كيف تتألق مريم بوقديدة في عوصم الموضة العالمية؟
مشاركة
من منطقة الساحل التونسية إلى شوارع نيويورك وميلانو وباريس، ومن أناقة الأزياء إلى إبداع السينما، تشقّ الممثلة وعارضة الأزياء التونسية مريم بوقديدة طريقها بخطى واثقة، غير ساعية خلف التكيّف مع قالب معيّن، أو التألّق في بريق أضواء الشهرة. فمنذ بداية الطريق، وفي سنوات المراهقة، اختارت مريم أن تعيش التجربة بكل ما فيها، أن تخطئ وتتعلّم وتبقى وفيّة لصوتها الداخلي ومشعّة بشرارة الشغف التي لم يخفّ وهجها يوما. 

تعرّفنا إليها عن قرب في باريس، خلال تصوير غلاف العدد الجديد من مجلة هي، فوجدنا فيها صوتا صادقا، تتمايل نغماته بين الحلم والوعي وبين السعي إلى الأمام والوفاء لما كان، صوتا يحمل في صداه شيئا من كل بلد سكنه وكل حلم عمل على تحقيقه. في حديثها، تشاركنا "مريم" تجربتها المهنية والحياتية، ورؤيتها للجمال والأناقة والطموح، متأمّلة لدى كل إجابة في أعماق نفسها لتبوح بما يكفي وتحتفظ ما يجب أن يبقى حلما.

أرى نفسي دائمة الحركة، أتعلم وأبحث باستمرار عن طرق جديدة للتعبير عن نفسي. أنا آتية من عالم الصورة وعالم العاطفة، وشغوفة بالسرد القصصي بكل أشكاله. ولدت وترعرعت في منطقة الساحل في تونس، وأنا الآن ببساطة أتبع فضولي، وهو الذي أخذني عبر بلدان مختلفة، إلى عوالم جديدة، وقادني إلى العمل في أكثر ما أحبّه: الأزياء والأفلام.

أعتقد أن أي شيء تكون حقا مهتمّا به يأتي مع تنازل معيّن. فاتتني بالتأكيد بعض اللحظات، والأشياء البسيطة، مثل ما كان يفعله أبناء جيلي. لم أكن موجودة في بعض المناسبات العائلية، وتلقيت تعليمي في المنزل خلال المرحلة الثانوية، ولم أتمكن من عيش تلك السنوات الخالية من الهموم مع أصدقائي، كما يفعل معظم الناس. لقد تخليت عن نسخة من نمط العيش "الطبيعي" في مرحلة مبكرة، لكن ذلك الخيار كان دائما مدفوعا بشيء شعرت بأنه يشبهني ووفيّ لهُويتي، ولم أكن لأختار أي مسار آخر.

متى شعرت بأن عرض الأزياء هو السبيل الذي ستسلكينه؟ وهل كان الجمال وحده كافيا لفتح الأبواب أمامك؟

كطريق لي. ودخلت تلك المهنة حياتي، بينما كنت لا أزال أحاول فهم الأمور. تدريجيا، صارت أكثر حضورا وذات مغزى، وفتحت لي الأبواب وأعدّتني لما هو آتٍ، وأنا ممتنة حقا على ذلك. أما بالنسبة للجمال ودوره في فتح الأبواب، فلم يكن يوما كافيا بمفرده. الأهم هو الشخصية والصبر والتوقيت، ولكن غالبا ما يعود الأمر في النهاية إلى نظرة هذه الصناعة إليك.

من مجموعة QUATRE CLASSIQUE TUBE، أقراط أذن دائرية وعقد وسوار من الذهب الأصفر والأبيض والوردي عيار 18 قيراطا وبطلاء بني بتقنية PVD والماس

بالحديث عن نظرة هذه الصناعة إليك، وكوني تونسية، هناك بعض الصور النمطية حول ما "يجب" أن يبدو عليه شخص من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ونظرا لأن ملامحي لا تتطابق دائما مع تلك التوقعات الضيقة، شعرت أحيانا بأنني لا أنتمي إلى أي فئات محددة مسبقا. كان عليّ أن أحارب حقا من أجل أن أُرى على حقيقتي ولمن أنا. الجمال والهُوية معقّدان، وأنا سعيدة لأن هذا القطاع بدأ يتقبل ذلك بشكل أكبر. كنت محظوظة أيضا لأنني التقيت بالكثير من الأشخاص الداعمين على طول الطريق، ولكن أمي كانت دائما أولهم وأهمهم، فهي سندي منذ اليوم الأول.

تعلمت أن النجاح ليس خطا مستقيما. هناك صعود وهبوط والكثير من التقلبات والمنعطفات غير المتوقعة، وهذا ما يزيد الانتصارات حلاوة.

