ترامب: الذهب لن يخضع لرسوم جمركية

logo
العالم
خاص

ورقة موسكو "الذهبية".. صعود "البديل" في ألمانيا ينذر بتفكيك الجبهة الأوروبية

ورقة موسكو "الذهبية".. صعود "البديل" في ألمانيا ينذر بتفكيك الجبهة الأوروبية
مؤيدون لحزب البديل من أجل ألمانياالمصدر: رويترز
04 أغسطس 2025، 11:55 ص

رغم التكتم الرسمي الروسي عن "الابتهاج العلني" بشأن صعود الحزب اليميني المتطرف "البديل من أجل ألمانيا"، سواء في الانتخابات المبكرة الأخيرة، أو في استطلاعات الرأي الحديثة، غير أن ذلك لا يلغي أن موسكو تنظر بعين الرضا والارتياح إلى هذه "القوة الناعمة" التي تتشكل في قلب أوروبا.

أخبار ذات علاقة

ألمانيا تسلّم منظومتي صواريخ "باتريوت" لأوكرانيا

ألمانيا تسلّم منظومتي صواريخ "باتريوت" لأوكرانيا

وحقق الحزب البديل في الانتخابات الأخيرة التي جرت في شباط/ فبراير الفائت نتائج "تاريخية" إذ حلت في المرتبة الثانية على مستوى ألمانيا بعد التحالف المسيحي (الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاتحاد المسيحي الاجتماعي)، بحصوله على أكثر من 20% من أصوات الناخبين.

واعتبرت هذه النتجة "تاريخية" لأنها تضاعفت قياسًا إلى انتخابات عام 2021، كما أن الحزب يعتبر وليد النشأة قياسًا الى أحزاب ألمانيا التقليدية المكرسة، إذ تأسس في 2013، وهو ما ينبئ بأن الحزب يطمح، مستقبلًا، إلى أبعد مما حققه حتى الآن، وفي فترة زمنية قياسية.  

ولا يخفي الحزب، كما هو معلوم، سياساته وبرامجه المناهضة للهجرة، ورفض استقبال المزيد من اللاجئين، ويشهر كراهيته للمسلمين ويناهض سياسات مؤسسات التكتل الأوروبي...وغيرها من الطروحات "المثيرة للجدل".

لكن ما يهم في برامج الحزب، فيما يتعلق بالنزاع الروسي الأوكراني، هو أن الحزب يعارض علنًا دعم برلين لأوكرانيا بالمال والسلاح، خصوصًا أن ألمانيا هي الدولة الثانية بعد الولايات المتحدة من حيث حجم الدعم المقدم لكييف، ويعارض كذلك فرض عقوبات على موسكو، ويدعو بدلًا من ذلك إلى التقارب مع الكرملين.

وترى مصادر خاصة أنه في ضوء هذه البرامج، فإن أخبار صعود الحزب تشكل مصدر رضا وابتهاج لموسكو التي تراهن على "القوة الناعمة" التي تتشكل في قلب القارة، وهو ما يهدد بإحداث تصدعات في الموقف الأوروبي الموحد حيال الحرب الأوكرانية؛ ما يثير قلق الأوروبيين، فيما يشيع ارتياحًا في أروقة الكرملين.

الانعكاسات والتداعيات!

وفي ظل عجز موسكو عن اقناع الأوروبيين بروايتها الرسمية بشأن نزاعها مع أوكرانيا، فإن صعود البديل وغيرها من الأحزاب اليمنية الشعبوية، يوفر لروسيا خيارًا بديلًا يقوي موقفها وسياساتها.

وتشير المصادر إلى أن صعود "البديل" يسهم في تقليص الدعم الألماني، والأوروبي عمومًا لأوكرانيا، ذلك أن برنامج الحزب الذي يرفض "الدعم" هو الذي يفسر نسبة التصويت العالية التي حظي بها الحزب في الانتخابات الأخيرة.

ولا شك أن مثل هذه النتائج، بحسب المصادر، تجبر الأحزاب التقليدية المكرسة على مراجعة الدعم السخي لأوكرانيا، معتبرة أن ارتفاع رصيد الحزب قد يؤدي في النهاية إلى وقف الدعم.

وما يبهج موسكو كذلك، بحسب المصادر، هو أن صعود حزب البديل في ألمانيا، وكذلك صعود أحزاب يمينية مماثلة في بلدان القارة العجوز، يخلق شرخًا داخل القارة التي تتكئ في دعمها لأوكرانيا على وحدة الموقف، وعلى التنسيق والتعاون في هذا الملف.

