التضخم والضغط على المستوى المعيشي للمواطنين.
واستنتج أنه إذا لم تُحل الأزمة بسرعة، فقد تخلق بؤر توتر بين بعض المدن مثل الزاوية والمدن المجاورة لها، وقد تؤدي كذلك إلى اشتباكات مسلحة.
وتجدر الإشارة إلى أن مستودع الزاوية، الذي يضم إحدى أكبر المصافي في ليبيا، يعتبر مركزا رئيسيا لتزويد المنطقة الغربية بالوقود، وأي شلل يصيب نشاطه ينعكس على إمدادات البنزين.
وقال الباحث في العلاقات الدولية، بشير الجويني، إن "موضوع الطاقة في ليبيا بشقيه إنتاجا واستهلاكاً مهم؛ لأن ليبيا تنتج نحو 1.2 مليون برميل يومياً، وعدد السكان فيها لا يتجاوز 7 ملايين نسمة، لكنها تشهد مشكلات هيكلية، لأن سعر النفط والبترول فيها ثاني أرخص سعر في العالم ما يجعل الوقود معرّضا للتهريب إلى كل الوجهات".
وأضاف الجويني في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "شركات توزيع الوقود تمثّل مشكلة ثانية في ليبيا في قطاع الطاقة، وهي مرتبطة بحاجة السوق وما عبّرت عنه عديد التقارير من بينها تقارير لديوان المحاسبة أكدت أن هناك طفرة في استغلال الوقود في ليبيا في السنوات الأخيرة، وهي طفرة لا تتناسب مع عدد السكان ولا مع حاجيات الاقتصاد الليبي".
وأكد أن المشكلة الثالثة تتمثل في إغلاق الحقول والصمامات والموانئ والخزانات، ما يؤدي إلى إرباك السوق المحلية. وأضاف أن ذلك يتسبب أيضًا في حالات هلع لدى المواطنين بسبب انقطاع الوقود أو حتى الشائعات المتعلقة بذلك.