غوستافو بيترو.. رئيس لم يترك غزة وحدها في مواجهة تَخاذُل العالم
مشاركة
خلال عقد الثمانينيات، وفي ليلة ساكنة تحت لمعان النجوم في صحراء ليبيا، كان يجلس شاب يُدعى "إنان لورا" بين مقاتلين لا تجمعهم لغة ولا عِرق. حوله كانت القيثارة تعزف ألحانها، وعلى الأرض ترقد الأسلحة وطلقات الرصاص.

منتجات غذائية عربية تدفقت إلى إسرائيل خلال فترة تجويع غزة.. بيانات رسمية إسرائيلية تُظهر ما صدّرته الدول المطبِّعة

مصير القواعد الروسية ومحاكمة الأسد والجنوب السوري.. كواليس أول زيارة لوزيري الخارجية والدفاع السوريين إلى موسكو بعد سقوط النظام

30 مليار جنيه مديونيات حكومية تهدد بغلق عشرات شركات الدواء بمصر.. ومخاوف من “تصفية” لصالح شركات أجنبية

فصار عمدة العاصمة الكولومبية "بوغوتا" (2012–2015)، حيث طرح سياسات جذرية تتعلق بالعدالة الاجتماعية، والتوزيع العادل للثروات، والتعليم المجاني، وحقوق الفئات المهمشة.

وحاول غوستافو بيترو إعادة تشكيل النموذج الاقتصادي والاجتماعي لرابع أكبر اقتصاد في القارة، كولومبيا، ساعياً إلى تقليص الاعتماد على الصناعات الاستخراجية، وتقليص التفاوت الطبقي، ومواجهة إرث النيوليبرالية الجديدة التي ترسّخت منذ دستور 1991.

فتمثلت أبرز نجاحاته في إصلاح نظام التقاعد الذي قلّص نفوذ الصناديق الخاصة، ودعّمه الكونغرس، على عكس مشروعات قوانين الصحة والعمل والتعليم، التي واجهت عراقيل سياسية وتشريعية. ورغم فشل مشروع قانون إصلاح الصحة، وضع شركات التأمين الخاصة تحت سيطرة الدولة، وباتت الحكومة تدير النظام الصحي لنحو نصف السكان.

الرئيس الكولومبي فيرجيليو باركو فارغاس سرّاً بالجنرال الإسرائيلي المتقاعد رفائيل إيتان لوضع خطة لهزيمة حركة "القوات المسلحة الثورية الكولومبية" التي تُسمى اختصاراً "فارك"، والتي كانت تعتبر نفسها تمثل فقراء الريف الكولومبي في مواجهة هيمنة النخب ورفض الهيمنة الأميركية والخصخصة الاقتصادية.

، نفّذت الحكومة الكولومبية حينها عمليات قتل خارج نطاق القضاء، واعتقالات تعسفية، واختطافات ممنهجة، إلى جانب حملة قمع شاملة استهدفت المجتمع المدني نفسه. وقد وصفت محكمة العدالة والسلام الكولومبية هذا العنف الممنهج لاحقاً بأنه "

ويذكر أن المؤسسة العسكرية الكولومبية تبنت أساليب إسرائيل في قمعها للفلسطينيين. اعتمد الجيش على ميليشيات شبه عسكرية يمينية دموية مثل قوات الدفاع الذاتي المتحدة (AUC) لارتكاب المجازر. تدرّب زعماء تلك الميليشيات، وأبرزهم الأخوان كارلوس وفيديل كاستانيو، على أيدي شركة مرتزقة إسرائيلية يديرها ضابط سابق هو

ومع تولّيه الرئاسة، وتهنئة إسرائيل له فور فوزه، قامت كولومبيا في سبتمبر/أيلول 2023 – قبل اندلاع "طوفان الأقصى" مباشرة – بخطوة رمزية سياسية، إذ

شارعاً باسم "دولة فلسطين" في بوغوتا بحضور وزير الخارجية الفلسطيني، وعُزف النشيدان الفلسطيني والكولومبي في الحفل.

أثارت هذه التصريحات غضب تل أبيب، فردّت فوراً بتصعيد دبلوماسي؛ فقد استدعت إسرائيل السفير الكولومبي للتوبيخ.

لمشتريات الأسلحة من إسرائيل صحيح أن هذا القرار استثنى العقود الموقعة سابقًا التزامًا بالقانون، لكنه مثّل تحولًا تاريخيًا؛ فقد كانت كولومبيا حتى وقت قريب من كبار زبائن الصناعات العسكرية الإسرائيلي، ومنذ ذلك القرار، بدأت كولومبيا

بيترو إرسال تلك السفينة "تحدياً لحكومته" يستوجب الرد، ملوّحاً حتى بإلغاء عقود الامتياز الممنوحة لشركات التعدين الدولية (مثل Glencore وDrummond) إن تورطت في استمرار الشحنات إلى إسرائيل. علماً بأن هاتين الشركتين تحديداً تؤمّنان نحو

بالإضافة إلى ذلك، يحاول بيترو توحيد أصوات الجنوب العالمي لاتخاذ موقف أكثر جرأة وتنسيقاً تجاه العدوان الإسرائيلي. وهكذا وُلدت فكرة "

حظر تزويد إسرائيل بالأسلحة والذخائر والوقود العسكري وجميع المعدات ذات الاستخدام العسكري أو المزدوج

بطبيعة الحال، أثارت هذه التحركات غضب واشنطن وحلفاء إسرائيل. فقد نقلت وسائل إعلام أن مسؤولاً في الخارجية الأميركية

مشبعة بالتاريخ، إذ قارن بين النضال الفلسطيني والتاريخ الاستعماري لكولومبيا. فقال، متذكّراً جراح الماضي: "لقد عشنا غزة بدمائنا، وتعرضنا أيضاً للغزو".

قال: "للشعب الفلسطيني الحق في التمرد لأن أرضه محتلة". وأضاف: "احتل الإسبان أيضاً أراضينا الكولومبية، وإحدى جزرنا احتلها الفرنسيون والإنجليز، وبنما احتلها الأميركيون، واستولوا على أراضينا. الشعب المحتل يستحق التمرد؛ فالتمرد ليس جريمة".

هذه القناعة المبدئية دفعت بيترو لاتخاذ مواقف بالغة الجرأة، على الرغم من كلفتها الباهظة داخلياً وخارجياً.

مشاركة

Error category videos cards

قد يعجبك

تابعونا على تويتر انضم إلينا على الفيسبوك
Egypt News - أخبار مصر، التطبيق الإخباري الأول في جمهورية مصر العربية