هل ينتقل صراع النفوذ من النيل إلى القرن الإفريقي؟ نشر قوات مصرية بالصومال ينذر بتصعيد جديد مع إثيوبيا
مشاركة
عبرت الاعتراضات الإثيوبية عن نشر قوات مصرية ضمن بعثة الاتحاد الإفريقي لدعم الاستقرار في الصومال عن تصاعد التوترات القائمة بين القاهرة وأديس أبابا على خلفية إنشاء سد النهضة، والذي تم افتتاحه رسمياَ هذا الشهر، إلى جانب انتقال النزاع على الهيمنة الأفريقية من نهر النيل الذي تبدو فيه إثيوبيا هي المتفوقة الآن إلى منطقة القرن الأفريقي بعد أن وضعت مصر قدماً في مناطق تأثير إستراتيجية لأديس أبابا بخاصة في الصومال المجاور.

لماذا قبلت مصر بدور مستقبلي للدعم السريع بالسودان؟ مصادر: مخاوف التقسيم والحفاظ على علاقاتها مع دول الخليج وراء موقف القاهرة

وقال مصدر عسكري مصري مطلع على هذا الملف، إن القاهرة عززت علاقاتها مع الصومال وتستهدف من وراء بعثتها المشاركة ضمن قوات الاتحاد الأفريقي لدعم مقديشو في مواجهة الإرهاب على أراضيها، وكذلك للحفاظ على عدم حدوث اختراق في دول لديها أطماع في الوصول إلى البحر الأحمر من خلال تدشين قواعد عسكرية (في إشارة إلى إثيوبيا).

لكنه أوضح في الوقت ذاته أن هذه القوات ليست موجهة ضد أحد، ولن تخرج عن إطار مهام عملها ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي إلى مهام تطوير الجيش الصومالي وفقاً لاتفاقيات عسكرية سابقة بين البلدين.

وذكر أن مصر أو الصومال ليس لديهم نوايا عدائية مع أديس أبابا، ويمكن القول بأن التطورات الأخيرة تعبر عن إستراتيجية دفاعية والتأكيد على أن هناك قوة عسكرية يمكن أن تواجه "غطرسة أثيوبيا التي تنتهك السيادة الصومالية بتعاونها مع مجموعات انفصالية غير معترف بها دوليَا وتهدف إلى مزيد من زعزعة الاستقرار في البحر الأحمر وإن كانت نواياها تنموية كما تدعي"، على حد تعبير المصدر.

وأشار إلى أن بدء الاستعداد لانتشار الجنود المصريين في الصومال يخدم مباشرة إحداث توازن في موازين القوى السياسية والعسكرية في القرن الأفريقي والبحر الأحمر، وإن لم يكن ذلك هدفاً رئيسياً من نشر القوات، غير أن قوة الجيش المصري تجعله رقماً مهماً، وأن ذلك يساعد القاهرة على نسج مواقف أكثر قوة مع جيران إثيوبيا بشأن الضغط عليها للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لتشغيل السد مع افتتاحه هذا الشهر، وأن القاهرة على استعداد للتعاون التنموي شريطة أن يكون وفقاً لاتفاقيات قانونية معترف بها دوليا وليس وفقاً لأهواء أديس أبابا.

ولفت إلى أن المشاركة الفاعلة في بعثة الاتحاد الأفريقي لا تنفصل عن جهود بذلتها الأجهزة الأمنية والاستخباراتية والعسكرية المصرية طيلة السنوات الماضية بشأن تقديم الخبرات والتدريبات المطلوبة للعناصر الأمنية في دول أفريقية عديدة، وهو ما يدعم أن تكون مصر لاعباً مهماً في تحقيق السلام والأمن في أفريقيا، دون أن يكون لديها أهداف عدائية لكنها تحاول أن تنسج علاقاتها انطلاقاً من التنسيق الأمني بعد أن حققت نتائج مهمة على مستوى مكافحة الإرهاب والحد من الهجرة غير الشرعية على أراضيها.

تحقيق: تطبيق إسرائيلي على هواتف سامسونج لا يمكن حذفه.. يجمع معلوماتك ويستهدف المستخدمين بالشرق الأوسط 

أزمة طاقة وشيكة في إسرائيل.. تحذيرات من نفاد مخزونات الغاز ومطالب بوقف التصدير إلى مصر والأردن

ووصل وفد عسكري مصري متقدم إلى مطار عدن عدي الدولي في مقديشو، يضم ضباطاً كباراً ووحدات خاصة، تمهيدا لنشر قوات مصرية ضمن بعثة الاتحاد الإفريقي لدعم الاستقرار في الصومال  (AUSSOM).

وبحسب ما نشرته وسائل إعلام صومالية، سيعمل الوفد العسكري المصري على وضع الأسس اللوجستية والتنسيق مع السلطات الصومالية لتسهيل وصول 1091 جندياً مصرياً كجزء من البعثة الإفريقية، بالإضافة إلى قوات أخرى ضمن الاتفاقية الثنائية بين القاهرة ومقديشو.

