الشابة الإماراتية فاطمة العوضي تلبي نداء الجبل نحو القمة
مشاركة
في عمرِ الـ 17، سطَّرت فاطمة العوضي اسمها بوصفها أصغرَ إماراتيَّةٍ ترفعُ رايةَ وطنها على قمَّةِ جبلِ إلبروس ضمن سعيها لتحدي القممِ السبع. بعزيمتها، تقتدي بخطى والدتها الدكتورةِ أمل القبيسي، أوَّل امرأةٍ عربيَّةٍ ترأسُ برلماناً وطنياً. رحلةُ فاطمة، بدأت من تجربةٍ مؤلمةٍ حين فقدت والدَها المهندس عبدالرحمن عبدالعزيز العوضي الذي كان أقربَ أصدقائها، كما تصفُ، بعد خمسةِ أعوامٍ من الغيبوبة. هي لم تهرب من الحزنِ، بل حوَّلته إلى حافزٍ، ولدت منه إرادتُها، ونمت شجاعتُها. فاطمة، لم تكن تتسلَّقُ جبلاً فقط، بل كانت تعيدُ أيضاً بناءَ ذاتها، وتكسرُ الصورَ النمطيَّة، وتبعثُ برسالةٍ ملهمةٍ إلى كلِّ فتاةٍ إماراتيَّةٍ بأن القممَ، لا تحتاجُ إلى قوَّةٍ جسديَّةٍ فقط، بل وكذلك إلى قلبٍ عنيدٍ، وروحٍ مؤمنةٍ، وأمٍّ تقفُ وراءك حين يشكُّ بك الجميع. هي ابنةُ الريادة، تمضي بخطواتٍ واثقةٍ، وتحملُ في قلبها شجاعةَ جيلٍ، وفي روحها فخرَ وطنها.

أنا شخصيَّةٌ، تعيشُ أقصى النقيضَين، إما أن أكون ملتزمةً تماماً بشيءٍ ما، وأشعرُ بالشغفِ حياله، أو لا أبدي أي اهتمامٍ به، أي أنني أبتعدُ كلياً عن المنطقةِ الرماديَّة. أنا كذلك حالمةٌ بطبعي، وأضعُ أهدافاً كبيرةً، وأسعى خلفها بكلِّ طاقتي. مستكشفةٌ، ليس فقط للعالمِ من حولي، بل ولذاتي واهتماماتي أيضاً، وأتعلَّمُ باستمرارٍ، ولدي فضولٌ لا ينتهي لفهمِ أسرارِ الحياة، والثقافاتِ الغنيَّة، والشعوبِ المختلفة، لذا أطرحُ الأسئلة، وأتعمَّقُ، وأجعلُ عقلي منفتحاً.

أجدُ السلامَ الحقيقي في الطبيعة، وفي صحبةِ حيواناتي الأليفةِ الـ 16، وهي أمورٌ، تمنحني صفاءً ذهنياً، وسكينةً داخليَّةً، وربما ورثتُ هذا الحسَّ من جدَّتي آمنة درويش القبيسي، حفظها الله، التي تعشقُ الطبيعة. لقد مررتُ بلحظاتِ فرحٍ، وفقدانٍ، وحزنٍ عميقٍ، لكنْ الصمودُ كان سلاحي. أسعى دائماً إلى النموِّ، ليس فقط على الصعيدِ الشخصي، بل نموِّ مَن يسعى إلى تسلُّقِ قممٍ جديدةٍ، حرفياً ومجازياً.

منذ صغري، ووالدتي قدوةٌ لي في الحلمِ والعمل. رأيتها دائماً تحلمُ أحلاماً كبيرةً، وتُحقِّقها بخطوات فعليَّةٍ. قيادتُها الشجاعة، وعزيمتُها الصلبة، وروحُها القويَّة، ألهمتني لأحلمَ بطريقتي الخاصَّة. على الرغمِ من أننا نسلك طريقَين مختلفَين إلا أنني آملُ أن أحملَ الطاقةَ، والعزيمةَ، وروحَ القيادة نفسها في كلِّ ما أفعله مستقبلاً.

