* د.أحمد مجدي ناقد وعضو هيئة تدريس بقسم الدراما والنقد المسرحي بكلية الآداب جامعة عين شمس
قضية اختفاء غامضة تتصدر اهتمام كل من في البلدة، عندما يختفي 17 طفل من فصل دراسي واحد باستثناء طفل يدعى أليكس، فجأة بين ليلة وضحاها، بعد أن رصدت كاميرات المراقبة خروج الأطفال الساعة 2:17 صباحًا من أسّرتهم يهرولون بسرعة ويفتحون ذراعيهم وكأنهم يعانقون شخصًا ما، يتجهون جميعًا نحو نقطة التقاء مجهولة، وفي لمح البصر يختفي كل الأطفال فتضج البلدة بالذعر والخوف والقاء التهم على جاستن (تلعب دورها Julia Garner) معلمة الفصل، والمعروفة بسلوكها المريب وشخصيتها غريبة الأطوار وشربها المستمر للمواد الكحولية، وقد قام المخرج زاك كريجر Zach Cregger بتصدير تلك الفكرة حتى يبعد كل الشبهات عن السبب الأصلي لاختفاء الأطفال، حيث يتساءل الجميع هل تم اختطافهم أم اتفقوا سويًا على الهرب معًا؟
تابعوا قناة FilFan.com على الواتساب لمعرفة أحدث أخبار النجوم وجديدهم في السينما والتليفزيون اضغط هنا
كانت هذه حبكة فيلم أسلحة Weapons الذي نجح في شباك التذاكر نجاحًا ساحقًا بوصفه أفضل أفلام الرعب في عام 2025، وعندما ترى الفيلم ستجد أن القصة لم تكن هي البطل الرئيسي للأحداث، بل طريقة السرد نفسها المبتكرة حيث تروي أحداث الفيلم من وجهات نظر متعددة لسكان البلدة: مُعلمة الأطفال المختفين. والد أحد الأطفال ويدعي آرتشر (يلعب دوره جوش برولين). وضابط شرطة محلي تربطه علاقة مع المعلمة جاستن. وشخص مشرد يُلقي ضابط الشرطة القبض عليه، وأخيرًا الطفل أليكس. حيث يرى الجمهور حادثة اختفاء الأطفال من وجهة نظر الخمس شخصيات تباعًا وتبدأ الأحجية والألغاز في الحل بشكل تدريجي عندما ننتقل من وجهة نظر إلى الأخرى، وهو تكنيك سينمائي معروف يسمى بتعدد منظورات السرد، وكانت المفاجأة أن يتم تطبيقه داخل فيلم رعب جديد بعيدًا عن وسائل السرد الخطية التقليدية (السرد المتتابع) حتى يشعر الجهور بالقلق والانتظار أكثر، وعدم توقع السيناريو الصحيح لاختفاء الأطفال.
في بداية لحظات السرد تتجه الأعين كلها صوب المعلمة التي من المحتمل أن تكون سببًا في اختفاء الأطفال، ولكن يتم استبعاد تلك الفرضية بعد مرور فترة من أحداث الفيلم، عندما نرى القصة من منظور مدير المدرسة الذي يتحول فجأة إلى كائن وحشي مجنون يحاول الهجوم على جاستن وقتلها، وكأنه ممسوس من الجن، وهنا يتدخل أرتشر والد أحد الأطفال وينقذ جاستن، وما يلفت انتباهه أن المدير كان يهرول بنفس الطريقة التي كان يهرول بها ابنه والأطفال قبل اختفاؤهم، لذلك يعقد العزم على استبعاد فرضية تورط جاستن في قضية اختفاء الأطفال، ويبدأ العمل معها لمراقبة منزل الطفل أليكس، وهو الولد الوحيد الذي لم يختفي من الفصل.
في هذه الأثناء، يُعاني أليكس من أشياء غريبة تحدث في منزه، حيث نعرف من القصة الخامسة (منظور أليكس للقصة) السر المروع الذي يخفيه، حيث تنتقل عمته المريضة غلاديس للعيش مع عائلته وتستولي على منزله. وباستخدام نوع من السحر، تستحوذ على والديّ أليكس وتحاول استخدامهم كقوة حياة لعلاج مرضها المزمن، حيث أن العمة تلعب دور مشعوذة تعتقد في القوى الغيبية والسحر الأسود التي تستخدمه للعودة إلى سابق عهدها، بعد أن سيطرت على والديّ أليكس، وعندما تكتشف أن هذا لا يكفي، تستخدم سحرها لاستدعاء الأطفال في إحدى الليالي. يهربون من المنزل، عبر البلدة الصغيرة، إلى منزل أليكس، حيث تُبقيهم عمته غلاديس في القبو لاعتقادها أن ذلك سوف يشفيها، وقد عقدت مع الطفل أليكس صفقة تحت ضغط منها، أنها سوف تعيد والديه إلى سابق عهدهما وسوف ترحل من المنزل إذا ساعدها في احضار أشياء تخص الأطفال حتى تقوم بعمل سحرها واستدعاؤهم، فيقوم أليكس بجمع بعض الأشياء التي تخص زملائه لكي تستخدمهم العمة في السيطرة على الأطفال وجلبهم ليلًا وهم يهرولون مثل الرصاصة التي توجد في الأسلحة، نحو منزل إليكس، ولذلك قد تكون طريقتهم في الهرولة معبرة عن اسم الفيلم "أسلحة".