ورحبت وزارة الدفاع الصومالية بالخطوة، مؤكدة أنها تعكس "التزام مصر بدعم أمن الصومال وبناء قدرات الجيش الوطني الصومالي" في مواجهة تنظيم الشباب، مشيرة إلى أن الفريق المصري أكمل تدريبات مكثفة قبل الوصول، مما يعزز جاهزيته للعمل في بيئة أمنية معقدة.

وقال مصدر عسكري مصري آخر مطلع على تفاصيل التعاون مع الصومال، إن القاهرة تنظر إلى قواتها المشاركة في البعثة الأفريقية باعتبارها أداة مهمة للتعامل مع تهديدات الملاحة الدولية في البحر الأحمر، وهو هدف اقتصادي يتعلق بتأمين قناة السويس ويتجاوز مسألة سد النهضة وهو لا يغيب أيضاً عن بنك الأهداف المصري.

وبحسب المصدر ذاته فإن ذلك ما يجعل الصومال تحمل أهمية كبيرة للأمن القومي المصري، بخاصة وأن هناك توقعات بحدوث اضطرابات أخرى في المنطقة حال تجددت الحرب الإسرائيلية الإيرانية وفي حال اتساع نطاق الصراعات الدائرة في المنطقة لتنخرط فيها قوى عظمى.

وأشار إلى أن مصر وجدت صعوبات في إحداث اختراقات تذكر على مستوى استعادة علاقاتها مع دول القارة الأفريقية، وكان تركيزها على البنية التحتية والتنسيق الأمني والعسكري مدخلاً مهماً لكنه لم يحقق الأثر المرجو لأن إثيوبيا استطاعت جذب دول حوض النيل إلى اتفاقية عنتيبي وهي معنية بإعادة تقسيم المياه، كما أنها لم تستطع التعامل مع الاختراقات الإقليمية الأخرى التي لديها مصالح اقتصادية وأمنية أكبر مع وجود قواعد عسكرية ودعم اقتصادي مستمر للدول الافريقية لا تستطيع القاهرة تحمل تكلفته، ما يجعل التواجد في الصومال تعويضا عن ملفات أخرى لم تحقق الأثر الإيجابي المرجو.

وأكد أن القاهرة تضرب عصفورين بحجر واحد فهي من ناحية تقدم خبراتها لمواجهة حركة "الشباب" الصومالية بما لديها من خبرات في مواجهة التنظيمات المسلحة في شبه جزيرة سيناء، ومن ناحية أخرى فهي تعرقل وصول أثيوبيا إلى ساحل البحر الأحمر عن طريق "أرض الصومال" وهناك قناعة إنه إذا جرى تحديث الجيش الصومالي فإن أديس أبابا ستفكر في خطواتها، لافتاً إلى أن مصر كان يمكن أن تبحث عن صيغة للتعاون مع إثيوبيا غير أن مواقفها في سد النهضة وأزماتها مع جيرانها تشير إلى أن تشاطئها سيكون محل مشكلات أكبر.

وذكر أن القاهرة تبعث برسائل تهديد غير مباشرة لأديس أبابا بأن سد النهضة أضحى في متناول قواتها، ورغم أنه لا مجال لتوظيف عمل بعثة دولية في أعمال عدائية لكن ذلك يشكل ضغطاً على إثيوبيا، التي ستكون في حالة قلق مستمر من قرب التواجد المصري من حدودها خاصة وأن هناك تواجد لجنود مصريين في القاعدة العسكرية بإقليم "جيدو" في الصومال وهي على الحدود مع إثيوبيا، وستكون تلك المنطقة بمثابة ارتكاز لقوات مصرية تشارك في تدريبات مع الجيش الصومالي لتطوير قدراته. 

وأشار المصدر أيضاً إلى أن التواجد المصري في الصومال محفوف بالمخاطر أيضاً لأن الجنود المصريين يمكن أن يكونواً هدفاً لقوات الشباب الصومالية أو لأي مجموعات مسلحة يمكن أن تعمل لحساب أطراف مناوئة لمصر، بخاصة وأن منطقة "جيدو" شهدت تنفيذ عمليات من جانب حركة الشباب الصومالية على مدار السنوات الماضية، ويمكن أن يكون التلويح باستخدام القوة عبر التواجد العسكري قرب سد النهضة مقدمة لتصعيد آخر بين البلدين.

وفي يناير من هذا العام، صرح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن بلاده ستكون دائما على استعداد للدفاع عن الصومال، نظرا لكون هذا البلد الواقع في شرق أفريقيا عضوا في جامعة الدول العربية.

