أعلنت باكستان وإيران رفع سقف طموحاتهما الاقتصادية، محددتين هدفًا سنويًا للتبادل التجاري يصل إلى 8 مليارات دولار، ما يعادل أكثر من 3 أضعاف المستوى الحالي.
جاء الإعلان بعد قمة ثنائية ساخنة جمعت وزير التجارة الباكستاني جام كمال خان، ونظيره الإيراني محمد أتابك، في وقت تُحاصر فيه المنطقة بالتحديات الجيوسياسية والعقوبات الغربية والضغوط الاقتصادية المتزايدة.
الوزيران أكدا أن التقارب الجغرافي لم يعد مجرد واقع جغرافي، بل تحوّل إلى رافعة اقتصادية، مع توجّه البلدين إلى تسريع عقد لجنة التعاون الاقتصادي المشتركة لوضع خريطة طريق جديدة لمشاريع كبرى تشمل قطاعات الزراعة، الطاقة، اللوجستيات، والثورة الرقمية.
وفي خطوة رمزية لا تخلو من البُعد الاستراتيجي، ناقش الطرفان فتح معابر تجارية جديدة وتعزيز البنى التحتية الحدودية، لتسهيل حركة السلع والخدمات عبر الممرات الحيوية التي تربط إيران بجنوب آسيا والخليج.
تصريحات نارية من كبار المسؤولين
وقال جام كمال خان: "العلاقات بين باكستان وإيران لم تعد محصورة في المجاملات الدبلوماسية، نحن نبني تحالفًا اقتصاديًا يعيد التوازن الإقليمي.
أما الوزير الإيراني أتابك فأعلن بلهجة واثقة: "التكامل الاقتصادي بين طهران وإسلام آباد هو السبيل للاستقرار في جنوب آسيا والشرق الأوسط، والتجارة المشتركة ستكون العمود الفقري لهذه الرؤية.
في دفعة قوية للعلاقات الثنائية، وقّعت باكستان وإيران 12 اتفاقية ومذكرة تفاهم شملت طيفًا واسعًا من مجالات التعاون المشترك، بحسب ما أوردته إذاعة باكستان.
وتوزعت الاتفاقيات بين القطاعات الزراعية والاقتصادية والتكنولوجية والثقافية، إذ تم الاتفاق على تعزيز التعاون في مجال الحجر النباتي وحماية النباتات، والاستخدام المشترك لمنفذ "ميرجفا–تفتان" الحدودي، إلى جانب تطوير الشراكة في العلوم والتكنولوجيا والابتكار، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وشملت المذكرات أيضًا دعمًا متبادلاً في مجالات الثقافة والفنون والسياحة والشباب ووسائل الإعلام، بالإضافة إلى التعاون في الأرصاد الجوية، والمخاطر المناخية، والسلامة البحرية، ومكافحة الحرائق.
كما تم توقيع مذكرة تفاهم قضائية تتعلق بالمساعدة في القضايا الجنائية، وأخرى تكميلية لاتفاقية الخدمات الجوية الموقعة سابقًا عام 2013، إلى جانب اتفاقيات حول الاعتراف بشهادات المنتجات، والتفتيش، والاختبار، والتعاون السياحي للفترة 2025–2027.
واختتم الجانبان بتوقيع بيان وزاري مشترك يعبّر عن نية التوصل إلى اتفاقية تجارة حرة بين البلدين في أقرب وقت.
بحسب تقديرات رسمية، لم يتجاوز حجم التجارة الحالي بين البلدين 2.8 مليار دولار، ما يجعل هدف 8 مليارات أقرب إلى قفزة نوعية تتطلب قرارات سياسية جريئة وآليات تنفيذية صارمة.
كانت الدولتان أكدتا سابقًا اتفاقًا مماثلاً لرفع حجم التبادل إلى 10 مليارات دولار على مدى الأعوام المقبلة، في إطار الخطة الاقتصادية التوسعية.
الخطوة التالية تتضمن إنشاء مجموعات عمل مشتركة لتفكيك العقبات الجمركية، وفتح الممرات الجوية والبحرية والبرية أمام التبادل الحر، في وقت تسعى فيه طهران لتقليل اعتمادها على الأسواق الغربية، وتعزز باكستان مسارات بديلة في ظل التنافس مع الهند والصين.
وتأتي هذه التحركات في ظل تقارب لافت في المواقف السياسية بين طهران وإسلام آباد حول ملفات غزة وكشمير، في مقابل محور غربي يتوسع في دعم الهند وتطويق النفوذ الإيراني.