ملخص
على وقع تواصل المواجهات بين الجيش و"الدعم السريع"، يناقش مجلس الأمن الدولي خلال جلسته، اليوم الإثنين في نيويورك، تطورات الوضع في السودان، بما في ذلك الأوضاع الإنسانية المتردية في الفاشر. وتبنى المجلس في الفترة بين عامي 2024 و2025 أربعة قرارات من بينها الدعوة لوقف إطلاق النار، كما أصدر المجلس قراراً بإنهاء الحصار على الفاشر وإدخال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين، إلا أن القرار لم ينفذ.
في وقت أكدت قوات "الدعم السريع"، أمس الأحد، تقدمها عسكرياً صوب مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان عبر محاور عدة، وسيطرتها على عدد من المناطق المتاخمة لها، أشارت مصادر عسكرية إلى أن الجيش أوقف زحف هذه القوات وألحق بها هزيمة ساحقة في المحور الغربي للمدينة، مما كبدها خسائر كبيرة في الأرواح وتدمير عدد من المركبات القتالية. وأوضحت "الدعم السريع" في بيان أن هذه العمليات تأتي في سياق تحقيق أهداف استراتيجية ضد الجيش الذي تخوض معه حرباً منذ أكثر من 27 شهراً. وحث البيان سكان مدينة الأبيض على التزام منازلهم وعدم مغادرتها لأي سبب، والابتعاد عن مواقع انتشار الجيش والجهات التي تقاتل إلى جانبه حفاظاً على سلامتهم، منوهة بالتزامها بالقانون الدولي الإنساني، فضلاً عن تشديدها على أنها لا تستهدف أي مكون من مكونات المجتمع المحلي.
وسيطرت "الدعم السريع"، الأسبوع الماضي، بعد معارك ضارية، على بلدتي أم صميمة وأم سيالة بولاية شمال كردفان، وتأتي هذه المعارك في أعقاب إعلانها تشكيل حكومة موازية لسلطة بورتسودان في مدينة نيالا أواخر الشهر الماضي، والتي لاقت إدانات محلية ودولية واسعة.
وتشهد المناطق الواقعة تحت سيطرة "الدعم السريع" منذ اندلاع الحرب في البلاد، حركة نزوح واسعة للمواطنين.
قصف مدفعي
في المحور نفسه، قصفت قوات الحركة الشعبية ــ شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، بمدفعيتها الثقيلة وبصورة عنيفة عدداً من الأحياء السكنية في مدينة كادوقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان، مما تسبب في مقتل شخصين وإصابة ثلاثة آخرين بجروح متفاوتة. وأشار شهود إلى أن القصف العنيف استمر أكثر من ساعة، واستهدف الأحياء الواقعة في الجزء الشمالي من المدينة. ويأتي هذا التصعيد في وقت يعاني سكان هذه المدينة أوضاعاً معيشية متدهورة، وسط تحذيرات من كارثة إنسانية وشيكة قد تصل إلى حد المجاعة، وفق مصادر محلية.
ضبط مرتزقة
أما في محور دارفور، فقد تواصلت الاشتباكات في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور بين الجيش وحلفائه من الحركات المسلحة من جهة، و"الدعم السريع" من جهة أخرى وتركزت في المحور الجنوبي الغربي من المدينة، في ظل أوضاع إنسانية صعبة للغاية نظراً إلى انعدام المؤن الغذائية ونفادها تماماً من المحال التجارية التي أغلق معظمها، وتشهد هذه المدينة حصاراً محكماً منذ أبريل (نيسان) 2024.
في الأثناء، أعلنت القوات المشتركة للحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش ضبطها مرتزقة أجانب من دول أفريقية عدة بينها جنوب السودان وتشاد وإثيوبيا وكينيا، إضافة إلى أكثر من 80 شخصاً من جنسية كولومبية، شاركوا إلى جانب "الدعم السريع" في هجومها الأخير على مدينة الفاشر. وأشار المتحدث الرسمي باسم القوات المشتركة للحركات المسلحة العقيد أحمد حسين مصطفى، في بيان، إلى أن عدداً من المقاتلين الكولومبيين قتلوا في هذا الهجوم، إذ كانوا مكلفين تشغيل الطائرات المسيرة وتنسيق عمليات القصف المدفعي. وطالب البيان حكومات الدول التي ينتمي إليها هؤلاء المقاتلون بتحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية، والتواصل مع الجهات السودانية الرسمية لوقف هذا الانزلاق الخطر الذي قد يورطها في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ترتكب في حق الشعب السوداني الأعزل. وأوضح البيان أن الاستعانة بمرتزقة من الخارج يعكس عجز "الدعم السريع" عن حسم المعارك ميدانياً ضد الجيش وحلفائه، داعياً المواطنين إلى الوحدة ونبذ الانقسامات، في ظل ما وصفه بمؤامرة تسعى إلى السيطرة على موارد البلاد وتهجير السكان واستبدالهم بقوى خارجية. ورأى البيان أن ما يجري في مدينة الفاشر ليس مجرد هجوم من "الدعم السريع" على المدينة، وإنما محاولة منظمة لإضعاف الدولة السودانية عبر تحالفات خارجية وتحويل الحرب إلى سلعة والشعب السوداني ضحيتها.