بعد عودتي من نيبال، بدأت إجازةُ الربيع، وعوضاً عن الراحةِ، قضيتُ أسبوعَين، أحاولُ إقناعَ أمي بأنني جادةٌ بشأن تسلُّقِ الجبال، وأنني أريدُ صعودَ أوَّلِ قمَّةٍ من القممِ السبع. كانت تعتقدُ أنها مجرَّد مرحلةٍ مؤقَّتةٍ، لكنَّها وافقت على ذهابي إلى كليمنجارو، وفورَ عودتي، بدأتُ أخطِّطُ للقمَّةِ التالية، وعندها أدركت أمي أن الأمرَ ليس هوايةً عابرةً، ومنحتني دعمها الكامل.

صراحةً، لم أقضِ وقتاً طويلاً في التدريبِ البدني، أو تحضيرِ المعدات، لأنني كنت منشغلةً بامتحاناتِ A-Level. استخدمتُ المعداتِ التي أمتلكها، فأنا مؤمنةٌ بفكرةِ الاستفادةِ القصوى مما هو متاحٌ. الطريفُ أنني تخرَّجتُ في المدرسةِ الثانويَّةِ قبل أسبوعٍ فقط من سفري إلى روسيا لصعودِ قمَّةِ إلبروس.

كلما أنجزت شيئاً كبيراً، أوّل من يخطر في بالي هو والدي الراحل     عبد الرحمن العوضي، أشعر دائماً بأنّه معي، فقد كان أعزّ أصدقائي.

كنت أصغرَ عضوٍ في الفريقِ بفارقٍ يصلُ إلى 20 عاماً، ومحاطةً بأشخاصٍ أقوى وأكثر خبرةً وثقةً مني. شعرتُ بأنني دخيلةٌ عليهم! وفي اليومِ الأوَّلِ المخصَّصِ للتدريب، أصبتُ بـ "دوَّارِ الأماكنِ المرتفعة"، وكانت تجربتي الأولى وقتها على جبلٍ ثلجي. بدأتُ أتساءلُ إن كنت أستحقُّ الوجودَ هنا، وإن كنت قادرةً فعلاً على إنجازِ المهمَّة؟ لكنْ، الشكوكُ لم تدم طويلاً، إذ استجمعتُ قواي سريعاً، ومضيتُ قُدماً بعقليَّةٍ قويَّةٍ فيما تبقَّى من الرحلة.

اكتسبتُ مهاراتٍ عمليَّةً مثل استخدامِ فأسِ الجليد، والعملِ ضمن فريقٍ متَّصلٍ مع بعضه بحبلٍ، وكيفيَّة التماسك والتوقُّفِ في حالِ الانزلاق. الأهمُّ من ذلك، تعلَّمتُ الصبرَ في سبيلِ الهدف، وقوَّةَ التحمُّل، وأهميَّةَ الثقةِ بالنفس حتى عندما تكون الأمورُ غير واضحةٍ. تعلَّمتُ كيف أُنصِتُ لجسدي، وأُبقي ذهني إيجابياً، وأتجاهلُ الأفكارَ السلبيَّة.

قد يبدو الأمرُ غريباً، لكنَّني شعرتُ بالحماسِ عند توديعهم! هذا كان يعني أنني اقتربتُ خطوةً من تحقيقِ إنجازٍ، يجعلهم فخورين بي. ودَّعتني والدتي، وجدَّتي، وإخوتي، وكانت وجوههم ترافقني خلال التسلُّق. لا شيءَ يجعلني أكثر فخراً من فخرهم بي.

أنا مؤمنةٌ بأن الأفعالَ تتحدَّثُ بصوتٍ أعلى من الكلمات، لذا أفضِّلُ ألَّا أفصحَ عن خططي المقبلةِ حالياً. ما يمكنني قولُه: إنني سأستمرُّ في الحلمِ الكبير، والتسلُّقِ نحو الأعلى، والقيامِ بالعملِ الصالح. خارج عالمِ الجبال، لدي شغفٌ كبيرٌ بعلمِ الاقتصاد وتأثيره في العالم، وأنوي أن أكرِّسَ القدرَ نفسه من الطاقةِ لمسيرتي الأكاديميَّة. سأبدأ دراستي الجامعيَّةَ في أغسطس، ولا أعلمُ أين تأخذني الرياحُ، أو إرادتي، لكنَّني متحمِّسةٌ للمستقبل.

