مشاركة
منذ نشأتها، أتقنت هوليوود فنّ صناعة الأساطير، فتعيد قصّ التاريخ على مقاس الكادرات التي تختارها، وتسكب على الوقائع طلاءً لامعاً يشي بأن الحكاية الوحيدة الممكنة هي تلك التي قرّرت استوديوهاتها أن تُرويها. حكومة بديلة والتجنيد إجباري للجميع.. هل تمثل وثيقة ليبرمان فرصة لجمع المعارضة والإطاحة بنتنياهو من السلطة؟ الذين عُرفوا بانتقادهم الحذر لسياسات إسرائيل، مثل الممثلة الأمريكية الإسرائيلية الأصل ناتالي بورتمان، انضموا لموجة التضامن تلك. خطأً أنهم "ضحايا صواريخ حماس"، قبل أن تضطر لاحقاً لحذف منشورها تحت وطأة البروباغندا الإسرائيلية. تباينات داخل القيادة وإشادة بمحاولة الاغتيال وقلق حول مصير الأسرى.. كيف علق الإسرائيليون على عملية الدوحة؟ إعلان على صفحة كاملة في مجلة Variety – المجلة الرئيسية لصناعة السينما – يحيّي جهود الرئيس الأميركي هاري ترومان للضغط على بريطانيا من أجل السماح بزيادة الهجرة اليهودية إلى فلسطين. فسارعت إسرائيل إلى تقديم حوافز سخية لجذب الإنتاج الأميركي، من إعفاءات ضريبية إلى تسهيلات لوجستية وتصاريح تصوير في مواقع تاريخية. وقد واكب الدعم المؤسسي لإسرائيل في هوليوود حملة ممنهجة لتشويه صورة العرب والفلسطينيين في الثقافة الشعبية. فصار "العربي الإرهابي" و"المسلم المتعطش للعنف" مادة ثابتة في سيناريوهات هوليوود، وجرى الخلط عمداً بين أي حركة تحرر عربية والإرهاب الأعمى. حيث جسّد النجم بول نيومان دور البطل الصهيوني المثالي: "شاب وسيم ذو عينين زرقاوين، يقود شعبه إلى أرض الميعاد". ولم يكن جون واين اختياراً عابراً؛ فهذا الممثل الشهير لطالما جسّد في أدواره أسطورة الرجل الأبيض الذي يجلب الحضارة إلى الأراضي الجديدة، وهي نفس الأسطورة التي حاول الفيلم إسقاطها على فلسطين، حتى إن واين وصف الفيلم عند صدوره بأنه "قصة أميركية خالصة". فأي فنان حاول رفع صوته نصرةً للفلسطينيين، أو حتى انتقاداً معتدلاً لإسرائيل، كان يعلم أنه يعرّض مسيرته المهنية للخطر. ولعل أبرز مثال ما حدث للممثلة البريطانية في منتصف التسعينيات، أثار براندو جدلاً واسع النطاق عندما اتهم اليهود بالسيطرة على وسائل الإعلام، وخاصةً هوليوود. إذ تعمّقت الشراكات الفنية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وظهرت موجة من الإنتاجات التلفزيونية والسينمائية المشتركة التي تروّج لأجندة أمنية معادية للعرب والمسلمين. يتتبع المسلسل وحدة قوات خاصة إسرائيلية تعمل في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ورغم محاولة صنّاعه الإيحاء بتعاطف إنساني تجاه بعض الشخصيات الفلسطينية، فإن الرسالة الضمنية ظلّت متمحورة حول توصيف الفلسطيني كخطر إرهابي مستمر. أما جنود الاحتلال الإسرائيلي، فيُظهرون – برغم عنفهم – بصورة الطرف الأخلاقي الذي يحاول قدر الإمكان تجنّب الأذى الجانبي! وحتى مع شن إسرائيل حرب إبادة مدمّرة على قطاع غزة، وصف خلالها وزير دفاعها السابق "يوآف غالانت" – المطلوب دولياً بتهم ارتكاب جرائم حرب – الفلسطينيين بأنهم "حيوانات بشرية"، وجدت سوزان ساراندون نفسها هدفاً لحملة هجوم شرسة، أعلنت على إثرها وكالة المواهب المتحدة (UTA) التخلي عنها. كذلك شهدنا طرد الممثلة الصاعدة ميليسا باريرا من بطولة فيلم Scream الجديد، لمجرّد أنها نشرت عبر إنستغرام تعليقات تنتقد المجازر الإسرائيلية في غزة. ومن أبرز الأسماء الموقّعة: المخرج اليوناني يورجوس لانثيموس، والأميركية إيفا ديفورني، والأميركي آدم مكاي، والبريطاني مايك لي. ومن الممثلين: أوليفيا كولمان، إيمي لو وود، جوش أوكونور، مارك رافالو، وسينثيا نيكسون. وحتى ضمن البنية الصناعية لهوليوود نفسها، بدأت تظهر كيانات مقاومة للهيمنة التقليدية. فمجموعة " تجاهلت وسائل الإعلام التقليدية الاحتجاج، لكن صحفاً متخصصة مثل Variety تناولته، إلى جانب تغطية واسعة في الإعلام الإسرائيلي.
مشاركة