الجوع كمعاناة لا مرئية وسلاح للتفكيك في غزة
مشاركة
تظهر حقيقة الجوع كسلسلة من الوفيات اليومية الصغيرة التي يختبرها الإنسان مرارا، إذ يتجرع الألم في كل لحظة جوع. إن كون هذا الألم غير مرئي– بما أنه بلا دماء أو جروح – جعل منه معاناة يمكن أن تتفاقم بعيدا من عدسات الكاميرات. وهنا تكمن قسوته: فهو عنف صامت يفتك بالبشر ببطء. وقد أدركت الأنظمة القمعية عبر التاريخ خطورة هذا النوع من الألم غير المرئي، فاستغلته كسلاح فعال لا يثير الضجة. وقد مارسته قوى استعمارية وأنظمة استبدادية لإخضاع الشعوب عبر إخضاع بطونها. من الحصار في الحروب القديمة حيث كان تجويع المدن المحاصَرة أسلوبا لإجبارها على الاستسلام، إلى سياسات حديثة أكثر منهجية، تشير دراسات تاريخية إلى أن المجاعات الكبرى لم تكن كوارث طبيعية بقدر ما كانت من صنع الإنسان.

يشكو بعض أهل قطاع غزة، في خضم هذا التجويع الذين يعيشونه، عدم قدرتهم على الصمود وفي الوقت نفسه عدم قدرتهم على التوحش والخروج عن عباءة المبادئ والأخلاق التي نشأوا عليها. لا يمكن الخروج بسلاح أبيض والهجوم على شاحنات المساعدات لسرقة كيس طحين مستحق. لكن هذا في الحقيقة الهدف الذي يسعى الاحتلال لتحقيقه من هذا التجويع الممنهج أن تتخلى عن عباءتك هذه وتتوحش وتتحيْون لتتلاشى سنوات من التطور الإنساني والرقي، لأنه إن تخليت عنها وتجاوزت هذا الحد مرة صار تكرار الأمر سهلا وربما يصبح امتهانا.

مشاركة
1 2 3 4 ... 8

Error category videos cards

قد يعجبك

تابعونا على تويتر انضم إلينا على الفيسبوك
أخبار السعودية ـ أخبار عاجلة