حين تكون الخسارة هي الخيار الأفضل .. هل أبيع الآن؟
مشاركة
في عالم المال، حيث تتحرك الأرقام أسرع من نبضات القلب، وحيث تُبنى الثروات وتنهار الإمبراطوريات في لمح البصر، هناك قرار واحد يواجهه كل مستثمر عاجلاً أم آجلاً: هل أبيع الآن؟

ولكن متى تكون الخسارة ذكية؟ ومتى تتحول الأرباح إلى فخ قاتل؟ هذا ما سنكشفه عبر أمثلة من الواقع تظهر لنا كيف تهاوت أسهم لامعة بعد أن بلغت الذروة، وأدرك البعض – وإن متأخرين – أن وقت البيع الأمثل هو قبل وقت طويل من ذروة الانهيار.

يقع كثير من المستثمرين الأفراد في فخ نفسي يُعرف باسم "مغالطة التكاليف الغارقة" وهو مصطلح استخدمه العديد من المتخصصين في الاقتصاد ومن بينهم ريتشارد ثالير الحائز على نوبل في الاقتصاد السلوكي في عام 2017.

لكن بحلول منتصف عام 2025، انخفض السهم إلى أقل من 65 دولارًا، نتيجة تراجع الطلب واشتداد المنافسة، وبالتالي فإن أولئك الذين لم يقطعوا خسائرهم مبكرًا فقدوا أكثر من 85% من استثماراتهم.

وفقد سهم راكوتين الذي كان يُتداول بقوة في عام 2015 أكثر من نصف قيمته بحلول 2024، ومع ذلك ظل العديد من المستثمرين متمسكين بالسهم، آملين في تعافٍ لم يتحقق حتى الآن.

يرى كثير من المستثمرين أن مجرد الاحتفاظ بسهم لا يحقق خسائر فادحة هو أمر مقبول، بل وربما "آمن"، ما دام رأس المال الأصلي لم يتآكل بشكل ملحوظ، غير أن هذا التفكير يغفل عنصرًا بالغ الأهمية وهو تكلفة الفرصة البديلة.

فحين يبقى سهم ما في محفظتك لسنوات دون أن يحقق نموًا حقيقيًا، بل يراوح مكانه أو يتراجع تدريجيًا، فأنت لا تخسر فقط في القيمة، بل تفوّت فرصًا حقيقية للاستثمار في أسهم أخرى أكثر ديناميكية وربحية، ويصبح استثمارك أشبه ما يكون بسفينة لا تغرق لكنها أيضًا لا تُبحر.

فعلى سبيل المثال إذا كانت تستثمر في شركة واعدة في قطاع الاتصالات أو التجزئة، ثم دخلت في دوامة تنافسية أو بدأت بالتراجع، لتبقى أسهمها عالقة في نطاق سعري محدود لسنوات، فإن التمسك بأسهم تلك الشركة أملاً في عودة أمجادها يستهلك وقتًا ثمينًا.

فإذا استثمر أحدهم نحو 10 آلاف دولار أمريكي في نوفمبر 2014 بسهم الشركة الصينية الشهير بايدو بسعر 242 دولارًا أمريكيًا للسهم، ثم ظل محتفظًا به لنحو 16 شهرًا رغم تراجعه بنحو 35% ليصل إلى 145 دولارًا، فإن قيمة استثماره ستبلغ حينها 6500 دولار.

في عالم الاستثمار، من الصعب إن لم يكن مستحيلًا معرفة تحركات السوق بدقة، ومع ذلك هناك إشارات رئيسية لا يمكن تجاهلها، وتشير إلى أن الاستمرار في التمسك بأصل خاسر قد يفاقم الخسارة، لا يقللها.

ففي عالم المال، ليس النجاح في تعظيم الأرباح فحسب، بل في تقليل الخسائر أيضًا. إنّ قدرتك على التخلّي الواعي عن الأصول المتعثرة، والاعتراف بانتهاء صلاحية استثمارٍ ما، تُعدّ من علامات النضج المالي والانضباط الاستراتيجي.

الاستثمار الناجح لا يقوم فقط على معرفة متى تشتري، بل متى تخرج أيضًا، والقدرة على الحسم في لحظات الحيرة، هي ما يميّز المستثمر المتبصّر عن المتردد الذي يعلّق آماله على الماضي.

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

مشاركة

Error category videos cards

قد يعجبك

تابعونا على تويتر انضم إلينا على الفيسبوك
Akhbar Maroc - أخبار المغرب، التطبيق الإخباري الأول في المملكة المغربية