انتهاء الصراع الكردي-التركي.. السلام ليس هزيمة
مشاركة
في الأسبوع الأول من أبريل/نيسان الماضي، التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وفدا من حزب "المساواة الشعبية والديمقراطية"، المعروف في تركيا باسم "ديم"، وبقربه من الكرد. بعد أربعة أشهر، أي في الأسبوع الأول من يوليو/تموز الماضي، جرى لقاء ثانٍ بين الطرفين، ما أكد بدء عملية سلام بين الكرد والدولة التركية، رسميا.

هدفت رسالة أردوغان إلى طمأنة الرأي العام التركي، بخاصة مؤيديه في حزب "العدالة والتنمية"، بأن هذه العملية ستعزز الوحدة الوطنية، وستعود بالنفع على جميع المواطنين في تركيا، بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية، في حين هدفت رسالة أوجلان إلى طمأنة شعبه وأنصاره في الحزب، بأن قراره ليس هزيمة، بل تغيير في الاتجاه: التحول من الكفاح المسلح إلى المشاركة السياسية.

على الأرض، يبدو أن رسالة أوجلان شجعت الرأي العام الكردي في تركيا، على إعلان تأييد نزع السلاح والانخراط في عملية السلام، حتى في أوساط الكرد الذين يشككون في نوايا الحكومة التركية وحزب أردوغان، حيث أظهرت استطلاعات الرأي، بحسب متابعين، أن غالبية ناخبي حزب "الشعوب الديمقراطي"، بالإضافة إلى قومية الزازا الذين يعرّفون أنفسهم بأنهم كرد، يؤيدون عملية السلام، كما أظهرت الاستطلاعات أيضا أن نزع سلاح الحزب يحظى بتأييد أعلى من المتوسط على المستوى الوطني التركي عامة.

على العموم، لا يُنهي إعلان حزب "العمال الكردستاني" تخليه عن السلاح، أكثر من أربعة عقود من الكفاح المسلح الذي أودى بحياة عشرات الآلاف وشرّد الملايين فحسب، بل يفتح أيضا فصلا جديدا في السياسة التركية والكفاح المسلح الكردي، ويحمل في طياته إمكانية تحول جذري في العلاقة بين القوميتين، والعمل على إنصاف القومية الكردية المضطهدة، فضلا عن تجديد الخطاب السياسي التركي المركزي، ومحاولة استيعاب الانقسامات الاجتماعية، وإعادة قراءة السياسات التي أشعلت الصراع. 

ومن المتوقع أن يكون لعملية السلام آثار إيجابية في المؤسسات والأحزاب والرأي العام في تركيا، التي تأثرت بالعداء بطبيعة الحال، قد ينتج عنها ظهور أحزاب جديدة كردية بالأخص، وصولا إلى قيام الدولة التركية ببعض الإصلاحات الدستورية الضرورية، وترتيب علاقات الحكومة مع المعارضة بخاصة الكردية من جهة، ومن جهة أخرى قد تغير موازين القوى في السياسة التركية، ويُعدّ حزب "المساواة الشعبية والديمقراطية" القريب من الكرد، محور هذا التحول، ومن المتوقع أن يكتسب شرعية أكبر ومساحة سياسية أوسع للعمل. 

مشاركة
1 2 3 4 ... 6

قد يعجبك

تابعونا على تويتر انضم إلينا على الفيسبوك
أثناء الممارسة نكتشف الفلسفة الحقيقة للوينج تشون