الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
مشاركة
بين أيدينا في هذا المقال مادة علمية توجيهية هامة، تناولت صاحبته مسألة مهمة وجانب أساسياً في صلاح المجتمع واستقراره، ذلك هو موضوع الأسرة وما تعلق ببنائها على أسس صحيحة ومتينة وكيف السبيل لذلك؟ ذلك هو ما احتواه كتاب [الإرشاد الأسري... للمرحوم أمال زواغي]، والذي نحاول تسليط الضوء لما جاء فيه وبيان بعض ما أفادت به مؤلفته، كتبت في تقديم له -د. ليلى بلخيري - أن:

الاستقرار الأسري والتوافق بين الزوجين وحسن تربية الأبناء، أمل وحلم نحلم به جميعا… إن واقعنا يثبت بما لا يدع مجالا للشك صعوبة تحقيق هذا الحلم، ويكفينا أن نطلع على حجم المشكلات التي تعانيها بيوتنا، ومعدلات الطلاق المرتفعة من خلال الإحصائيات المقدمة، لندرك حجم وخطورة هذه الظاهرة، وأسباب المشكلات كثيرة ومتشعبة.

فالخلافات الزوجية، والشكوى من عدم التوافق الزوجي، وانعدام التواصل، وكثرة المطلقات، مواضيع أصبحت تفرض نفسها.. وهي مؤشر خطير إذا لم ننتبه ونعالج الوضع، ونجعله أولوية سيزداد تفاقما، بل الأمر يتطلب منا تشكيل فريق عمل متخصص لوضع حلول لهذه المشاكل.

يحمل الكتاب عنوان: "الإرشاد الأسري أولوية لا تقبل التأجيل" تحت إشراف المركز الثقافي الإسلامي -تبسة- من تأليف الأستاذة أمال زواغي -رحمها الله-، الكتاب يحوي ثلاث وستين [63] صفحة من الحجم المتوسط، يتناول قضية هامة تتعلق بسبيل تأهيل الفرد لبناء أسرة مسلمة ناجحة، والوسائل التي تساعد على بناء مجتمع واع بمدى مسؤوليته اتجاه الأسرة.

قدّم للكتاب الأستاذة الدكتورة ليلى بلخيري أستاذة الأدب بجامعة تبسة. طُبِع بشركة دار الهدى عين مليلة الجزائر سنة 2008م.

من مواليد 19/07/1971 بمدينة تبسة - الجزائر، من أهم الشهادات والإجازات التي تحصلت عليها تذكر:

دبلوم للإرشاد الأسري من مؤسسة الفرحة للإعلام بدولة الإمارات العربية المتحدة تحت إشراف الأستاذ جاسم المطوع.

بالإضافة إلى مهامها كمرشدة دينية قدّمت دروس ومحاضرات وندوات في المساجد ومختلف المراكز والمؤسسات، وكل ما له علاقة بمجال المجتمع وبميدان الدعوة خاصة المجال النسوي،

كانت من المؤسسين الأوائل للمدرسة القرآنية أنس بن مالك تبسة (والتي سنخصها بمقالة تعريفية بحول الله).

الكتاب عبارة عن دراسة أملتها التجربة الشخصية للمؤلفة -رحمها الله- من خلال عملها بالإذاعة الجهوية بتبسة في إعداد وتقديم برامج اجتماعية مباشرة تتعلق بالأسرة وتربية الأطفال، وكذا عملها مرشدة دينية بمساجد مدينة تبسة، حيث تطرح عليها الكثير من المشاكل الاجتماعية التي تتعرض لها المرأة في حياتها الزوجية، فهو ثمرة عمل وجهد دؤوب لسنوات طوال، يعكس حرص الكاتبة على قيمة الخبرة العملية في الارتقاء بالفرد والمجتمع، نابع من رغبة مخلصة وفكر متميز، تتطلع لتعزيز الفكرة الهادفة بالفكرة الإنجازية، وإحياء الفكر الشمولي في معالجة قضايا الأسرة.

وقد كان الباعث على القيام بهذه الدراسة كما ذكرت الكاتبة في مقدمة الكتاب هو محاولة التقليص من النسبة الهائلة للطلاق، وما ينتج عنه من مشاكل وآفات اجتماعية،

حيث تبين بالبحث أن أهم أسباب الطلاق هو الجهل بأبسط المبادئ التي تحفظ تماسك الأسرة، من معرفة الحقوق الواجبات المنوطة بكل طرف في الأسرة، وفهم كل طرف لنفسية الآخر وكيفية التعامل معه، وبالتالي إبراز أهمية الإرشاد الأسري في حماية المجتمع، وضرورة تواجده في مؤسسات المجتمع وإيجاد متخصصين في الإرشاد الأسري، وتزويدهم بأحدث المعارف المتخصصة والحديثة من أجل حل المشاكل الأسرية المتعددة،

وأخيرا بلورة تصور ومقترح لإصلاح الأسرة الجزائرية ودفعها نحو التماسك والاستقرار، لأن الأسرة المستقرة هي أساس المجتمع المستقر المزدهر، وكلما استطعنا أن نوجد أسرا قوية متماسكة، فإن هذه الأسر هي التي تمد المجتمع بعناصر قيادية ناجحة، تخرج البلاد من الأزمة، وتقودها نحو التحضر والرقي في شتى المجالات.

