مشاركة
مشروع سوق النقل الجوي الموحد لإفريقيا، الذي أطلق عام 2018 كأحد المشاريع الرائدة في أجندة الاتحاد الإفريقي 2063، يواجه صعوبات في الإقلاع. هناك عدة عوامل تعيق تنفيذه، رغم انخراط الدول وآثاره الإيجابية العديدة. في اجتماعهم الأخير في كيغالي، قرر الوزراء المسؤولون عن النقل والطيران المدني تسريع مشروع تحرير الأجواء الإفريقية، الذي يجمع 38 دولة من أصل 54 دولة عضو في القارة. ومع ذلك، من هذا الحجم، لم تسجل القارة الإفريقية سوى 160 مليون مسافر، أي ما يعادل 3.27% من حركة المرور العالمية. ويعزى هذا الوضع بشكل رئيسي إلى ضعف الربط الجوي في القارة. فوفقا للاتحاد الدولي للنقل الجوي، لا تخدم سوى 19% من المسارات الجوية بين الدول الإفريقية برحلات مباشرة. ونتيجةً لذلك، يجبر المسافرون الأفارقة، للربط بين عاصمتين أفريقيتين، على المرور عبر مراكز خارج القارة، وخاصة دبي والدوحة وإسطنبول وباريس ولندن، وغيرها. تطيل هذه الرحلات الطويلة أوقات الرحلات وتزيد أسعار التذاكر بشكل كبير. بالإضافة إلى مشكلة الربط، تتجاوز رسوم الملاحة الجوية في إفريقيا المعدل العالمي بنسبة 10%. وعند جمعها معا، يمكن أن تمثل هذه الرسوم، في بعض الدول، ما يصل إلى 50% من إجمالي سعر التذكرة. لمواجهة جميع هذه العقبات، وضع الاتحاد الإفريقي النقل الجوي والربط بين الدول ضمن أولوياته. وانطلاقا من ذلك، أطلق، في إطار أجندته 2063، مشروع سوق النقل الجوي الموحد لإفريقيا الطموح، والذي يهدف إلى تحرير الأجواء الإفريقية. ويتوخى هذا المشروع التركيز على حرية حركة المرور من الدرجة الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة (وهي القواعد والحقوق التي تمنحها الدول لشركات الطيران المحلية أو الأجنبية في ما يتعلق بما يمكنها فعله عند التحليق فوق المجال الجوي) لشركات الطيران المؤهلة، ورفع القيود المفروضة على الترددات والقدرات، وتحرير الأسعار، والتحرير الكامل للخدمات والشحن، وغيرها. ستعزز هذه التدابير المختلفة الربط بشكل كبير في القارة، وتعزز تطوير قطاع الطيران والسياحة والتجارة. فوائد الأجواء الإفريقية المفتوحة عديدة. وفقا للجنة الإفريقية للطيران المدني، فإن تحرير الأجواء قد يزيد من الربط الجوي بنسبة 30% عبر القارة بفضل الحرية الخامسة (الحق الذي تمنحه دولة لأخرى في النزول والصعود، في أراضي الدولة الأولى، للطائرات القادمة من أو المتجهة إلى دولة ثالثة). منذ إطلاقه، أحرز مشروع سوق النقل الجوي الموحد لإفريقيا تقدما ملحوظا. أولا، انضمت حتى الآن 38 دولة عضوا في الاتحاد الإفريقي إلى المشروع، منها 20 دولة تسمح بحقوق الحرية الخامسة المذكورة أعلاه. تمثل هذه الدول أكثر من 80% من حركة النقل الجوي داخل إفريقيا. من بين هذه الدول، وقّعت 23 دولة بالفعل على مذكرة تنفيذ اتفاقية «الأجواء المفتوحة الإفريقية»، و20 دولة أخرى جزء من المشروع التجريبي لمشروع سوق النقل الجوي الموحد لإفريقيا. ثانيا، ساهم مشروع سوق النقل الجوي الموحد لإفريقيا في تحسين الربط الجوي بين الدول الإفريقية. فقد ارتفعت هذه النسبة من 14.5% إلى 23%، بفضل إطلاق 108 مسارات جوية جديدة بين الدول الإفريقية بين شتنبر 2022 وأبريل 2025، بما في ذلك 19 مسارا من مسارات الحرية الخامسة. وفضلا