عقولنا بوصفنا بشراً قويَّةٌ جداً. قد تستسلمُ للإرهاقِ، أو الألمِ بسهولةٍ، لكنْ لدينا القدرةُ على توجيهها إلى مسارٍ مختلفٍ. درَّبتُ نفسي على تحويلِ لحظاتِ التعبِ والمللِ والألمِ إلى لحظاتٍ من القوَّةِ والوضوحِ والثبات.

"من أول امرأةٍ تفوز عبر الانتخابات إلى أصغر إماراتيةٍ تتسلّق القمم.. وبين المحطتين، كانت «سيدتي» حاضرةً بكل فخرٍ"

كلّما أنجزتُ شيئاً كبيراً، يخطرُ في بالي فوراً والدي عبدالرحمن بن عبدالعزيز العوضي، رحمه الله، الذي توفي نوفمبر 2024. كنت أتمنَّى لو كان حاضراً، ليُشاهدَ ابنته وهي تحقِّقُ أحلامها، وتتسلَّقُ القممَ السبع، ويفتخر بها، لكنَّني دائماً أشعرُ بأنه معي، ويشعرُ بي فقد كان أعزَّ أصدقائي.

هل تُخطِّطين لتوثيقِ مغامراتكِ في التسلُّق، وهل لديكِ لقطاتٌ، يمكن أن تُستَخدم في فيلمٍ وثائقي؟

على الرغمِ من أنني أعيشُ اللحظة غالباً إلا أنني أحاولُ أيضاً توثيقَ ما أستطيعُ من الرحلة. أملك كثيراً من المقاطعِ الجميلة، لكنْ لا أظنُّ أنها تصلحُ لفيلمٍ وثائقي. معظمُ هذه اللقطاتِ تمَّ تصويره بيدٍ مرتجفةٍ! لكنَّني أخطِّطُ لتطويرِ مهاراتي في التصويرِ لأتمكَّن من توثيقِ رحلاتي بشكلٍ أفضل في المستقبل.

الفخرُ ملأ نفسي عند رفعِ علمِ الإمارات على قمَّةِ الجبل. مع اقتراب دولتنا من عامها الـ 54، نستطيعُ القول: إننا قطعنا شوطاً طويلاً بفضلِ قيادتنا الرشيدة، وعلى رأسها صاحب السمو

، اللذان عملا على تمكينِ الوطنِ وشبابه. الدعمُ الذي نحصلُ عليه يلهمنا، لكنْ الرحلةُ لا تتوقَّفُ هنا، بل علينا الاستمرارُ في هذا النهج، ونقلُ شعلةِ التمكينِ للأجيال القادمة. مع أنني ما زلتُ أعدُّ نفسي في بدايةِ رحلةِ تسلُّقِ الجبال، لكنَّني آملُ أن أبثَّ رسالةَ قوَّةٍ عبر رحلاتي، تلهمُ شبابنا ليحلموا، ويؤمنوا بأنهم قادرون على تحقيقِ المستحيل. بعضهم يصفُ جيلي بـ «المستقبل»، أمَّا أنا فأؤمنُ بأننا «الحاضر»، وعلينا اليوم، أكثر من أي وقتٍ مضى، أن نُمكِّن أنفسنا، لنصنعَ مستقبلاً مشرقاً لدولتنا والعالمِ الذي نعيشُ فيه.

بمناسبةِ يوم المرأةِ الإماراتيَّة، ما الرسالةُ التي تودِّين توجيهها لكلِّ فتاةٍ إماراتيَّةٍ مستعدَّةٍ لخوضِ التحدِّيات؟

، أتمنَّى أن تشعرَ كلُّ امرأةٍ، مهما كان عمرها، بأنها قادرةٌ على بلوغِ قمَّةِ أحلامها. أريدُ أن أذكِّرها بأن العمرَ لا يُحدِّد إمكاناتها وقدراتها، وأن الطموحَ، يمكن أن يتعايشَ مع حياةٍ سريعةٍ ومملوءةٍ بالمسؤوليَّات. مكانُ المرأةِ، هو في قلبِ التحدِّي، في ميادين القيادةِ، وفي أحضانِ الطبيعةِ أيضاً. أنا ممتنَّةٌ من أعماقِ قلبي لكلِّ امرأةٍ تدعمُ مجتمعها، وتُلهمنا جميعاً للاستمرارِ في التقدُّم. هناك عديدٌ من النساءِ الإماراتيَّاتِ اللاتي يتبادرن إلى ذهني، ولكلِّ واحدةٍ منهن قِصَّةٌ فريدةٌ، لكنَّهن جميعاً يُلهمنني لأصبحَ نسخةً أفضل من نفسي يوماً بعد آخر. آملُ أن تستمرَّ المرأةُ الإماراتيَّةُ في السعي والإنجاز والتألُّق، فلا شيءَ يليقُ بها أكثر من النجاح.

