الأزمة المالية تهدد أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية
مشاركة
قبل ساعات فقط، أعلنت وزارة المالية الفلسطينية في الضفة الغربية عن منح موظفيها في القطاع العام رواتب بنسبة يبلغ حدّها الأقصى 50% بعد انقطاع دام قرابة ثلاثة أشهر، حيث استلموا آخر راتب لهم في أواخر يونيو، في ظل أزمة مالية تعصف بها، نظرا للعديد من لعوامل: الذاتية والموضوعية، الإسرائيلية والخارجية، وكلها أودت بها لمخاوف سياسية وأمنية أن تؤدي هذه الأزمة في حال بقائها، بل وتفاقهما، الى انهيار سياسي وأمني لها.

تفتح الأزمة الاقتصادية للسلطة الفلسطينية الباب واسعاً أمام البدائل الإسرائيلية الخاصة بالضفة الغربية، بالضمّ تارة، وتطبيق مخطط الإمارات الفلسطينية تارة أخرى، وصولا للتهجير تارة ثالثة، لاسيما مع تزايد التقارير التي تحدثت عن أعداد فلسطينية تغادر الضفة الى الخارج خشية من السيناريوهات السيئة المتوقعة. 

حكومة بديلة والتجنيد إجباري للجميع.. هل تمثل وثيقة ليبرمان فرصة لجمع المعارضة والإطاحة بنتنياهو من السلطة؟

3 مسارات دبلوماسية دون أوراق ضغط “قوية”.. ما هي أدوات القاهرة “المتاحة” للتعامل مع أزمة سد النهضة بعد افتتاحه رسمياً؟

وكشف أن "استمرار تأخير الأموال قد يؤدي إلى شلل النظام العام، والإضرار بالنظام الصحي، الذي يعاني نقصا حادا في الأدوية، وتفاقم وضع نظامي التعليم والرعاية الاجتماعية، وقد تضطر السلطة لتعليق أنشطة المكاتب الحكومية، أو تقليص ساعات العمل بشكل حاد، فيما يقود الرئيس محمود عباس تحركات دبلوماسية مع الولايات المتحدة وفرنسا، للضغط على إسرائيل لتحويل الأموال، وتتخذ السلطة إجراءات طارئة داخلية: ترتيبات مع شركتي الكهرباء والمياه، وتبسيط الإجراءات الحكومية، وخفض النفقات، وتخفيض تكاليف الإحالات الطبية، وتدرس وزارة المالية إمكانية إصدار سندات حكومية لتوفير مصادر تمويل إضافية". 

وقد لجأت السلطة للتمويل الداخلي المفرط من خلال القروض من البنوك، مما وضع القطاع المصرفي تحت ضغط شديد، وبعد أن هددتها إسرائيل بفرض عقوبات عليها في حال ساعدت السلطة، فقد ترددت في الأيام الأخيرة تسريبات مفادها أن الأخيرة تتجه نحو خيارات داخلية لتأمين رواتب الموظفين، حيث طلب رئيس حكومتها محمد مصطفى من أصحاب محطات المحروقات منح الحكومة قرضا ماليا يحول مباشرة لخزينتها، مقابل التزامها بسداد الفوائد، وتتراوح قيمة القرض بين 1-3 مليار شيكل، مما قد يفتح الباب أمام ضغوط مشابهة على قطاعات أخرى.

أحمد عبد الوهاب، أحد أصحاب هذه المحطات، أبلغ "عربي بوست" أننا "عبرنا عن قلقنا من تبعات إقراض الحكومة، لأن تحميلنا عبء القروض في ظل أزمة السيولة وركود السوق يمثل مخاطرة كبيرة، وقد يؤدي لأزمة وقود حقيقية، تشمل توقف حركة النقل، وارتفاع الأسعار، وانتعاش السوق السوداء في الوقود المُهرّب".

تباينات داخل القيادة وإشادة بمحاولة الاغتيال وقلق حول مصير الأسرى.. كيف علق الإسرائيليون على عملية الدوحة؟

“عين عسكرية” إسرائيلية فوق إيران ومصر وتركيا.. ما هو قمر التجسس الاصطناعي الجديد الذي أطلقته إسرائيل لمراقبة دول المنطقة؟

"عربي بوست" حصل على محضر آخر اجتماع طارئ للجنة الوزارية الاقتصادية الدائمة للحكومة الفلسطينية برام الله، الذي استعرض أهم التحديات المالية، وهي:

الانكماش الاقتصادي وتراجع النمو نتيجة حرب غزة، والإجراءات الإسرائيلية في الضفة السنوات الماضية.

