هبة نيسان 1989 في الاردن… إلى تحديث المنظومة السياسية وحل البلديات بداية الإصلاح ونهاية الحلم الديمقراطي
مشاركة
عام 1989 شكّل محطة مفصلية في مسيرة الشعب الأردني نحو استعادة حقوقه السياسية. ففي الخامس عشر من نيسان اندلعت ما عُرف بـ هبة نيسان، والتي بدأت نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار بقرار من حكومة زيد الرفاعي، لكنها سرعان ما تحولت من احتجاجات مطلبية إلى حراك سياسي واسع.

فقد ارتفعت الأصوات المطالبة بالحريات العامة، وإسقاط الحكومة، وإقرار قانون للأحزاب، بعد أن تطورت الأحداث إلى مواجهات بين المتظاهرين والأجهزة الأمنية، أسفرت عن وقوع إصابات عديدة.

أفضت هذه الأحداث إلى إقالة حكومة الرفاعي، وتكليف الأمير زيد بن شاكر بتشكيل حكومة جديدة، تبعها إجراء انتخابات برلمانية ورفع الحظر عن الأحزاب، إضافة إلى إلغاء قانون الطوارئ المفروض منذ عام 1967.

 ويرى كثير من المراقبين أن هبة نيسان كانت نقطة التحول التي أعادت الحياة السياسية للأردن ومهّدت لظهور الأحزاب من جديد بعد حظرها لسنوات طويلة. الانتخابات التي جرت آنذاك أفرزت مجلس نواب ما زال الأردنيون يستذكرونه بإيجابية، إذ ضم نخبة سياسية واجتماعية واقتصادية تركت أثراً بارزاً في الحياة العامة.

وقد ساعد على ذلك قانون انتخاب منح الناخب حرية كاملة في التصويت لعدد المقاعد المخصصة لدائرته. بدا وكأن البلاد تسير بخطوات واثقة نحو بناء تجربة ديمقراطية راسخة. لكن هذه التجربة لم تكتمل؛ فبدلاً من تطوير النظام الانتخابي باتجاه حكومات برلمانية، جرى الالتفاف عليها عبر تعديل القانون عام 1993 إلى “قانون الصوت الواحد”، الذي أدى إلى تفكيك المجتمع سياسياً واجتماعياً، ومنع تشكّل كتل برلمانية مؤثرة، خاصة في ظل استعداد النظام آنذاك لتوقيع معاهدة السلام مع إسرائيل.

ومنذ ذلك الحين أصبح العبث بقوانين الانتخاب وتفصيلها على مقاس السلطة، وأحياناً تزويرها بشكل سافر، سمة ملازمة للعملية الديمقراطية، مما أضعف التجربة التي انطلقت عام 1989. ولم يتوقف الأمر عند البرلمان، بل انسحب على مؤسسات منتخبة أخرى مثل المجالس البلدية.

فقد تعاملت السلطة معها باستخفاف، وسعت إلى إفشالها، وكان آخرها حل أكثر من مئة مجلس بلدي منتخب قبل انتهاء مدتها القانونية، بقرار من وزير الإدارة المحلية وليد المصري، رغم أنه أحد أعضاء لجنة تحديث المنظومة السياسية.

وجرى تعيين لجان مؤقتة لإدارة البلديات، ومنحت هذه اللجان دعماً واسعاً وتسهيلات كبيرة، على عكس ما كان يحدث مع المجالس المنتخبة التي وُضعت أمامها العراقيل، كما حصل في بلدية إربد، حيث أُفشل مشروعات مهمة سبق أن أقرتها المجالس السابقة، مما كبد البلدية خسائر مالية وفرصاً تنموية.

إن هذا النهج في إدارة الحياة السياسية يطرح تساؤلات جدية حول مدى التزام النظام ببناء مشروع ديمقراطي حقيقي، يقوم على أن يكون الشعب مصدراً فعلياً للسلطات، وأن تنبثق الحكومات عن مجالس نيابية ذات صلاحيات كاملة. فالتحديات والتهديدات الإسرائيلية المتكررة تجاه الأردن تستدعي جبهة داخلية موحدة ومتماسكة، وهذا لا يتحقق إلا عبر إطلاق الحريات وتعزيز الإصلاحات السياسية الجذرية.

ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية "راي اليوم" مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع للدعم:

ترحب 'راي اليوم' بآراء الكتاب وتأمل ان لا يزيد المقال عن 800 كلمة مع صورة وتعريف مختصر بالكاتب

فمثلا بعد ثورة الضباط الاحرار في مصر وارتفاع منسوب الخطابات الوطنية تأزمت الاوضاع وتحفزت الشعوب الى درجة الغليان فكان لا بد من تنفيس الاحتقان، وفي الاردن تم السماح حينها بالانتخابات النيابية التي أفرزت ممثلين وطنيين ويساريين واسلاميين وشكل اليساريون والوطنيون آنذاك حكومة سليمان النابلسي وبعد تجاوز الأزمة وتنفيس الاحتقانات تم زج معظم ممثلي الشعب في السجون في الجفر.

تكررت نفس التجربة تقريبا بعد هبة نيسان حيث كان الغضب عارما فتم السماح بانتخابات “حرة” …. وبعد تجاوز الأزمة تم الالتفاف على التجربة بالصوت الواحد ….. وهكذا دواليك.

وفي مشهد آخر بعد اندلاع احداث غزة كان يتم توزيع المشروبات البارده على المتظاهرين ثم وبعد ان استوعبت الحدث تغير التعامل مع المظاهرات فأصبحت تراها في كل العالم الا عند الاقربين.

باعتقادي ان شيئا لن يتغير ولن يسمح الغرب وإسرائيل بإقامة “ديمقراطيات” حقيقية في المنطقة وأن يحكم الشعب نفسه من خلال حكومات منتخبة تمثل ارادة الشعوب لأنه يعرف النتيجة جيدا.

في البلاد العربيه والتي تجري انتخابات صوريه معروفة النتائج سلفا ، ان قامت بعمل انتخابات حقيقيه فسيفوز بها التيار الاسلامي ، كما حدث في مصر والجزائر وجزئيا في الاردن.

الحكومات تحرك اجهزتها أثناء الانتخابات والاخوان يهددون الناخب بالذهاب الى النار ان لم ينتخبهم

التزام زوار "راي اليوم" بلياقات التفاعل مع المواد المنشورة ومواضيعها المطروحة، وعدم تناول الشخصيات والمقامات الدينية والدنيوية والكتّاب، بكلام جارح ونابِ ومشين، وعدم المساس بالشعوب والأعراق والإثنيات والأوطان بالسوء، وعلى ان يكون التعليق مختصرا بقدر الامكان. وان لا يزيد التعليق عن 100 كلمة، والا سنعتذر عن عدم النشر.

مشاركة

Error two category varieties no first cards

Error category videos cards

Error category top-news cards

قد يعجبك

تابعونا على تويتر انضم إلينا على الفيسبوك
أخبار بلادي ـ أخبار عاجلة، تطبيق الأخبار العربي رقم واحد