تلقَّيتُ دعماً هائلاً من مجتمعي، وممتنَّةٌ جداً لذلك. كان صوتُ فخرهم عالياً لدرجةِ أنني بالكاد لاحظتُ وجودَ مَن لم يُشجِّع. أتذكَّرُ رسالةً خاصَّةً جداً، كتبَ فيها أحدهم: «إذا لم ندعم نساءَ وطننا فمَن سيفعل؟». هذه حقيقةٌ لا يمكن إنكارها. هذا الدعمُ ذكَّرني بوحدةِ وتماسكِ شعبِ الإمارات، وهو، أي تماسكنا، لن ينكسر أبداً بإذن الله.

نشأتُ في بيتٍ، يجمعُ بين الانضباطِ والإبداع. والدي كان مهندساً، ووالدتي معماريَّةٌ، تحوَّلت إلى سياسيَّةٍ. من والدي تعلَّمتُ الالتزامَ، والتركيزَ، وأخلاقيَّاتِ العمل، أمَّا والدتي فأشعلت في داخلي حبَّ الاستكشافِ، والإبداعِ، والجرأةِ، والطموح. في حين علَّمتني جدَّتي آمنة درويش القبيسي، التي قضيتُ كثيراً من الوقتِ معها، السلامَ الداخلي، والتأمُّلَ، والرحمةَ بالبشر والطبيعة. على الرغمِ من اختلاف شخصيَّاتِ هؤلاء الثلاثة إلا أنهم شكَّلوا بيئةً متوازنةً وغنيَّةً، أثَّرت فيَّ بعمقٍ. لم أكن أدرك حينها مدى أهميَّةِ تلك اللحظاتِ اليوميَّة، والساعاتِ التي قضيتها مع والدي أتعلَّمُ الرياضيات، أو تنقُّلي مع والدتي في مهامها الدبلوماسيَّة، ومشاهدتها تعملُ بجدٍّ، أو هدوءِ الجلساتِ مع جدَّتي في حديقتها، نرعى طيورهَا وسلاحفَها وباقي حيواناتها. اليوم فقط، بدأتُ أفهمُ كيف شكَّلتني تلك اللحظات.

بصراحةٍ، لم أختر تسلُّقَ الجبال، بل أشعرُ بأن الجبال، هي التي اختارتني. الأمرُ، بدأ برحلاتِ مشي بسيطةٍ، اكتشفتُ فيها مزيجاً من السلامِ والتحدِّي، جعلني أرغبُ في المزيد. عندما كنت أقفُ أسفلَ الجبال، أحدِّقُ نحو القممِ العالية، كنت أعلمُ في أعماقي أنني لا أنتمي إلى الأسفل، بل إلى القمَّة.

فاجأتُ والدتي عند عودتي إلى المنزل، وكانت فخورةً جداً بي مع أنها صُدِمَت بدايةً بسبب حروقِ الشمسِ الشديدةِ التي بدت ظاهرةً علي. لا شيءَ يفوقُ فخري برؤيةِ ملامحِ الاعتزازِ في وجه عائلتي. زرتُ أيضاً عمي محمد عبدالله القبيسي، إذ إن دعمَه المتواصل، كان أحدَ العواملِ المهمَّةِ التي أوصلتني إلى ما أنا عليه اليوم. وبالطبع، لم يمضِ وقتٌ طويلٌ قبل أن أبدأ الحديثَ عن «الجبلِ المقبل».