، حيث بيّنت الكاتبة مفهوم هذا المصطلح فهو نشر الثقافة الأسرية في المجتمع، من خلال برامج توعية مختلفة، من محاضرات ودورات ومقالات صحفية، وبرامج تلفزيونية وإذاعية، وإصدارات مختلفة، بالإضافة إلى العناية بالمتزوجين حديثا، وتأهيلهم بوسائل مختلفة.

فقد تناولت من خلاله الكاتبة، وسائل ومؤسسات الإرشاد الأسري، فلا يمكن القيام بعملية الإرشاد والتوجيه الأسري إلا بإيجاد الآليات والوسائل الكفيلة بالقيام بمهمة نشر ورفع الوعي بالإرشاد الأسري، وضرورة إيجاد مرشدين مدربين على عملية الإرشاد الأسري، سواء من خلال تقديم المحاضرات أو إصلاح ذات البين وتقديم الاستشارات التربوية والزوجية، سيما أن الملاحظ يدرك أن الساحة الجزائرية تخلو من الهيئات التي تهتم بعملية الإرشاد الأسري، عدا بعض المراكز المحدودة التأثير.

أما عن المؤسسات غير الرسمية، فتذكر الكاتبة أن دور المجتمع في إرشاد وإصلاح الأسرة إمدادها بالقيم والأصالة، ومساعدتها على النمو السليم، حتى يشتد ساقها، وتؤتي ثمارها أمراً ضرورياً،

وبما أن العصر قد تطور في المجالات كلها، فإن دور المجتمع قد تطور كذلك، فأصبح من الضروري انتظام أفراد المجتمع في شكل جمعيات ومراكز، تأخذ على عاتقها مهمة مساعدة الأسر وتنويرها.

ومن المؤسسات المهمة في عملية الإرشاد الأسري وحفظ تماسك الأسرة، مؤسسة المسجد، فقد استفادت الكاتبة من خبرتها في مجال عملها كمرشدة دينية، حيث لمست تعطش الناس لمثل هذه المواضيع التي تسعفهم في حياتهم، وتجد الفرحة والتعبير بالامتنان تملأ وجوههم عندما يجدون حلا لمشكلتهم التي ظلت تؤرقهم لمدة طويلة، كما لاحظت مدى الثقة التي يوليها الناس في الإمام والمرشدة الدينية، حيث يبوحون بأسرارهم وخصوصياتهم، ويرتضونهم حكما بينهم في خلافاتهم الخاصة،

لهذا تدعو الكاتبة مسؤولي هذا القطاع للاهتمام بمواضيع الأسرة، وأن يخصصوا لها حيزا معتبرا من مواعظهم ودروسهم، وعليهم قبل ذلك التدرب على كيفية معالجة المشاكل الأسرية بأساليب عصرية حديثة، لأنه من الأفضل أن يجتمع في المرشد العلم الشرعي بعلم النفس وعلم الاجتماع وعلوم التربية، وذلك من أجل أن يكون أقدر على التعامل مع النفسيات المختلفة، وبالتالي حل مختلف المشكلات التي تعرض له.

ولم تغفل الكاتبة دور وسائل الإعلام، فمن خلال تجربتها في إعداد وتقديم حصص إذاعية تتناول مختلف القضايا المتعلقة بالعلاقة بين الزوجين، فقد لمست تجاوبا كبيرا مع المجتمع، وذلك من خلال الاتصالات الهاتفية التي تصلها خلال وبعد البرنامج. وعليه ونظرا لما لوسائل الإعلام من أهمية في توجيه المجتمع سواء كانت مرئية، مسموعة أو مقروءة، فإن الكاتبة تطمح إلى دور ريادي لوسائل الإعلام في توجيه الأسرة توجيها سليما مبنيا على أسس مدروسة بدقة.

لتخلص الكاتبة في نهاية دراستها إلى التوصية بضرورة إنشاء مركز للأبحاث يعتني بدراسة الأسرة الجزائرية، للمساهمة في وضع الحلول المناسبة للمشاكل والاحتياجات الأسرية، باستخدام أفضل الأساليب العلمية الحديثة وتماشيا مع الثقافة الجزائرية.

رحمة الله الأستاذة أمال زواغي وأثابها على هذا العمل المهم خيرا، ولعل من الجميل والمفيدة إعادة طبعا؛ لأنهم الفائدة ويكون لها علميا نافعا ينتفع به.

* ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.

مشاركة

Error two category varieties no first cards

Error category videos cards

قد يعجبك

تابعونا على تويتر انضم إلينا على الفيسبوك
أخبار بلادي ـ أخبار عاجلة، تطبيق الأخبار العربي رقم واحد