مشاركة
بعد مقالتي الأخيرة الأسبوع الماضي، التي كنت أحسبها نقطة التوقف عن الدندنة حول عروس المصائف، جاءني اتصال من زميل هو من عشاق الطائف، وليس من أهلها يذكرني بأولويات تميزت بها الطائف، وتستحق الذكر، ويذكرني بأن الطائف واجهة ثقافية تستحق الاهتمام في هذا الجانب، فكم من المثقفين والأدباء والفنانين خرجوا منها، وترعرعوا فيها وكانت لهم صولات وجولات يذكرها المجال الأدبي والفني والمهتمون بهما، وهنا يأتي دور وزارة الثقافة والجهات التابعة لها في الطائف؛ مثل النوادي الأدبية!! توجد بالطائف المكتبة العامة التي كانت تابعة لوزارة التعليم، واليوم تابعة لوزارة الثقافة. هذه المكتبة خصص لها مبنى رائع، لكن أجزم أن معظم أهالي الطائف والزوار لا يعرفون عنها شيئاً، في حين أنها يجب أن تكون معلماً ثقافياً حاضراً في كل وقت يعرفه الصغار والكبار! هذه المكتبة بها قاعات واسعة تتسع أن تكون ملاذاً لمحبي القراءة وتربية الصغار على حبها من خلال قاعات خاصة للأطفال! كنا نتمنى أن يوجد للطائف دليل سياحي يحتوي على أسماء الأماكن من متنزهات وأسواق وفنادق وألعاب ومعالم تاريخية وغيرها، وحبذا لو كان الدليل باللغة العربية الصحيحة ومهم جداً أن يشتمل الدليل على توضيح لتاريخ المكان وموقعه وصاحبه، الذي أسسه وتقييمه عند الجمهور ثم تزويد الباحثين بأرقام تواصل عند أي شكوى أو حدوث مشكلة!! هكذا يكون الدليل السياحي مساعداً للسائح والزائر في تحركه وتجواله في المدينة بكل راحة واطمئنان، الحقيقة أن الأولويات في الطائف كثيرة جداً لكن لعل أبرزها أن بها أول مدرسة للعلوم الشرعية والعربية، أسسها الملك عبد العزيز- طيب الله ثراه- عام 1364 للهجرة، وهي (دار التوحيد) الماثلة حتى اليوم، تضم داخلها متحفاً يحكي تاريخها العريق ومسيرتها المجيدة، درس وتخرج منها عدد كبير من العلماء والأمراء والوزراء والمسؤولين،الذين حملوا لواء خدمة الوطن،، هذه الدار العلمية العريقة -للأسف- معظم شباب الطائف، بل وشباب المملكة لا يعرف عنها شيئاً !! لماذا؟؟ لأننا لم نهتم كثيراً بنشر المعرفة الهامة عن التاريخ المحلي، فمثلاً كان من المهم- ولا يزال- أن يكون ضمن المناهج منهجاً يسرد تاريخ المملكة والأماكن العريقة في جميع المناطق وليس منطقة واحدة!! وهذا يقع على عاتق المحافظات أن تحرص على إظهار الصورة الحقيقية للمنطقة ونشرها ليعرفها الجميع!! ولو كنت واضعة لأسئلة اختبارات التوجيهي لوضعت سؤلاً يتجدد كل عام، ويكون إجبارياً وعليه درجة كبيرة! السؤال يقول:( تحدث عن مدينتك واذكر معالمها وتاريخها وأهميتها بين المدن) وقد أحدد في كل مرة معلماً ليتحدث الطالب والطالبة عنه!! الطائف كانت أول مدينة في الشرق الأوسط ينفذ فيها مشروع متكامل للمياه والمعالجة وتصريف مياه السيول، ولا زالت الطائف حتى اليوم تعيش إيجابية هذا المشروع ودقة العمل فيه بفضل الله- عز وجل- وأول مدينة سعودية تحتضن أول مؤتمر قمة إسلامي، وأول مدينة يشق بها طريق جبلي، هو تحفة الطرق في الشرق الأوسط، وفيها من الأولويات الكثير قد لا يتسع المجال لذكرها، خاصة أنني أثناء كتابة المقال حصل حادث الجبل الأخضر، الذي لم يعد أخضر بعد هذه الحادثة، فقد صبغه الدم لمصابات دخلنه بفرحة اللعب وخرجن منه منقولات بدموع من دم ودماء تسيل !! ولن نعتمد على الأقاويل في هذه الحادثة، لكن نعتمد على الوقائع، ولعل الفاجعة الحقيقية هي إصابة الأختين اللتين فقدتا أرجلهما؛ إحداهما لرجلين والثانية رجل واحدة! وحتى لو كان الفقد لأصبع واحدة، فهو مأساة!! لا شك أنه القدر، واللهم لا اعتراض على قضائك. نسأل الله السلامة لكل المصابات، والجبر والصبر لمن تضررن ضرراً بالغاً!! لكن حقيقة لابد من التوقف؛ لأن ما حصل كان سببه الإهمال والعبث بأرواح الناس!! لا أدري من هو صاحبها، هل هي لشخص أم للبلدية؟ أياً كان الأمر فالمحاسبة لكل الجهات المسؤولة أمر ينتظره الجميع، وبالذات ذوو الضحايا!! من يتولون الاستثمار في حياة الناس، يجب أن يكونوا على مستوى من العلم والدين وتقديم مصلحة الناس على مصلحة الكسب. الطائف مدينة موسمية، بمعنى أن الملاهي تبقى في العراء والهواء والأمطار والشمس طوال فترة الشتاء، ما يؤثر على الحديد، فكيف تسمح الجهات المختصة، أو كيف يفوتها تهالك لعبة ما!! يشير أحد الأخوة إلى أن هناك شبه احتكار للملاهي في الطائف لشخص أو شخصين، وأن المصالح الشخصية تلعب دوراً بارزاً في هذا الميدان!! إن كان هذا صحيحاً فهذه كارثة؛ فيجب أن تكون الملاهي في الطائف للجديرين بها الأمينين على حياة الناس، حتى وإن لم يكونوا ذوي حظوة عند البلدية!!! يجب أن تخرج البلدية من مبدأ المنفعة للأقرب وداً، حتى يكون مجال التنافس قوياً، وحتى يكون البقاء للأفضل، ويجب أن تكون الجهات الرقابية بعيدة كل البعد عن المحاباة، وألا تكون قراراتها بناء على العلاقات الشخصية!! وأن تكون المصلحة العامة في المقدمة.. تعلو ولا يعلى عليها إلا الأمانة والإخلاص؛ فالألعاب والقائمون عليها والمشغلون لها يجب أن يكونوا تحت الرقابة والصيانة والتدريب المستمر. المملكة بأسرها تلهج بالدعاء للمصابات، اللهم عوضهما عما فقدتا من خير الدنيا والآخرة، واجبر قلبيهما، وقلوب أهلهما ومحبيهما. نسأل الله السلامة لكل من كن في اللعبة، وما تعرضن له من فزع وهلع، اللهم سخر للطائف المحبين المخلصين من مسؤولين ورجال أعمال في كل مجال. (اللهم زد بلادي عزاً ومجداً وزدني بها عشقاً وفخراً). © 2025 جميع الحقوق محفوظة، جريدة البلاد السعودية جميع التعليقات والاعلانات والردود المطروحة لا تعبر عن رأي (الصحيفة) بل تعبر عن رأي كاتبها
مشاركة