بعيداً عن الجبال، أنا ملتزمةٌ جداً بدراستي الأكاديميَّة. في أغسطس، سأبدأ دراستي الجامعيَّة بتخصُّص الاقتصاد الذي أعدُّه أداةً قويَّةً لصنعِ عالمٍ أكثر استدامةً وعدلاً. أهتمُّ بشكلٍ خاصٍّ بتقاطعِ الاقتصادِ مع الصناديقِ السياديَّةِ والاستدامةِ الاقتصاديَّةِ بعيدةِ المدى، وفي وقتِ فراغي، أحبُّ استكشافَ جانبي الإبداعي. الفنُّ كان دائماً جزءاً من حياتي، ومع أن وقتي محدودٌ الآن، لكنَّني أخصِّصُ لحظاتٍ للإبداع كلّما استطعت. لديّ أيضًا شغفٌ كبيرٌ بالحيواناتِ والنباتاتِ، فبيتُنا مليءٌ بالخُضرةِ. وقد كان والدي الراحلٌ هو من يعتني بها، وانا اليوم أتولّى هذه المهمّةَ بفخرٍ. كذلك، أقومُ بتربيةِ 16 حيوانًا أليفًا تتنوّع بين الكلابِ والقططِ والسلاحفِ. بالنسبة لي، الفنّ والحيواناتُ والنباتاتُ مصدرٌ للسلامِ الداخلي والتوازنِ، في وسطِ الحياةِ المتسارعةِ.

يُشرِّفني جداً أن أكون الشخصيَّةَ التي اختارتها «سيدتي» لغلافِ عددها في يومِ المرأةِ الإماراتيَّة. هذا الاختيارُ يعني لي أكثر من مجرَّد الظهورِ على غلاف المجلَّة. إنه بمنزلةِ اعترافٍ بدوري بوصفي نموذجاً يُحتذى به للمرأةِ الإماراتيَّة، وهذه مسؤوليَّةٌ، أحملها بكلِّ فخرٍ وتواضعٍ. يومُ المرأةِ الإماراتيَّة، هو احتفالٌ بقوَّةِ النساءِ وإنجازاتهن في كلِّ أنحاءِ الوطن، وشرفٌ كبيرٌ لي أن أكون جزءاً من هذا الاحتفال.

، على دعمهم واحترافيتهم وإيمانهم بقصَّتي. هذه التجربةُ شجَّعتني على أن أستمرَّ في السعي للتميُّز، ليس فقط في تسلُّقِ الجبال، بل وأيضاً في جميع جوانبِ حياتي. في هذا اليومِ المميَّز، أحتفلُ برحلتي الشخصيَّة، وإنجازاتِ كلِّ امرأةٍ إماراتيَّةٍ. معاً، نكسرُ الحواجز، ونقودُ بقوَّتنا، ونتسلَّقُ قممَ الحياة، ونُلهِمُ بعضنا والأجيالَ القادمة.

نشأت فاطمة على خطى والدتها، أوَّلُ امرأةٍ عربيَّةٍ ترأسُ برلماناً وطنياً، وأوَّلُ امرأةٍ في الخليج العربي تُنتَخبُ لعضويَّةِ برلمانٍ وطني، وأوَّلُ نائبةٍ لرئيسِ المجلسِ الوطني الاتحادي، ومن هذا الإلهامِ العظيم، انطلقت نحو قممِ العالمِ بإصرارٍ، يعكسُ طموحَها الوطني، وفخرها بجذورها. قصَّتهما معاً، هي حكايةٌ تروى عن الريادةِ، والإرادةِ، والروابطِ المتينةِ بين الأمِّ وابتنها.

القيمُ التي غرسَها فينا والدنا زايد، القائدُ الحكيمُ والمؤسِّسُ الملهم، بالتطلُّعِ نحو القممِ، والطموحِ، والحلمِ بالمستحيل، والتفاني في خدمةِ الوطن، ورفعِ رايته عاليةً شامخةً بكلِّ فخرٍ واعتزازٍ في أفضلِ المجالات.