ينتهي الفيلم نهاية سعيدة إلى حد ما حيث يقتحم ارتشر وجاستن المنزل وتحدث معركة كبيرة بينهما وبين العمة، يقوم بعدها أليكس باستغلال انشغال عمته، ويقلب السحر عليها حيث يستحوذ على الأطفال ويحفزهم عن طريق السحر، على قتل العمة وهو ما يحدث بالفعل، يستخدم أليكس سحر عمته غلاديس ليجعل الأطفال يهاجمونها ويمزقونها حتى الموت. لتعود الأمور إلى سابق عهدها، وتموت العمة المشعوذة في النهاية.
يقدم الفيلم وجبة متكاملة من الرعب والترقب والانتقاد والمعان الرمزية، حيث أن الفيلم يسلط الضوء على معاناة الأطفال من سيطرة الآخرين، وأنه لو تم توجيههم بشكل خاطئ سوف يتحولون إلى أسلحة قاتلة داخل المنازل والشوارع، في عالم الشر فيه قد لا يكمن في غرابة الأطوار مثل المعلمة جاستن التي حاولت فك اللغز منذ اللحظات الأولى حتى تجد الأطفال، رغم هجوم البلدة عليها ومضايقتها ونعتها بالمشعوذة، وإنما يكمن في الجانب الخفي والمستتر لأبغض رغباتنا ونزعاتنا البدائية الداخلية واستخدام اشياء محظورة مثل استخدام السلاح في الشوارع والذي يتجسد بشكل رمزي في صورة السحر والشعوذة ومحاولة استجلاب كيانات غامضة والتضحية بالجميع من أجل أهداف أنانية، فالصراع في الفيلم بين الظاهر الذي يحاول أن يسقطه الناس علينا رغمًا عنا وحتى لو كان باطلًا، والباطن الذي يختفي خلفه الشر الحقيقي، ولا يعيره الناس أي اهتمام بالرغم أنه الخطر الفعلي المحدق.
آرتشر كان مقتنعًا بأن جاستن مسؤولة عن اختفاء طفله، رغم عدم وجود دليل يدعم هذا الادعاء. يُوبّخها في اجتماع المدرسة ويطالبها بتفسير حول مصير الأطفال ولم يكتف بذلك، بل يتبعها إلى منزلها ويكتب عبارة "ساحرة" على سيارتها باللون الأحمر. ومع أنه ليس عدوانيًا في الأصل إلا أن أفعاله كلها تعد رمزًا للعنف المستتر داخله، حيث يدفعه حزنه وارتباكه بشأن فقدان ابنه إلى القيام بتصرفات عدوانية تجاه امرأة مُضطربة لكنها بريئة.
هذه ليست المرة الوحيدة التي نرى فيها كيف يُعالج آرتشر مشاعره المضطربة، ففي مشهد من حلمه، نراه يبحث عن ابنه في الشارع، وأثناء بحثه عنه في الخارج، يرى سحابة عملاقة على شكل مدفع رشاش تحلق فوق منزله، وكأن هذه السحابة تعد تجسيدًا رمزيًا لفكرة العنف الذي نشعر به نحو الآخرين، وأن أول ما يتبادر داخل أذهاننا عند علاج قضية معينة هو اللجوء إلى العنف والأسلحة سواء الفعلية أو النفسية ومحاولة الانتقاص من الآخر وذبحه بشكل نفسي ورمزي عبر القاء التهم عليه. والغريب أنه بعد عودته للمنزل (داخل الحلم) يجد ابنه على سريره فيعترف له لأول مرة أنه يحبه وأنه يريد عودته إلى المنزل، وهنا يقدم صناع العمل للجمهور انتقاد قوي أننا لا نعرف قيمة ما لدينا إلا عندما نفقده، لأننا نتصرف دائمًا بعدوانية ونجعل الجانب البدائي فينا يظهر إلى العلن سواء عنف أو سحر أو أي شيء آخر، بينما تختفي المشاعر الحميمية الحقيقية ولا نصرح بها أو نعلن عنها إلا بعد فوات الأوان، لنتحول كلنا إلى أسلحة قاتلة لمن حولنا إذا لم ندرك قيمة ما نملكه، ليطرح الفيلم في النهاية قضايا وأسئلة جادة لا تقتصر فقط على الترفيه والرعب، ولكن مساءلة للمجتمع كله عن استخدام العنف والأسلحة سواء حقيقية أو رمزية.
اقرأ أيضا:
صبا مبارك توثق رحلتها في تركيا بإطلالات صيفية مختلفة
بطلة مسرحية "هالة حبيبتي" تكشف كواليس العمل مع فؤاد المهندس: كان بيجيب لينا حاجات حلوة يوميًا
#شرطة_الموضة: منى زكي بمجوهرات بطراز فرعوني ... سعرها 313 ألف جنيها
فيديو وصور – عمرو دياب وأحمد مالك ونيكول سعفان يحتفلون بعيد ميلاد طارق العريان
لا يفوتك: ريمونتادا وخفة دم ونزاهة.. بداية نارية في الحلقة الأولى من "غالب ولا مغلوب"
حمل آبلكيشن FilFan ... و(عيش وسط النجوم)
جوجل بلاي| https://bit.ly/36husBt
آب ستور|https://apple.co/3sZI7oJ
هواوي آب جاليري| https://bit.ly/3LRWFz5