عن ذلك، تم تفعيل آلية تسوية المنازعات. ومع ذلك، ورغم المزايا العديدة التي يوفرها هذا التحرير، إلا أن مبادرة «الأجواء المفتوحة الإفريقية» لم تجد طريقها إلى النور. فبينما أبدت العديد من الدول اهتمامها بهذا المشروع، لا يزال هناك تردد من جانب بعض الدول وشركات الطيران. لا تزال هناك عقبات رئيسية تحول دون تنفيذ هذا المشروع. وتشمل هذه العقبات، من بين أمور أخرى، التناقضات التنظيمية التي تعيق التحرير، مثل اتفاقيات الخدمات الجوية الثنائية التقييدية، وحماية شركات الطيران الوطنية من المنافسة، ونقص البنية التحتية، والقيود المالية، وقيود التأشيرات بين الدول، وبطء وتيرة مواءمة السياسات لتسهيل التنفيذ الكامل للمشروع. ونتيجةً لذلك، لا يزال سوق الطيران الإفريقي مجزأ ويعاني من نقص في التنظيم. وبالتالي لا تزال مبادرة الأجواء المفتوحة الإفريقية مجرد أمل، وأن قطاع الطيران الإفريقي محكوم عليه أن يبقى متخلفا عن الركب. ونظرا لأن هذا المشروع يقوده الاتحاد الإفريقي وتدعمه شركات طيران رئيسية في القارة (الخطوط الجوية الإثيوبية، ومصر للطيران، والخطوط الملكية المغربية، والخطوط الجوية الكينية، وغيرها)، فإن شركات الطيران في القارة تستعد له، مدركة أن هذا الانفتاح سيكون حتميا عاجلا أم آجلا. وفي هذا الإطار، تتواصل سياسات تعزيز أساطيل شركات الطيران وتوسيع وتحديث العديد من المطارات في جميع أنحاء القارة. ينطبق هذا بشكل خاص على شركتي طيران طموحتين، هما الخطوط الجوية الإثيوبية والخطوط الملكية المغربية، اللتين تزيدان من مشترياتهما من الطائرات بهدف زيادة أساطيلهما، على التوالي، من 140 إلى 271 طائرة بحلول عام 2035 ومن 56 إلى 200 طائرة بحلول عام 2037. كما تعمل جميع شركات الطيران الأخرى على تعزيز أساطيلها، بدرجات متفاوتة، تحسبا لتحرير الأجواء الإفريقية. وإدراكا لضرورة تسريع تنفيذ مشروع سوق النقل الجوي الموحد لإفريقيا، اجتمع وزراء ومسؤولون من قطاعي النقل والطيران المدني، بالإضافة إلى المديرين العامين لهيئات الطيران المدني في الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي، يومي 4 و5 شتنبر 2025، في كيغالي برواندا، لإعطاء زخم جديد لتحرير الأجواء الإفريقية. ومن خلال بيان كيغالي، دعوا إلى إصلاحات عاجلة لتحرير الأجواء الإفريقية، والاستثمار في البنية التحتية، وتعزيز دور اللجنة الإفريقية للطيران المدني. من بين التدابير التي تم الاتفاق عليها خفض الرسوم الباهظة والتكاليف التي تعيق تنافسية شركات الطيران الإفريقية، ورفع القيود غير المبررة على حقوق النقل الجوي وضمان المنافسة العادلة، وتعزيز توطين سوق النقل الجوي على المستويين الإقليمي والقاري، والاستثمار في البنية التحتية من خلال شراكات بين القطاعين العام والخاص. ويبقى أن نرى ما إذا كانت هذه التدابير كافية للمساعدة في تسريع تنفيذ هذا المشروع الطموح، مشروع سوق النقل الجوي الموحد لإفريقيا. الدول العشرين المشاركة في المشروع التجريبي هي: الرأس الأخضر، والكاميرون، وجمهورية إفريقيا الوسطى، والكونغو، وساحل العاج، وإثيوبيا، والغابون، وغامبيا، وغانا، وكينيا، والمغرب، وموزمبيق، وناميبيا، والنيجر، ونيجيريا، ورواندا، والسنغال، وجنوب أفريقيا، والطوغو وزامبيا.
مشاركة