كذلك علَّمتها كيف نكون مصدرَ فخرٍ، وكيف نحافظُ على مكتسباتنا، بل ونزيدُ عليها من خلال إنجازاتنا. لقد حرصتُ على ترسيخِ أهميَّةِ التميُّز في نفسها في كلِّ عملٍ ومجالٍ تدخله بالإرادةِ القويَّةِ، والتصميمِ، والتخطيطِ الواعي، والعملِ الجاد، وهذا يتطلَّبُ بلا شكٍّ القوَّةَ، والتركيزَ في سبيلِ الوصولِ إلى الهدف، وأن تكون مصدرَ خيرٍ وإلهامٍ للآخرين. كلّما زادت إنجازاتُها، ازدادَ تواضعها، كما أوصيتها، والأهمُّ من كلِّ ذلك عدمُ نسيانِ جذورها، والاعتزازُ بهويَّتها الوطنيَّة، وانتمائها للإماراتِ الغالية، والولاءُ لقيادتنا الحكيمةِ التي تفانت في دعمِ الشعبِ كبيره وصغيره في كلِّ الميادين والمجالات.

تُمثِّلين نموذجاً بارزاً بين الرائداتِ الإماراتيَّاتِ في عالمِ السياسة، كيف أسهم ذلك في نشأةِ فاطمة؟

أعتقدُ أن الطموحَ، وحبَّ التميُّز، والتفاني في العطاءِ جزءٌ لا يتجزَّأ من «الحمضِ النووي» للمرأةِ الإماراتيَّة. كما تشرَّبتُ هذه القيم من والدتي، حفظها الله، تشرَّبتها فاطمة مني. كنت أخوضُ أوَّلَ انتخاباتٍ لي وأنا حاملٌ بها، ورفضتُ الاستسلامَ على الرغمِ مما كنت أعانيه من إرهاقٍ جسدي. رحلتي في عالمِ السياسة، بدأت بإحساسٍ عميقٍ بالواجبِ الوطني، ثم تطوَّرت إلى سعي للفوزِ والمشاركةِ في صنعِ القرار، لنكون صوتاً صادقاً لشعبنا، وعضواً فاعلاً في مجتمعنا. كنت حريصةً دائماً على أن نكون عند حُسن الظنِّ، وأن نفوزَ في كلِّ رهانٍ يُعقَد علينا، وأن نُحقِّق ما هو أفضل مما يُتوقَّع منا، وأن نحافظَ على صورةِ المرأةِ الإماراتيَّةِ وسمعةِ الإمارات، وأن نُشرِّف وطننا الغالي في كلِّ المحافلِ الدولية. كلُّ تلك المبادئ، حرصتُ على أن تكون أهمَّ دروسِ الحياة التي تتعلَّمها فاطمة في مراحلِ نشأتها.

كنت آخذُ فاطمة معي أحياناً في بعض المهمَّاتِ الوطنيَّةِ خارج الدولة، وكانت تراقبُ، وتتعلَّمُ القيادةَ، وروحَ الفريقِ الواحد. كانت تراني أترأس وفودَ الدولة، وغالبيتهم من الرجال، وتشاهدُ الثقافاتِ المختلفة، وكيف ينظرُ الآخرون إلينا، وكيف نكون نحن رمزاً للتسامحِ، ومنارةَ خيرٍ وعطاءٍ، وقدوةً حقيقيَّةً بفضل أفعالنا لا بأقوالنا فقط. كذلك كنت أحرصُ من خلال وجودها معي على إيصالِ رسالةٍ صادقةٍ للجميع بأن المرأةَ الإماراتيَّةَ مهما بلغت مناصبُها، تبقى أسرتُها وأبناؤها مسؤوليَّتها الأولى والأهم، لأننا بهم نُربِّي أجيالاً، ونبني وطناً.

ما شعوركِ اليوم وأنتِ ترين فاطمة على غلافِ مجلَّةِ «سيدتي» العريقةِ بعد إنجازها الكبيرِ في عمر 17 عاماً؟

 روز العمّاري المستشارة القانونية في السلك القضائي الإماراتي: على المرأة التميز بقدراتها لا بسباقها مع الآخرين

صفية المقطري الرئيس التنفيذي لمبادلة للرعاية الصحية دبي: كلُّ تحدٍّ يعترضني هو حافز لتخطيه

إثر مشاركتها في معرض ميل للفن الرقمي في بازل لولوة الحمود: جودة الفكرة والوسائط أوصلت الفن السعودي للعالمية

مشاركة
1 2 3 4

قد يعجبك

تابعونا على تويتر انضم إلينا على الفيسبوك
Egypt News - أخبار مصر، التطبيق الإخباري الأول في جمهورية مصر العربية