الجيش الإسرائيلي يعلن عن مهاجمة مستودع أسلحة لحماس بمدينة غزة
هزت الضربة الإسرائيلية على الدوحة، دور قطر كوسيط رئيس في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وأثارت تساؤلات حول سيادة الدولة وقدرتها على ضمان بيئة آمنة للمفاوضات.
وأثارت العملية بدورها مخاوف حول مسار المفاوضات الهشة بين إسرائيل وحماس، وإمكانية تحول الحركة الفلسطينية نحو خيارات أكثر صرامة أو حتى الاعتماد على أطراف إقليمية متشددة، بحسب صحيفة "جيروزالم بوست".
وقال الدكتور أفنير ساعر، الخبير في إدارة المفاوضات ونماذج حل النزاعات بالشرق الأوسط، والمحاضر في الكلية الأكاديمية للجليل الغربي، لصحيفة "معاريف" اليوم الأربعاء، إن الضربة الأخيرة على فيلا كان يجتمع فيها كبار مسؤولي حماس قد تؤدي إلى زعزعة استقرار المفاوضات الإقليمية. وأشار إلى أن العملية تضر بدور قطر كوسيط دبلوماسي رئيس في المنطقة.
نفّذ جيش الدفاع الإسرائيلي وأجهزة الأمن الإسرائيلية الغارة بهدف استهداف قادة حماس، وفق ساعر، موضحًا أن نتائج العملية لا تزال محل خلاف.
فقد أعلنت حماس نجاة قياداتها الرئيسيين، بينما قُتل ابن خليل الحية وجُرح عدد من أفراد عائلته، كما قتل عناصر من رتب أدنى وضابط أمن قطري.
وأضاف ساعر: "تحول دولة كانت تستضيف قمة إقليمية إلى منطقة قصف يثير تساؤلات حادة حول احترام السيادة والقدرة على التفاوض في بيئة آمنة".
وأوضح أن قطر ردّت على العملية بإدانة قوية، وتعليق مشاركتها كوسيط، وهو ما يمثل محاولة لتأكيد سيادتها ومكانتها الإقليمية.
وأشار إلى أن القمة العربية التي عقدت في الدوحة في 14 سبتمبر/أيلول 2025، كانت مخصصة لمعالجة الاستقرار الإقليمي وتعزيز دور الوساطة القطرية، لكنها تضررت بسبب العملية العسكرية، مما أجبر الدبلوماسيين على إعادة تقييم جدول الأعمال وأولوياتهم.
تسببت الضربة في خلق معضلة داخلية لدى حماس، بحسب ساعر؛ فمن جهة، أظهرت العملية ضعف الحركة حتى في عاصمة صديقة، ما قد يدفعها لتقوية مواقفها في المفاوضات لإظهار قوتها.
ومن جهة أخرى، أدّى فقدان أفراد من عائلات المسؤولين إلى ضغوط للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتسهيل إعادة الإعمار.
كما أشار ساعر إلى أن تآكل الثقة في قطر قد يدفع حماس إلى البحث عن ضمانات من دول أخرى، مثل تركيا أو إيران، ما قد يعيد تشكيل ديناميات الوساطة الإقليمية.
وأضاف: "المعركة على النفوذ في مسار المفاوضات أصبحت أكثر تعقيدًا، وقد تتأثر خيارات الحركة الفلسطينية بالضغوط الداخلية والخارجية على حد سواء".
أوضح ساعر أن الولايات المتحدة، التي بادرت بإطار وقف إطلاق النار، يُتوقع منها تعزيز دورها لمنع انهيار العملية. في المقابل، يبدو الاتحاد الأوروبي مترددًا في الاستثمار في إعادة إعمار غزة في ظل حالة عدم اليقين الدبلوماسي الحالية.
وقال ساعر إن الضربة تُظهر مرة أخرى التحدي المستمر بين العمل العسكري والتداعيات السياسية، مشيرًا إلى أن التاريخ يعلمنا أن محاولات القضاء على قيادة حماس لا تضمن نجاحًا دائمًا، مستشهداً بعملية "قطف شقائق النعمان" عام 2003 كمثال على التداعيات السياسية المحتملة للعمليات المستهدفة.
كما تتضمن السيناريوهات المستقبلية، بحسب ساعر، تصلب مواقف حماس، أو اتفاقًا تحت الضغط، أو تصعيدًا إقليميًا أوسع.
وأوضح أن الضربة لم تُعطّل المفاوضات فحسب، بل ألقت بظلالها أيضًا على القمة العربية نفسها.
وأضاف: "تواجه إسرائيل الآن خيارًا استراتيجيًا: إما مواصلة العمليات العسكرية إلى جانب الدبلوماسية، أو الاستثمار في الحفاظ على ما تبقى من المسار الدبلوماسي؛ والسؤال المحوري هو: هل يستطيع الوسطاء الإقليميون والدوليون استعادة الثقة، أم أن القمة ستُذكر في المقام الأول على أنها مقدمة لجولة أخرى من التصعيد؟"
تشير الضربة الإسرائيلية في الدوحة إلى مرحلة دقيقة في مفاوضات الشرق الأوسط، حيث تتشابك الاعتبارات العسكرية مع الدبلوماسية الحساسة.
كما تكشف عن هشاشة الوساطة الإقليمية وأهمية احترام سيادة الدول المضيفة، وتطرح أسئلة حول استقرار الدور القطري كوسيط، ومستقبل المفاوضات بين إسرائيل وحماس في ظل الضغوط الداخلية والإقليمية والدولية المتصاعدة.