هل مـــررتِ يوما بلــحــظـــة شعـــــرت فيــــها بأنك على وشك الاستسلام؟ وما الذي ساعدك على تجاوزها؟

الاستسلام لم يخطر ببالي يوما. لكنني مررت بالتأكيد بلحظات جعلتني أشعر بالإرهاق التام، وبأن الحمل أثقل بكثير مما أستطيع تحمّله. بإمكان هذه الصناعة أن تكون صعبة للغاية، فتشعر فيها بالوحدة أحيانا، أو تبدأ في التشكيك في قيمتك. لكن ما ساعدني دائما على تجاوز هذه اللحظات هو تذكير نفسي بالسبب الذي دفعني للبدء، وهو حبّي لما أفعله، والرؤية الكبرى التي أؤمن بها، والأشخاص الذين يؤمنون بي. عليك دائما المثابرة والمضي قدما. عدم الاستسلام هو ما يوصلك إلى حيث تريد أن تكون. وإن لم تكن محاولتي الأولى كافية، فسأضاعفها، وإن لم يكن ذلك كافيا، فسأضاعفها ثلاث مرات. سأستمر في الظهور وبذل قصارى جهدي.

أنا لا أفصح عن كل شيء على الإنترنت. بعض الأمور تكون محمية بشكل أفضل بهذه الطريقة. علاقاتي حقيقية ومتينة بعيدا عن الأضواء، وهذا هو الأهم بالنسبة لي. ولكن لا تسيئوا فهمي، فأنا أحب مشاركة بعض اللمحات الصغيرة مع أصدقائي عندما أشعر بأن الوقت مناسب لذلك.

أكبر الداعمين عائلتي، وأصدقاء الطفولة، وفريقي، ومجموعة صغيرة من الأصدقاء المقربين. نعم، لقد تعرضت للخذلان من قبل، ولكن ليس من هؤلاء الأشخاص، لذلك لا أفكر في هذا الأمر كثيرا. يؤلمني في لحظته، ولكن بعد ذلك أنساه.

هل يمكن أن توجد الصداقة الحقيقية في صناعة مليئة بالغيرة والمنافسة؟ ومن هم أصدقاؤك الحقيقيون؟

بصراحة، لقد كنت محظوظة في بناء بعض الصداقات الحقيقية على مر السنين. بالطبع، هناك أشخاص يأتون ويذهبون، والكثير من العلاقات. لكن لديّ بعض الناس الذين أشعر بأنهم بمنزلة عائلتي، وهم أشخاص أعرف أنني أستطيع الاتصال بهم في أي وقت، وأنهم دائما يدعمونني ويشجعونني. هذه هي الصداقة الحقيقية.

عيار 18 قيراطا والماس من تشكيلة QUATRE DOUBLE WHITE EDITION، عقد بموديل كبير وخواتم بالحجم الكبير والصغير، من الذهب الأبيض عيار 18 قيراطا والسيراميك الأبيض والماس

لو شجعنا بعضنا بعضا بدلا من الانشغال في الغيرة، لكانت الأشياء أفضل بكثير. لكل شخص مساره الخاص، لذلك أركز على نموي وعلى ما يسعدني. نجاح شخص ما لا ينقص من نجاح شخص آخر.

أنا دائما مستعدّة لتجريب شيء جديد يساعدني في الحفاظ على توازني الذهني. بدأت مؤخرا ممارسة رياضة الرماية، وقد فاجأتني بقدرتها على التهدئة وبعث السلام. كما أعود إلى العزف على البيانو كلما استطعت، فهو ملاذي الصغير عندما تصبح الحياة صاخبة جدا.

الشك يراودني بين الحين والآخر، وهو جزء من اللعبة. أتغلب عليه بالتركيز على الانتصارات الصغيرة، وبإدراك أن الخطوات الصغيرة هي أحيانا ما يدفعني إلى الأمام.

أصبح روتين العناية اليومية ببشرتي واختيار فيلم جديد لمشاهدته كل ليلة، طقوسي الصغيرة التي تمنحني الهدوء.

لم أتمكن يوما من ممارسة التأمل بشكل جدّي. يصعب عليّ بعض الشيء أن أجلس في سكون. لكنني مارست اليوغا بانتظام لفترة معيّنة، وأعتقد في الواقع أنني يجب أن أعود إليها!

بالنسبة لي، كان الجمال دائما مرتبطا بأشياء أعمق. إنه الثقة بالنفس واللطف والحضور؛ أشياء لا تضمحل. بمرور الوقت، أصبحت أقدّر مدى ارتباط الجمال بصدقك مع نفسك. إنه يتجلى في طريقة تصرفك، ومعاملتك للآخرين، وأصالتك.