أزمة النقد الناتجة عن رفض إسرائيل استلام مليارات الشواقل المتكدسة في المصارف الفلسطينية، وما ترتب عليها من تأثيرات عميقة تهدد الحركة الاقتصادية، والقطاع المالي برِمّته.

منع العمال الفلسطينيين من العمل داخل الخط الأخضر منذ بداية الحرب على غزة، ووصول البطالة لمستويات غير مسبوقة، وبلغت أكثر من 30% في الضفة، مما يشكل تحديًا للاقتصاد الوطني.

استمرار التهرب الضريبي والجمركي، بسبب عدم سيطرة السلطة على المعابر والحركة، مما يحرمها من جباية إيرادات تقدر بمئات ملايين الشواقل.

عبء الدين العام المتراكم منذ سنوات، والتزام الحكومة بدفع مبالغ كبيرة لسداده، متجاوزا الدخل الشهري.

استمرار الاعتماد على إسرائيل فيما يخص السلع والخدمات، كالكهرباء والبترول وغيرها، واستخدامها هذه الاحتياجات كسلاح ضدنا، كما هو جاري اليوم.

تقدر فاتورة الأجور الشهرية للسلطة بمليار شيكل، 298 مليون دولار، وتصرف لنحو 245 ألف مستفيد، بينهم 144 ألف موظف مدني وعسكري على رأس عملهم، إضافة لمتقاعدين ومستفيدين من مخصصات اجتماعية.

نشر البنك الدولي تقريرًا حول الإنفاق العام للسلطة وأولوياتها في ظل الأزمة الاقتصادية الوشيكة، ووصف وضعها الاقتصادي بـ"الكارثي"، ودقّ ناقوس الخطر، وربما الأخير، بشأن هذه الأزمة المالية العامة، والانهيار الهيكلي الذي يلوح في الأفق، إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة، في ضوء ارتفاع معدل الدين العام، بما فيه الالتزامات الحكومية المختلفة ليصل إلى 85.7% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي مستويات تشير لخطر الدخول في أزمة ديون مؤلمة. 

مراسل صحيفة يديعوت أحرونوت للشئون الفلسطينية، أكد أن الفلسطينيين يخشون أن تُهدد الأزمة الاقتصادية التي تُصيب السلطة استقرارها، حتى أنها قررت تأجيل بدء العام الدراسي للمرة الأولى منذ تأسيسها، وقد بدأ بعد مرور أسبوع كامل من سبتمبر، بسبب أزمتها المالية الحادة التي تعاني منها، وصعوبة دفع رواتب المعلمين، وإقرار وزارة التعليم بعجزها عن تمويل طباعة الكتب والمعدات اللازمة للمدارس، مع العلم أن قرار السلطة بتأجيل بدء العام الدراسي الجديد ليس مجرد خطوة إدارية عادية، بل دلالة عميقة على الأزمات المعقدة والمتراكمة التي تعاني منها، لأنه يرتبط ارتباطًا مباشرًا بأزمة اقتصادية خانقة، ناجمة عن عجزها عن الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه موظفي القطاع العام، وفي مقدمتهم المعلمين، مما يُعرّض مستقبل الأجيال للخطر.

علي النادي، أحد مسئولي نقابات المعلمين في الضفة الغربية، قال لـ"عربي بوست" أن "آثار الأزمة المالية للسلطة باتت تطال حياة المعلمين الشخصية، فالعديد منهم لا يملكون المال للمواصلات العامة للوصول للمدرسة، لم نصل لمثل هذا الوضع في حياتنا من قبل، لكنه أمرٌ مؤسفٌ لا يوصف، مجتمعٌ كاملٌ من المعلمين يواجه انهيارًا اقتصاديًا، وهناك مخاوف انهيار النظام التعليمي بأكمله، الذي سيؤدي لضياع جيل كامل، وتفاقم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها السلطة، لأنه عندما لا يوجد تعليم، لا يوجد مستقبل". 

صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية، أكد أن وزير المالية بيتسلئيل سموتريتش لا يخفي اضطلاعه بدور كبير في الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية وصولا الى انهيارها، من خلال وقف تحويل أموال المقاصة، وتهديده للمصارف الفلسطينية بعدم إقراض السلطة لتسيير أمورها المالية، وإلا فإنه سيفرض عليها عقوبات تهدد بإغلاقها، وكل ذلك مدعوما بتوجه لا يخفيه رئيس الحكومة ذاته بنيامين نتنياهو.

مع أن الحكومة الإسرائيلية تعلن سياسة معلنة، وعن سابق إصرار وتعمّد، باستهداف الاقتصاد الفلسطيني بهدف انهياره، بزعم أنها خطوة ضرورية في خطتها المعلنة للضمّ والتهجير، مع أن النتيجة قد تكون فتح جبهةٍ قتالية جديدةٍ في الضفة، لأنه عندما تندلع الفوضى الأمنية فيها، فسيبدو السابع من أكتوبر في غزة أشبه بنزهة، لأن هناك كميةٌ هائلةٌ من الأسلحة، وحياة الفلسطينيين والمستوطنين متشابكة. وهو ما

السياسية بصحيفة يديعوت أحرونوت، أكد أن سموتريتش في استهدافه المالي للسلطة ليس وحيدا، وقراراته ليست فردية، فرفيقه إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي، دعا صراحة لانهيار السلطة، لا دعمها ومساعدتها، وفي اجتماعات مجلس الوزراء الأخيرة، طالب عدد منهم بتفكيكها، ودفعها للانهيار الاقتصادي. 

مع العلم أن الأزمة الاقتصادية للسلطة الفلسطينية انعكس على ضعفها الميداني، لكن تقديرات المؤسسة الأمنية الاسرائيلية، تؤكد أنها لا زالت تعمل على منع اندلاع العمليات المسلحة في الضفة الغربية، وتسعى جاهدة لإثبات أنها رصيد لإسرائيل، وليست عبئًا عليها، وهو ما ذكره أمير بوحبوط

صحيفة معاريف، كشف أن من تبعات الأزمة المالية الفلسطينية وصولها إلى قواتها الأمنية، عقب تجميد عالمي للمساعدات الخارجية من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، في وقت حساس للغاية بالنسبة لها، وباتت تعاني من نقص مزمن في التمويل، ولا تحظى بشعبية لدى الفلسطينيين، وقد بدأت عواقب تجميد التمويل تظهر على الأرض، وآخرها إجراء تخفيضات في بعض التدريبات الأمنية، مما سيزيد ضعف السلطة الضعيفة أصلًا.

وحذرت أوساط إسرائيلية من أن تفاقم الأزمة المالية للسلطة يعني أن أحدا ما سيملأ الفراغ، وفي هذه الحالة سنشهد مزيدا من ضخ الأموال للضفة عبر الدفع بالعملات المشفرة، ومنذ بداية الحرب على غزة، تم مصادرة عشرات ملايين الشواكل على الأقل كانت مُعدّة للعمليات المسلحة، مما دفع المؤسسة الأمنية الاسرائيلية للتقدير بأن الضفة على وشك اندلاع انتفاضة جديدة، ستؤججها الأزمة الاقتصادية في السلطة، بدأت بذورها تلوح في الأفق، حيث ينفّذ الجيش وجهاز الشاباك عملياتٍ واسعة النطاق في مدن ومخيمات اللاجئين خلال الأسابيع الأخيرة، ويزعم إحباط عشرات الهجمات أسبوعيًا، وفقاً لما كشفه يوفال ساديه

أوساط اقتصادية كشفت أن هذه التطورات السلبية، مع حالة عدم اليقين بشأن القرارات المالية للسلطة قد تدفع الكثير من صغار ومتوسطي المستثمرين للتفكير بالانسحاب من السوق الفلسطيني، أو تحويل أعمالهم للخارج، وهناك كثيرون بدأوا فعليا بفتح حسابات واستثمارات في تركيا، الإمارات، الأردن، مصر، ودول أخرى.

في مركز ديان للدراسات الاستراتيجية، وخبير العلاقات التجارية بين إسرائيل وجيرانها العرب، رسم صورة معتمة للوضع المالي للسلطة الفلسطينية في ضوء المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، لأنها كشفت عن حجم التدهور الجاري لديها، وتأثيرها الشديد المترتب على دخل مواطنيها، ومستوى معيشتهم، وكل ذلك يزيد المخاطر على استقرارها المالي، وقدرتها على العمل، واستقرار النظام المصرفي، مما يُظهر في النهاية مشهدا مقلقا.

