قصف مدفعي إسرائيلي بمحيط مفترق الغفري في شارع الجلاء بمدينة غزة

logo
العالم

ينسف فرص التسوية.. ترامب يفتح الطريق لتصعيد إسرائيلي في غزة "بلا قيود"

ينسف فرص التسوية.. ترامب يفتح الطريق لتصعيد إسرائيلي في غزة "بلا قيود"
نازحين من مدينة غزةالمصدر: نيويورك تايمز

في خضمّ الهجوم البري الواسع الذي تشنه  إسرائيل على مدينة غزة المكتظّة بالسكان، يبرز موقف الرئيس الأمريكي دونالد  ترامب باعتباره عاملًا حاسمًا في رسم ملامح المعادلة السياسية والعسكرية الدائرة هناك. 

فبينما تبدي عواصم كبرى قلقًا متزايدًا من الخسائر البشرية وخطر إطالة أمد الحرب، يكتفي ترامب بلغة ملتبسة تمنح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساحة أوسع للمضي قُدمًا دون خشية من ضغط أمريكي مباشر، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".

وعلى عكس نهج إدارة جو بايدن، التي كانت لوّحت عام 2024 بوقف شحنات أسلحة إذا لم تقدّم إسرائيل خطة واضحة لحماية المدنيين خلال استعدادها لهجوم على رفح، يظهر ترامب متحرّرًا من أي التزام مشابه.

ففي تصريحات مقتضبة أمام البيت الأبيض هذا الأسبوع، قال إنه "لا يعرف الكثير" عن العملية الجارية في غزة، مؤكدًا أنه لم يناقشها بعد مع نتنياهو؛ ما اعتبره مراقبون ضوءًا أخضر ضمنيًّا لتوسيع العمليات.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

ترامب يتولى المفاوضات بنفسه.. هل ينجح في صنع السلام بين موسكو وكييف؟

من جانبه، يرى دانيال كورتزر، السفير الأمريكي الأسبق لدى إسرائيل، أن الرئيس الأمريكي الحالي "يريد إنهاء الحرب وإعادة الرهائن، لكنه لا يمتلك إستراتيجية ولا رغبة في الضغط على نتنياهو"، مضيفًا أن تهديدات ترامب الموجهة إلى حماس تُترجَم في تل أبيب كإذن بمواصلة الحملة العسكرية.

غياب إستراتيجية واضحة

تسعى واشنطن، وفق ما يُعلنه وزير خارجيتها ماركو روبيو، إلى "الإنصات أكثر من التحدث"، في إشارة إلى حرص الإدارة على عدم الظهور بمظهر الطرف المملي على إسرائيل. 

وتجنّب روبيو، الذي رافق نتنياهو في مؤتمر صحفي بالقدس، أي تعبير عن القلق إزاء تداعيات العملية على المدنيين أو الرهائن، مكتفيًا بتوجيه الإنذار لحماس بأن "الوقت ينفد" أمام اتفاق سلام.

هذا الموقف يقارن بوضوح بزيارات وزير الخارجية السابق أنتوني بلينكن خلال ولاية بايدن، حيث كان يواجه نتنياهو بمطالب صريحة بشأن المساعدات الإنسانية وضرورة ضبط العمليات العسكرية، حتى لو دفع ذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى تجنّب الظهور معه علنًا.

أخبار ذات علاقة

 الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

دبلوماسيون إسرائيليون: صبر ترامب على الحرب في غزة بدأ ينفد

ويبدو أن حسابات ترامب الانتخابية تلعب دورًا في رسم خطابه. فنتنياهو يحظى بمكانة شبه أسطورية لدى شريحة واسعة من الجمهوريين، بينما تظل الأصوات الناقدة – مثل النائبة مارجوري تايلور غرين التي وصفت الحرب في غزة بـ"الإبادة الجماعية" – استثناءً لا قاعدة.

 ويخشى ترامب، وفق محللين، أن يضرّ أي صدام علني مع نتنياهو بقاعدته المحافظة في عام انتخابي حاسم.

حتى عندما تناول تقارير عن سوء التغذية بين الأطفال الفلسطينيين في يوليو الماضي، مكتفيًا بحثّ إسرائيل على تسهيل دخول المساعدات، سرعان ما خفتت نبرته في الأسابيع الأخيرة، رغم تحذيرات منظمات الإغاثة من نقص كارثي في الغذاء والدواء.

رهانات إقليمية مهددة

غياب الضغط الأمريكي الفعّال قد تكون له تداعيات أوسع على سياسة واشنطن في الشرق الأوسط. فالجمعية العامة للأمم المتحدة تستعد للنظر في اعتراف رمزي بالدولة الفلسطينية، خطوة تثير حفيظة اليمين الإسرائيلي الذي يلوّح بضم أجزاء من الضفة الغربية.

فمثل هذا القرار قد يُقوّض شبكة العلاقات التي أرساها نتنياهو عبر "اتفاقيات إبراهيم"، ويُبعد احتمال تطبيع العلاقات مع السعودية – "الجائزة الكبرى" التي حلم ترامب بإدراجها ضمن سجله الدبلوماسي.

أخبار ذات علاقة

عمليات هدم سابقة

مواجهات عنيفة بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في النقب (فيديو)

في السياق، يصف إيلان غولدنبرغ، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، المشهد بقوله: "كان هناك أمل بأن يستخدم ترامب وقف إطلاق النار الذي ساعد على التفاوض عليه نهاية 2024 كقاعدة لإنهاء الحرب؛ لكن بدلًا من ذلك، بدا كأنه يمنح نتنياهو شيكًا مفتوحًا".

يضع التصعيد الإسرائيلي في غزة، متزامنًا مع حساسية ملفات الضفة الغربية، ترامب أمام اختبار حقيقي: هل يواصل نهج "التسامح" الذي اتبعه حتى الآن، أو يفرض قيودًا على حليفه الإسرائيلي للحفاظ على فرص التسوية وحماية صورة الولايات المتحدة الدولية؟

حتى الآن، تشير المؤشرات إلى أن ترامب يفضّل تجنّب الصدام المباشر مع نتنياهو، مفضّلًا إبقاء يده حرّة على المسرح الدولي، ولو على حساب تقليص نفوذ بلاده في إدارة أزمات الشرق الأوسط. 

ومع استمرار المعارك في غزة، يتزايد الرهان على ما إذا كان الرئيس الأمريكي سيبقى متفرجًا أم سيتحرك لإعادة التوازن إلى أحد أعقد النزاعات في المنطقة.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC