شاهد: قصة إنسانية.. سرق الاحتلال وأعوانه حياته وماله وارتقى شهيداً للقمة العيش
مشاركة
شاهد: قصة إنسانية.. سرق الاحتلال وأعوانه حياته وماله وارتقى شهيداً للقمة العيش - وكالة خبر الفلسطينية للصحافة

وعن اللحظات التي سبقت استشهاده، يقول محمود: "وصلنا بعد ساعتين تقريباً لمنطقة الشاكوش وكانت الساعة وقتها الثامنة صباحاً، فيما تفتح الشركة الأمريكية أبوابها في العاشرة صباحاً، فجلسنا ننتظر البوابة لكي تفتح في مكان بعيد عن أي خطر، ولم يكن سوى عشرات من الشباب الذين وصلوا للمكان باكراً، اشترى لنا أخي كوبين من القهوة المطحونة من الحمص وارتشفنا رشفة واحدة فقط ونهض من مكانه فطلبت منه أنّ يجلس لانتشار القناصة في كل مكان، لكنه أخبرني بأنَّ الوضع هادئ ولايوجد أيّ خطر ولا داعي للقلق، وقبل أنّ يُكمل عبارته بدأ الرصاص ينهمر فوق رؤوسنا فناديت عليه بأنّ يُخفض رأسه وفعل ذلك وبعد أنّ هدأ أزيز الرصاص رفع رأسه ليرى حوله ماذا حدث فإذ بقناص مُجرم يُصوب سلاحه القذر على فم أخي فاخترقت الرصاصة فمه ودخلت في حنجرته وانفجرت في صدره وخرجت من ظهره فسقط مغشياً على وجهه وركضت عليه مفجوعاً مما رأيت، احتضنته فرأيت دماءه تسيل من كل مكان وكان يصارع الموت فطلبت منه أنّ ينطق الشهادتين، ورفع أصبع السبابة ونطقها وارتقى محمد وغاب عن الدنيا التي أحب أنّ يقضيها معنا ومع أبنائه".

وعن لحظات مابعد الاستشهاد، قال: "بعد أنّ رأيت أخي مضرجاً بدماءه تملكني الغضب والحزن ولم أدري ماذا أفعل، المنطقة أصبحت مكتظة بالشبان الذين توسلت إليهم أنّ يحملوا جثمان أخي الشهيد لكنهم لم يلتفتوا لي وكانوا يركضون نحو مكان المساعدات، فاضطررت أن أجر جثمانه مسافات بعيدة وهو ثقيل جداً والدماء تختلط بالرمل والمنطقة عبارة عن كثبان رملية ناعمة المشي عليها سيكون صعباً للغاية، قمت بعدها آسفاً ومضطراً لأنّ أقيد يدي أخي لأستطيع أنّ أسحبه وأخفف من وزنه فوثقتهما بحبل وسحبته مسافات بعيدة تقدر بإثني عشر كيلو متر ولم أجد أيّ أحد يساعدني، إلى أنّ جاء أحدهم كنت أظن أنهّ سيساعدني بحمل أخي بدلاً من سحبه بطريقة مهينة، لكنه سرق الحقيبة الصغيرة التي يضعها محمد على رقبته وفيها مبلغاً من المال كان سيوصله محمد لأختي وهاتفه وبعضاً من متعلقاته الشخصية، حين رأيت الشاب يسرقها ويركض بعيداً لم أترك جسد أخي وأركض وراءه، كنت أخاف أنّ يُداس جسده الطاهر بين آلاف الأقدام التي تسير عكس اتجاه سيرنا، واختفى هذا السارق، لايهم... فقبله سرق الاحتلال روح أخي ولا أسف على مال الدنيا بعده".

وعن مشهد التدافع الذي يحدث عند فتح بوابة الشركة الأمريكية، يقول: "فجأة وبدون أيّ مقدمات ترى أعداد مهولة من الشباب يركضون دون وعي ومن يسقط منهم يتركونه وقدره فلا يرفعونه عن الأرض وحتى إنّ توسل إليهم بأنّ يُسعفوه لايعطونه أهمية فيظل ينزف فترة طويلة ويدوسونه بأرجلهم حتى يلقى ربه شهيداً، لقد رأيت شباباً مضرجين  بدمائهم بعضهم ما زال فيه الروح ويرفع بيده للذين يركضون من الشباب بأنّ يحملوه ويسعفوه لكنهم كما قلت لايلتفتون إليه، ومنهم من فارق الحياة بعد أنّ يأس من محاولاته للشباب بتقديم يد العون له، الجميع باختصار كما نقول في حياتنا اليومية (في تلك الساعة اللهم نفسي ونفسي فقط) وأحمد الله أنني كنت مع محمد في لحظاته الأخيرة لكي أحمله وأكرمه قبل أنّ يُدفن بين أرجل الشباب الجائع".

محمد وآلاف الشباب ممن فقدوا حياتهم من أجل توفير لقمة العيش بعد أنّ حوصروا وحوربوا في غزة بلقمة عيشهم، خسروا عملهم ومستقبلهم وحياتهم وصنعوا لهم فخاً أسموه نقاط المساعدات الأمريكية فارتقى فيها أكثر من ألف شهيد تترواح أعمارهم مابين 13 إلى 60 عاماً ومازال العديد يفقدون أرواحهم في دائرة لاتنتهي من الموت وحرباً شعواء حرقت الأخضر واليابس.

شاهد: كيفية حصول المواطنين على المساعدات الأمريكية من النقاط التي اصطلح تسميتها "نقاط الموت".

مشاركة

قد يعجبك

تابعونا على تويتر انضم إلينا على الفيسبوك
Akhbar Algérie - أخبار الجزائر، التطبيق الإخباري الأول في الجمهورية