الفلسطينية بصحيفة هآرتس، نقل تحذيرات عن مسئولين في السلطة من انهيار اقتصادي وشيك، في ضوء التحديات الخطيرة وغير المسبوقة الناجمة عنه، خاصة تهديد قدرة مؤسساتها على توفير الخدمات الأساسية في الضفة، ودفع رواتب موظفي القطاع العام، والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

عدد من رؤساء الحكومات الاسرائيلية للشئون الفلسطينية، الذي أعدّ الورقة، أكد أن هناك شكوكا في قدرة إسرائيل على إيجاد قيادة بديلة للسلطة، مما سيجبرها على تحمّل مسؤولية إدارة حياة ملايين الفلسطينيين، ولذلك فإن انهيار السلطة أو عجزها الوظيفي سيطرح أسئلة صعبة، منها: ما مصير أجهزتها الأمنية، وكيف يمكن تفكيكها، وهل يمكن جمع أسلحة 45 ألف من أعضائها، وأين أماكنها؟ 

نصر عبد الكريم، الخبير الاقتصادي، أكد لـ"عربي بوست" أن "الأزمة المالية التي تمر بها السلطة ليست وليدة اللحظة، وقد تستمر حتى نهاية 2025، في ضوء الاعتماد الكبير على المساعدات الدولية لتغطية العجز الحكومي، وعدم ضبط الانفاق العام، وافتقار الاقتصاد على توليد إيرادات ضريبية توازي قيمة قدر العجز الحاصل، بالتزامن مع تراجع الدعم الدولي، وارتفاع الدين العام، وعدم ترشيد في النفقات، وتبنّى سياسات إنفاق متهورة، من أجل دعم مباشر وغير مباشر لتوسيع إيرادات المقاصة، فيما حصل ازدهار في الاستيراد، مما رفع فاتورة المقاصة، وكلها سياسات أدت للحدّ من قدرة السلطة على الصمود".

تقدر شركة إنتغرال ميديا الاستشارية المحدودة خصوصيتك وتعلم جيدًا كم هي مهمة لك وأنك تهتم بكيفية استخدام بياناتك الشخصية.

نحترم ونقدّر خصوصية جميع من يزورون موقع عربي بوست، ولا نجمع أو نستخدم بياناتك الشخصية إلا على النحو الموضح في سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط، ولأغراض تحسين المحتوى المقدم وتخصيصه بما يناسب كل زائر؛ بما يضمن تجربة إيجابية في كل مرة تتصفح موقعنا.

تعتبر موافقتك على سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط أمرًا واقعًا بمجرد استمرار استخدامك موقعنا. يمكنكم الموافقة على جميع أغراض ملفات الارتباط بالأسفل، وكذلك يمكنكم تخصيص الأغراض والبيانات التي يتم جمعها. يرجى العلم بأنه حال تعطيل كافة الأغراض، قد تصبح بعض مزايا أو خصائص الموقع غير متاحة أو لا تعمل بشكل صحيح.

مشاركة

Error category videos cards

- URI => 68ca93d9607e4
Deprecated: htmlspecialchars_decode(): Passing null to parameter #1 ($string) of type string is deprecated in /home/inoovcomja/bpcom_2025_08/libs/newser.php on line 393
- URI => 68ca93d9623f6
Deprecated: htmlspecialchars_decode(): Passing null to parameter #1 ($string) of type string is deprecated in /home/inoovcomja/bpcom_2025_08/libs/newser.php on line 393
- URI => 68ca93d95c9d8
Deprecated: htmlspecialchars_decode(): Passing null to parameter #1 ($string) of type string is deprecated in /home/inoovcomja/bpcom_2025_08/libs/newser.php on line 393
- URI => 68ca93d96403e
Deprecated: htmlspecialchars_decode(): Passing null to parameter #1 ($string) of type string is deprecated in /home/inoovcomja/bpcom_2025_08/libs/newser.php on line 393
- URI => 68ca93d95e9ff
Deprecated: htmlspecialchars_decode(): Passing null to parameter #1 ($string) of type string is deprecated in /home/inoovcomja/bpcom_2025_08/libs/newser.php on line 393
قد يعجبك

قد يعجبك

تابعونا على تويتر انضم إلينا على الفيسبوك
Akhbar Algérie - أخبار الجزائر، التطبيق الإخباري الأول في الجمهورية