وأكد الجيش، من جهته، مقتل عدد من المقاتلين الذين يرجح أنهم من جنسية كولومبية، خلال معارك دارت أخيراً ضد "الدعم السريع" في مدينة الفاشر، لافتاً إلى أنه تم الاستيلاء على مركبات ومعدات وأجهزة تظهر تسجيلات توثق مشاركة هذه العناصر. وبثت الصفحة الرسمية للجيش على منصة "فيسبوك" مقاطع فيديو تظهر ما قالت إنهم مرتزقة أجانب يرجح أنهم من كولومبيا يقاتلون إلى جانب "الدعم السريع"، ولقوا حتفهم في معارك الفاشر الأخيرة.
وكان الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو علق، في وقت سابق، على وجود المرتزقة الكولومبيين في السودان بقوله "يجب حظر الارتزاق في كولومبيا". كما قدمت الخارجية الكولومبية اعتذاراً رسمياً في شأن انتظام مواطنين كولومبيين في حرب السودان إلى جانب "الدعم السريع".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مساعدات إنسانية
وسط هذه الأجواء، يناقش مجلس الأمن الدولي خلال جلسته اليوم الإثنين في نيويورك، تطورات الوضع في السودان، بما في ذلك الأوضاع الإنسانية المتردية في الفاشر. وتبنى مجلس الأمن الدولي في الفترة بين عامي 2024 و2025 أربعة قرارات من بينها الدعوة لوقف إطلاق النار بين الجيش و"الدعم السريع" في مارس (آذار) 2025، كما أصدر المجلس في يونيو (حزيران) 2024 قراراً بإنهاء الحصار على الفاشر وإدخال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين، إلا أن القرار لم ينفذ، واتهمت الخارجية السودانية "الدعم السريع" بتجاهل قرارات مجلس الأمن الدولي.
وكان مقترح يتعلق بتنفيذ هدنة إنسانية في الفاشر طرحته الأمم المتحدة، نهاية يونيو، اصطدم بشروط صعبة من قبل "الدعم السريع".
ويواجه مواطنو الفاشر مؤشرات أقرب للمجاعة وفق المتطوعين في المطابخ الجماعية والمراكز الإنسانية بالمدينة المحاصرة منذ أبريل 2024.
تأمين الخرطوم
أمنياً، شرعت الشرطة السودانية في عملية تأمين الخرطوم بالتصوير الجوي عبر الطيران المسير، في خطوة تهدف إلى إنهاء الانفلات الأمني في المناطق الهشة بالعاصمة، من خلال نشر الأطواف الأمنية المشتركة والدوريات لتأمين المعابر الحدودية. وبحسب الناطق الرسمي باسم الشرطة العميد فتح الرحمن محمد التوم، فإن عملية تأمين الخرطوم ستتم عبر الطيران المسير الذي سينفذ دوريات منتظمة تجوب المعابر وحدود العاصمة، مشيراً إلى أن هذه المسيرات ستعكس حال الأمن وتسهم في توجيه الأطراف المشتركة إلى مناطق الهشاشة، فضلاً عن كشف أماكن الظواهر السالبة. وأكد التوم استمرار الحملات الأمنية لتأمين العاصمة تنفيذاً للخطة التي وضعتها رئاسة قوات الشرطة التي أدت إلى تحسين الوضع الأمني وحققت أهدافها في حفظ الأمن والاستقرار.
ويشتكي المواطنون في مناطق عدة بالخرطوم من حال انفلات أمنية، إذ تتعرض المحال التجارية والمنازل للسرقة من قبل مسلحين. ونشرت الشرطة السودانية، في وقت سابق، آلاف الجنود لتأمين المقار الحكومية والدبلوماسية بعد إعلان خلو الخرطوم من "الدعم السريع". كما أعلنت انتقال إداراتها من مدينة بورتسودان إلى ولاية الخرطوم، وذلك للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب في البلاد.