ووقعت مصر اتفاقية دفاعية مع الصومال في أغسطس 2024 نصت على نشر 10000 جندي مصري في الصومال، نصفهم ضمن مهمة الاتحاد الإفريقي، والنصف الآخر في إطار اتفاق ثنائي مباشر، ما يعيد تشكيل توازن القوى في القرن الإفريقي.

وحسب صحيفة "الصومال الجديد" فقد "وصلت طائرتان عسكريتان مصريتان، الثلاثاء الماضي، إلى مطار آدم عدي الدولي في العاصمة الصومالية مقديشو، كان على متنهما معدات عسكرية وضباط ضمن إعادة تنظيم استراتيجي أوسع نطاقاً في منطقة القرن الأفريقي، حيث يسعى الصومال إلى تعزيز قدراته العسكرية من خلال الشراكات الدولية".

وبحسب خبير في الشؤون الأفريقية، فإن الاعتراضات الإثيوبية على تواجد القوات المصرية في الصومال يرجع لأن هناك عداء تاريخي بين الطرفين ولأن تعقيدات سد النهضة مازالت مستمرة بل أن نشر قوات عسكرية مصرية يأتي بالتزامن مع استعدادات افتتاحه، وهناك خطط إثيوبية لبناء مزيد من السدود على ساحل النيل الأزرق، ويشكل وجود القوات المصرية تهديداً لخططها المستقبلية، لأنه ليس من المتوقع أن تقع مصر في نفس الخطأ السابق حينما سمحت لأديس أبابا ببناء السد.

وأضاف أن أديس أبابا ترى بأن مصر وضعت كماشة لخنقها فهي وطدت علاقتها مع كلاً من الصومال وإريتريا، وهو ما يشكل تهديدا على مصالحها في المنطقة، كما أن لديها توترات مع الدولتين، ما يجعل من الانخراط المصري في أي من هذه الصراعات قائماً وستكون فرصة للرد على حرب المياه التي تشنها.

ووفقاً للمصدر فإن تعزيز التعاون مع قوى مجاورة لإثيوبيا يقلص من فرص مناورة أديس أبابا بحجب المياه عن دولتي المصب في حال لم يكن هناك اتفاق بشأن التشغيل، في حين أن خطط الاستفادة من الطاقة الكهرومائية يتطلب حجب كميات هائلة من المياه قد تسبب جفافاً في المياه لدى مصر والسودان.

ولفت إلى أن الاعتراض الأكبر من جانب إثيوبيا يتعلق بأن الملف الأمني الصومالي الذي كانت تتحكم في مقاليده لسنوات طويلة نتيجة لتنسيقها الأمني المستمر مع مقديشو أضحى في مهب الريح الآن، وهو ما دفعها لتحسين العلاقات مع الحكومة الصومالية بحثاً عن إمكانية تحييد مصر، مع بدء نشر قوات مصرية فإنه من الواضح أن المحاولة الإثيوبية لم تحقق أهدافها، وبالتالي سيكون هناك إعادة رسم موازين القوى في منطقة القرن الأفريقي على أسس التوازن وليس حسم القوة لصالح أي من مصر أو إثيوبيا.

وعبّر السفير الإثيوبي في مقديشو سليمان ديديفو عن استياء بلاده من وجود قوات مصرية في الصومال، وأن أديس أبابا لا تشعر بالتهديد منها أو الارتياح لها، ولا تمثل "أيّ فائدة أمنية" مؤكدا أن إثيوبيا لا تمانع في استقدام قوات من أي دولة صديقة، لكن وجود قوات من مصر قد يشكل تحديا سياسيا واستراتيجيا للقوات الإثيوبية في الصومال، ويبلغ عددها نحو 4 آلاف جندي.

تقدر شركة إنتغرال ميديا الاستشارية المحدودة خصوصيتك وتعلم جيدًا كم هي مهمة لك وأنك تهتم بكيفية استخدام بياناتك الشخصية.

نحترم ونقدّر خصوصية جميع من يزورون موقع عربي بوست، ولا نجمع أو نستخدم بياناتك الشخصية إلا على النحو الموضح في سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط، ولأغراض تحسين المحتوى المقدم وتخصيصه بما يناسب كل زائر؛ بما يضمن تجربة إيجابية في كل مرة تتصفح موقعنا.

تعتبر موافقتك على سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط أمرًا واقعًا بمجرد استمرار استخدامك موقعنا. يمكنكم الموافقة على جميع أغراض ملفات الارتباط بالأسفل، وكذلك يمكنكم تخصيص الأغراض والبيانات التي يتم جمعها. يرجى العلم بأنه حال تعطيل كافة الأغراض، قد تصبح بعض مزايا أو خصائص الموقع غير متاحة أو لا تعمل بشكل صحيح.

مشاركة

Error category videos cards

قد يعجبك

قد يعجبك

تابعونا على تويتر انضم إلينا على الفيسبوك
Egypt News - أخبار مصر، التطبيق الإخباري الأول في جمهورية مصر العربية