رسوم ترمب
مشاركة
كثيراً ما اعتبرت العلاقة الاقتصادية بين الأردن والولايات المتحدة نموذجاً للشراكة الإقليمية الناجحة، فمنذ توقيع اتفاق التجارة الحرة بين البلدين عام 2001 تمتعت الصادرات الأردنية بمعاملة تفضيلية في السوق الأميركية، مما أسهم في ازدهار قطاعات مثل صناعة الألبسة والمجوهرات والأسمدة، إلا أن القرار الأميركي الأخير بفرض رسوم جمركية بـ 15 في المئة على المنتجات الأردنية يعد نقطة تحول مفاجئة، إذ تباينت ردود الأفعال داخل البلاد، وعلى رغم المناخ الإيجابي للعلاقات الثنائية بين واشنطن وعمّان فإن ثمة مراقبين يرون أن هذه الرسوم التي بدأت سابقاً بـ 20 في المئة قبل خفضها ستكون لها آثار ملموسة على التنافسية الأردنية والوظائف في قطاع التصدير، إضافة إلى أداء الاقتصاد الكلي.

إلى الأردن 2 مليار دولار، مما يعني وجود عجز تجاري أميركي مقداره 1.4 مليار دولار، وهو ما يعكس اعتماداً أردنياً واضحاً على السوق الأميركية، إذ تشكل هذه الصادرات نحو 28 في المئة من إجمال الصادرات الأردنية، في حين تمثل أنشطة التصدير إلى أميركا ما يقارب 6.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الأردني.

ويرى اقتصاديون ومراقبون أن ثمة تداعيات متوقعة على القطاعات التصديرية الأردنية، إذ تعتمد المملكة بصورة أساس على تصدير الملابس والنسيج والمجوهرات والأسمدة والأدوية وغيرها إلى السوق الأميركية، ويشكل قطاع الملابس والنسيج الذي يوظف عشرات الآلاف، غالبيتهم نساء، حوالي 23 في المئة من صادرات الأردن إلى الولايات المتحدة (1.7 مليار دولار)، في حين تشير تقديرات أولية إلى أن فرض الرسوم الجمركية الجديدة قد يؤدي إلى انخفاض الصادرات في قطاع الملابس بنسب تتراوح ما بين 20 و 30 في المئة، مما يؤدي إلى خسارة 15 ألف وظيفة مباشرة في القطاع المذكور.

وبحسب مؤسسة "بي أم أي فيتش" فإن الأردن هو الأكثر عرضة لانخفاض متوقع في النمو إلى 2.1 في المئة خلال العام الحالي، وزيادة العجز في الحساب الجاري ليصل إلى 7.4 في المئة من الناتج، بينما يحذر اقتصاديون من أن فرض الرسوم الأميركية خلال موجة التضخم العالمي التي طاولت الأردن يمكن أن يؤدي إلى رفع الأسعار على المستهلكين بسبب ارتفاع كلفة مدخلات الإنتاج، كما أن من شأن هذا القرار الأميركي أن يخلق الضغط على الشركات العاملة في المناطق الصناعية في الأردن (الكويز)، فيما يطالب اقتصاديون بتنويع أسواق التصدير إلى أوروبا وآسيا وأفريقيا لتخفيف الاعتماد على السوق الأميركية ودعم الصناعات المحلية وزيادة تنافسيتها.

وتقول "مؤسسة تمكين" للتطوير إن القرار الأميركي جاء في وقت حرج بالنسبة إلى الاقتصاد الأردني الذي يعتمد بصورة كبيرة على التجارة الخارجية، ولا سيما مع الولايات المتحدة، مما يثير المخاوف حول تأثيره في القطاعات الإنتاجية وسوق العمل داخل البلاد، مؤكدة أن القرار يشكل تحدياً اقتصادياً وبخاصة لقطاع الألبسة والمنسوجات الذي يمثل 1.75 مليار دولار من الصادرات الأردنية، مع توقعات بأن تتسبب الرسوم الجمركية الجديدة في رفع كُلف الإنتاج مما يجعل المنتجات الأردنية أقل تنافسية في السوق الأميركية مقارنة بنظيراتها في دول أخرى، وهو ما سيؤثر مباشرة في الشركات الأجنبية العاملة داخل البلاد والتي قد تضطر إلى تقليص أعمالها أو إغلاق بعض فروعها، كما أن القرار سيفاقم معدلات البطالة ولا سيما بين الشباب الأردني من غير الجامعيين الذين يعتمدون بصورة كبيرة على قطاع الألبسة والمنسوجات في فرص العمل، فضلاً عن التأثير في برامج التمكين الاقتصادي للمرأة وأهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة.

بدوره أكد مدير "مركز الدستور للدراسات الاقتصادية" عوني الداود أن الميزان التجاري مع الولايات المتحدة لمصلحة الأردن بنحو 1.4 مليار دولار، موضحاً أن 78 في المئة من مجمل الصادرات الأردنية للسوق الأميركية هي من قطاع الحياكة والملابس والمنسوجات، ولذلك فإن هذا القطاع سيكون الأكثر تضرراً بهذه القرارات، إذ يعول عليه في رفع معدلات التصدير وخلق فرص العمل في رؤية التحديث الاقتصادي عام 2033، مضيفاً أن الحكومة شكلت لجنة مكونة من ثلاثة وزراء مع القطاع الصناعي لبحث تداعيات القرار وآثاره في الاقتصاد الأردني والبدائل المتوقعة. وأشار الداود إلى أن هناك تحديات سيواجهها الاقتصاد الأردني خلال مرحلة ترمب، بدأت بالمساعدات ولن تنتهي بالرسوم الجمركية، داعياً إلى مزيد من سياسات وبرامج الاعتماد على الذات والتعاون الوثيق مع القطاع الخاص، مطالباً كذلك بتنشيط صادرات السوق الأقرب للأردن، وهي السوق الأفريقية، وإزالة المعوقات تجاهها مع تذليل العقبات التي تحول دون زيادة التبادل التجاري مع الاتحاد الأوروبي.

مشاركة

قد يعجبك

تابعونا على تويتر انضم إلينا على الفيسبوك
أضف سلعة أو إعلاناً الى السوق