مشاركة
حبس أنفاس إنتظاراً للون الدخان!
منذ يوم
إسرائيل لا تعترف بالقانون الدولي إلّا في حال تحقيقه أغراضها وأهدافها في أي نقطة من العالم. ويقول وزير ماليّتها سموتريتش: «إنّ القانون الدولي لا ينطبق على اليهود، وهذا هو الفارق بين شعب الله المختار والآخرين». وفي ظنّ «حزب الله» وتحليله، أنّه في المهداف العبري، سواء سلّم سلاحه أو لم يُسلّمه أو سُحِبَ منه، وأنّه غداة تسليمه السلاح أو سحبه منه، إن حصل، سيكون عرضةً لعمليات قتل تطاول أفراده، وبيئته وجمهوره، ولتدمير ممنهج لمدنه وبلداته وقراه. ويُشكِّك الحزب في أنّ تسليمه السلاح سيفتح الباب أمام الإعمار، لأنّ الأولوية لدى الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها، هي لإعمار سوريا لأنّها بيئة استثمارية جاذبة لكِبَر مساحتها وثرواتها المتنوّعة، وأكثر مردوداً من لبنان ذي الإمكانات المحدودة. وإنّ واشنطن وتل أبيب ترفضان رفضاً قاطعاً أن تتولّى إيران جزءاً من ملف الإعمار، حتى المبادرات الفردية لمستثمرين ومغتربين شيعة ستكون غير متاحة. ويعتقد الحزب أنّ هناك قراراً واضحاً بمحاصرة الطائفة الشيعية وتهميش دورها في المعادلة الجديدة التي ستنشأ. ومن هنا، فإنّه يشكّك في أن يؤدّي تسليم سلاحه أو سحبه منه إلى رفع الضغط عن لبنان بكل وجوهه. وفي مقابل ذلك، يقول قطب سياسي ربطته سابقاً علاقات جيدة مع المقاومة، وهو لا يزال على تواصل مع قيادة «حزب الله»، إنّ على الأخير أن يقرأ المشهد جيداً، وأن يقر أنّ «محوَر الممانعة» تلقّى ضربات موجعة بدءاً من غزة وصولاً إلى إيران مروراً بلبنان، وسوريا والعراق واليمن. والواضح أنّ إغتيال الشهيد حسن نصرالله، ركيزة المحوَر ودماغه المفكّر ومحرّكه، والتطوّرات السورية التي أسقطت نظام بشار الأسد وحملته على اللجوء إلى روسيا، كانا من أكثر التداعيات إيلاماً على المستويَين التكتيكي والإستراتيجي. وإنّ واجب المصارحة يقتضي أن يلتفت الحزب إلى حقائق مُرّة أفرزتها نتائج «حرب الإسناد»، وأدّت خواتيمها إلى اتفاق أممي في 27 تشرين الثاني 2024 لم تحترمه إسرائيل وأدمنت على خرقه متسبِّبةً بسقوط 450 شهيداً منذ سريانه، من دون أن تتمكن الأمم المتحدة من إلزامها بتنفيذ القرار 1701، ولا حتى الدول الخمس الأعضاء التي عُهِدَ إليها مواكبته والسهر على تطبيقه. من هنا الإشكالية التي تواجه مجلس الوزراء اليوم، بدءاً بطريقة استخدام العبارات. فثمة مَن يدعو إلى «تسليم السلاح»، وثمة مَن يحضّ الحكومة والجيش على «نزع السلاح». والفارق بين العبارتَين ليس تفصيلاً، لأنّه يُعبِّر عن منطقَين وخلفيّتَين متباينتَين تماماً، ما يزيد من التشنّجات بدل أن يُقلّصها، وصولاً إلى الضمانات المطلوبة، لئلّا يكون تسليم السلاح مدرجة لإسرائيل لتستأنف إعتداءاتها على لبنان واستئصال «حزب الله» وبيئته معاً. على أنّ القصة هي قصة ثقة يجب أن تعزّز التضامن الحكومي لا إلى اهتزازه أو نسفه، وتطويق أي محاولة لضرب الإستقرار وتعريض السلم الأهلي للخطر. إنّ الأمور ليست بالبساطة التي يظنّها البعض. وإنّ أي خطأ في قراءة الواقع والوقائع قد يفضي إلى ما لا تُحمد عقباه. وخصوصاً أنّ وجهة الأحداث ستتحدّد في ضوء جواب الحزب، وما يمكن أن يعلنه أمينه العام الشيخ نعيم قاسم. ومرّةً أخرى، يبدو الرهان على قدرة الرئيس عون في فكفكة العقدة وحمل الأفرقاء على الدخول في حوار هادئ ومسؤول، لأنّ مستقبل لبنان يتوقف على نتائج مجلس الوزراء اليوم. وهناك عدد من الصِيَغ والمقترحات. لكنّ السؤال المطروح: ماذا ستكون عليه ردّة الفعل الأميركية والإسرائيلية، وإلى أي مدى قد تصل؟ هل لإعطاء فرصة للبنان لتجاوز القطوع والتوصّل إلى حلّ يُشكّل قاعدة لتفاهم واسع يعزّز طرح الدولة وبسط سيادتها ويطمئن إليه «حزب الله»، خصوصا أنّ رئيس الجمهورية أكّد الحرص على انسحاب إسرائيل من المواقع التي احتلّتها غداة إعلان وقف الإعمال العدائية، والإعتداءات والغارات والخروقات وقتل المواطنين وإطلاق الأسرى؟ أو أنّ تل أبيب ستكون مُصرّة على الاحتفاظ باليَد الطولى والعليا في لبنان، تفعل ما تشاء من دون وازع أو رادع، وهي التي اعتادت ضرب القرارات الأممية عرض الحائط، سواء في غزة ولبنان وسوريا، ولم تتورّع عن مهاجمة إيران واليمن وأي مكان إذا كانت مصلحتها تقتضي ذلك؟
مشاركة