ومن تداعيات صعود البديل، كما تلاحظ المصادر الخاصة، هو تعزيز الرواية الروسية الرسمية بشأن الحرب، وإضعاف الخطاب الرسمي الأوروبي، فالحزب يتنبى خطابًا متعاطفًا مع موسكو.

من هنا، ووفقًا للمصادر، فإن صعود الحزب يمنح شرعية داخل أوروبًا عمومًا لتلك الأصوات التي تحمّل الغرب مسؤولية التصعيد، وهو يعزز الرواية الروسية ضد القارة، ويُلهم أحزابًا شعبوية أخرى مثل "التجمع الوطني" في فرنسا أو "حزب الحرية" في النمسا لاتخاذ مواقف مشابهة.

كما أن هذا الصعود يحمّل الأحزاب التقليدية الحاكمة، كما الحال في ألمانيا، ضغوطات متزايدة، فهي مجبرة على تقديم تبريرات مقنعة لمواطنيها، وخصوصًا أولئك المتضررين اقتصاديًّا والذين يشعرون بالتهميش، بشأن الدعم الذي تقدمه لأوكرانيا، لكي لا تتهم بإهمال الأولويات.

أخبار ذات علاقة

هل ينقلب تصنيف "حزب البديل" على النظام الديمقراطي في ألمانيا؟

هل ينقلب تصنيف "حزب البديل" على النظام الديمقراطي في ألمانيا؟

وفيما تزداد الأعباء المعيشية للأوروبيين، بينما يواصل قادتهم دعم كييف بالمال والسلاح، فإن برامج حزب البديل، في هذه الحالة، تمثل "طوق نجاة" لهم، وهو ما يفقد الأحزاب التقليدية أصوات الكثير من الناخبين الذين يرددون مع قادة حزب البديل: "حرب أوكرانيا، ليست حربنا".

ورغم أن الحزب يُستبعد حاليًّا من الائتلافات الحكومية في ألمانيا رغم النتائج المتقدمة التي تحققها، لكن قد تتغير الأوضاع بحيث يشارك الحزب في حكومات مستقبلية وهو ما سيعني انقلابًا جذريًّا في السياسة الألمانية سواء على مستوى الداخل أو فيما يتعلق بالشأن الخارجي.

ووفقًا لِما سبق، فإن موسكو تنظر إلى صعود حزب البديل بإيجابية وبنظرة إستراتجية، إذ تَعتبر هذا الصعود فرصة لتقويض وحدة أوروبا والغرب عمومًا.

وغالبًا ما يصف الإعلام الروسي سياسات حزب البديل بـ"الواقعية والعقلانية" في مقابل ما تسميه بـ"الخطاب الجنوني والتحريضي" للغرب.

ويسعى الإعلام الروسي، وكذلك النخب السياسية الروسية إلى إظهار أن صعود البديل هو نتيجة لفشل السياسات الليبرالية الغربية، دون أن تتبنى رسميًّا سياسات الحزب كي لا تُتهم بالتدخل في شؤون دول أخرى.

أخبار ذات علاقة

الاستخبارات الألمانية تعلّق تصنيف حزب البديل "كيانا متطرفا"

الاستخبارات الألمانية تعلّق تصنيف حزب البديل "كيانا متطرفا"

وتنفي المصادر الخاصة وجود أدلة مؤكدة على دعم مباشر من روسيا للحزب، لكن تقارير استخبارية ألمانية تشير إلى محاولات روسية للتأثير عبر الإعلام والدعاية المضادة لدعم مواقف حزب البديل، بل يعزو بعض المراقبين جانبًا من صعود البديل إلى الآلة الدعائية الروسية.

وما يعزز مثل هذه المقاربة هو وجود علاقات ثقافية وشخصية بين بعض نواب حزب البديل من أجل ألمانيا وشخصيات روسية نافذة أو مقربة من الكرملين.

وتستثمر موسكو هذا الصعود للأحزاب اليمينية كأدوات لتكريس روايتها داخل المجتمعات الأوروبية، بهدف إضعاف الدعم الشعبي الأوروبي لأوكرانيا بمرور الوقت، فما عجزت عنه موسكو عبر الجهود الدبلوماسية المكثفة، قد تحققه أحزاب اليمين الأوروبي، بأقل التكاليف، وفقًا للمصادر الخاصة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC