حملت كلمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمام القمة العربية الاسلامية بالدوحة، تصعيدا لافتا في لغة الخطاب المصري تجاه إسرائيل التي وصفها السيسي بالعدو. كما طرحت تساؤلات حول تداعيات هذا التصعيد الكلامي المصري.

تُظهر هذه الصورة المنشورة من وكالة الأنباء القطرية (قنا) أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني (يمين) خلال اجتماعه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على هامش القمة العربية الإسلامية الطارئة لعام ٢٠٢٥ في الدوحة، بتاريخ ١٥ سبتمبر ٢٠٢٥.

استخدام الرئيس عبدالفتاح السيسي لكلمة العدو في وصف إسرائيل خلال خطابه في قمة الدوحة هو بالفعل يمثل تحول جذري في الخطاب السياسي المصري الرسمي، لكن لا يمكن إغفال توقيت هذا الحديث الذي يأتي في أعقاب الهجمات الإسرائيلية على قطر. هذا بجانب استمرار العدوان في غزة والحديث الدائم عن تهجير الفلسطينيين، وهو الأمر الذي تعتبره مصر خطاً أحمر، وبالتالي فإن حديث السيسي يرسل رسالة للداخل وللخارج، فهو بمثابة رسالة واضحة لإسرائيل بان مصر تحتفظ بكامل حقها في الدفاع عن نفسها وعن الأمة العربية ضد أي تهديد إسرائيلي مستقبلي.

أيضا تضمن الخطاب دعوة واضحه لبناء الية للتنسيق العربي والإسلامي في مواجهة التحديات الكبرى سواء السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية للوقوف في وجه التجاوزات الإسرائيلية، لأن سلوك إسرائيل يمثل تهديد للاستقرار والأمن الإقليمي والدولي.

كما أن اللهجة الشديدة من مصر تجاه إسرائيل تمثل رسالة أخرى للداخل تحمل تطمينات للشارع المصري بأن مصر قادرة على حماية أمنها القومي والعربي. وبعد ساعات من كلمة السيسي، عقد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، لقاء ضم رؤساء هيئات تنظيم الإعلام ورؤساء الصحف والمواقع الإخبارية، حذر خلاله من أن مصر مستهدفة في إطار محاولات رسم خريطة المنطقة، وأن قوتها تكمن في التماسك الداخلي ووعي المواطن بحجم التحديات.

كان في شهر أغسطس/ آب الماضي محافظ شمال سيناء في جوله لمعبر رفح. ورد على سؤال هل ستكون هناك عملية عسكرية بين مصر وإسرائيل؟ قال آنذاك من يقترب من الحدود المصرية فلا يلومن إلا نفسه. ليس بما هو معلن ولكن بما هو غير معلن أيضا.

بداية لا بد من التمييز والتفرقة بين توقعات الشارع المصري التي تطالب بإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل، وبين طريقة المنهجية التي يتعامل بها القادة المصريون في هذه التحديات أو مع هذه التحديات، حتى وإن جاءت الخطابات الرسمية شديدة اللهجة.

ينظر بعض المراقبين إلى هذا الخطاب خطاب السيسي بأن هدفه هو الحفاظ على السلام وتفادي انزلاق الأمور إلى مرحلة متدهورة لا يمكن الرجوع عنها. وأن كلمة السيسي وضعت إسرائيل والمنطقة أمام خيارين. إما الاستقرار الذي يجب أن يكون نهج الجميع بلا استثناء، وإما خيار الانفجار الذي سيضر الجميع دون استثناء ايضا.

لكن اللافت في الحقيقة هو أنه للمرة الأولى منذ توقيع معاهدة السلام ما بين مصر وإسرائيل عام تسعة وسبعين، يخرج رئيس مصري ليصف إسرائيل بالعدو، كما أن السيسي ألمح إلى إمكانية إلغاء اتفاقيات السلام. ووجه حديثه للإسرائيليين حين قال إن ما تفعله إسرائيل لن يقود لاتفاقات سلام جديدة، بل قد يجهض اتفاقات السلام الحالية.

أمام هذه التجاوزات الإسرائيلية، طلبت 5 من الأحزاب المصرية وعشرات الشخصيات العامة طالبوا في بيان السلطات المصرية بإسقاط معاهدة السلام مع إسرائيل.

في حين يرى مراقبون أن التهديد المصري بإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل ينبغي أن نفهمه في ضوء التوازن ما بين الخطاب السياسي والمصالح الاستراتيجية. بمعنى أن مصر لا تريد إلغاء المعاهدة، لكنها تريد أن تدرك إسرائيل أن بقاءها ليس مضمونا إذا تجاوزت حدود الأمن القومي المصري، أو أطاحت بأسس الاستقرار الإقليمي.

تقول السوابق إن تاريخ العلاقات المصرية الإسرائيلية بعد تسعة وسبعين تشير إلى أن القاهرة استخدمت أكثر من مرة لغة حادة عند الأزمات سواء الانتفاضة الثانية أو حرب غزة 2014 أو أحداث القدس، لكن ذلك لم يترجم عمليا إلى خطوات لإلغاء اتفاقية السلام من القاهرة.

الضفة الغربية: إسرائيل مستمرة بهدم المنشآت المدنية وتسيطر على جزء جديد من الحرم الإبراهيمي

سوريا وإسرائيل تقتربان من اتفاق أمني.. ودمشق تعيّن زعيما محليا درزيا قائدا اللأمن بالسويداء

© 2025 مونت كارلو الدولية - جميع الحقوق محفوظة. لا تتحمل مونت كارلو الدولية مسؤولية ما تتضمنه المواقع الأخرى.