كيـــــــــف تخـــتـــاريـــن إطلالاتــــــك للسجـــــادة الحـــمــــراء؟ وهــــل تشاركين في اختيار كل تفصيل؟

من الممتع جدا أن أكون جزءا من العملية كلّها منذ البداية. أحب المشاركة في كل التفاصيل الصغيرة، من الماكياج إلى الفستان والمجوهرات؛ وكل شيء. لكنني أقدّر أيضا إعطاء الفريق الإبداعي مساحة لأداء عمله وتقديم أفكاره الخاصة، طالما أن ذلك يتماشى مع هُويتي. أول ظهور لي على السجادة الحمراء كان في مهرجان "كان" 2025، لذا لا يزال كل هذا جديدا بالنسبة لي، ولكنني أحببت كيف كان الجميع هناك لأنه يحب السينما حبّا حقيقيا.

ما سرّ أنــــــاقتــــــك؟ ومـــــن مصمـــــم الأزيــــــاء الأقـــــرب إلى ذوقـــك الشخصي؟

لا أعتقد أن للأناقة سرّا. البداية هي الشعور بالراحة في مظهرك وإطلالتك وبما ترتديه. أنا معجبة بأعمال الكثير من المصممين، لكن في الوقت الحالي أحب بصورة خاصة ما يقدمه "جاد" و"جورج حبيقة"؛ تصاميمهما بالفعل حالمة. و"أنتوني فاكاريلو" في "سان لوران" يحمل لمسة راقية ثاقبة إلى عمله، وهو شيء يجذبني حقا.

أقول لها: لا تدعي أحدا يحدد لك معنى الجمال. هناك قوة كبيرة في التمسك بهُويتك، بجذورك، وصوتك، وقصتك. المرأة العربية تتمتع بقوة هائلة ورقيّ استثنائي، وهو ما عليك أن تثقي به دائما، وتستفيدي منه، وتدعيه يشعّ من الداخل إلى الخارج.

سواري QUATRE CLASSIQUE TUBE من الذهب الأصفر والأبيض والوردي عيار 18 قيراطا وبطلاء بني بتقنية PVD، والماس

 العارضة تتزين بأقراط أذن دائرية، وعقد ضيّق، وسوار وخاتم مزدوج الأصابع من مجموعة QUATRE CLASSIQUE TUBE، جميعها من الذهب الأصفر والأبيض والوردي عيار 18 قيراطا وبطلاء بني بتقنية PVD والماس ومن QUATRE CLASSIQUE خاتم بحجم كبير وخاتم بحجم صغير، من الذهب الأصفر والأبيض والوردي عيار 18 قيراطا وبطلاء بني بتقنية PVD والماس

المجوهرات، بالنسبة إلي، ليست مجرد زينة تجمّل الإطلالة، بل هي بمنزلة كبسولة زمنية لكل اللحظات المهمة. كل قطعة أملكها تحكي قصة، سواء كانت عن عيد ميلاد أو انتصار أو رحلة رائعة. أنا أحب أن أمتلك قطعة خاصة لكل مرحلة مهمة في حياتي. إنها طريقتي للاحتفاظ بالذكريات والتمسّك بها وحملها معي، دائما.

صوّرنا مع قطع مذهلة من مجموعة "كاتر" Quatre، وجدتُ فيها قوة هادئة زادت تلك اللحظات رقيّا. كنّا في باريس من أجل الغلاف، وبما أن هذه المجموعة مستوحاة من هندسة المدينة وطاقتها، شعرنا بأن كل شيء متناسق تماما، بل كأن هذه اللحظة كانت مقدرة.

لدي عقد يعني لي الكثير. الطريف في الأمر هو أنني لطالما اعتقدت أنه هدية من جدتي عندما ولدت، ولذلك تزيّنت به طوال فترة مراهقتي، لأنني شعرت بأنني أحمل به جزءا صغيرا منها. ولكنني فوجئت قبل فترة قصيرة حين اكتشفت أنه في الواقع هدية من صديق للعائلة! لكن بصراحة، اخترت تجاهل هذه المعلومة. بالنسبة إلي، سيظل دائما عقد جدّتي.

ما يلهمني حقا هو رؤية الناس يدعمون بعضهم بعضا. أنا ممتنة جدا لجميع النساء اللواتي وقفن إلى جانبي، ولا سيما أمي. أعلم أنني قلت هذا من قبل، لكنني لا أستطيع تكراره بما فيه الكفاية: إيمانها بي كان مصدر قوة كبيرا جدا لي. ولا بد لي من شكر "نيما بيناتي"، التي صوّرت هذا الغلاف. لقد عملنا معا مرات عديدة، ودعمتني دائما. أنا ممتنة جدا لها. وبالطبع، "عفاف جنيفان" والكثير من النساء الرائعات اللواتي شجعنني وساعدنني على الظهور. أؤمن حقا بقوة دعم النساء بعضهن لبعض.

المرأة العربية مليئة بالمواهب، وصوتها قوي للغاية. كل ما نحن بحاجة إليه هو المساحة والدعم لكي نُسمع صوتنا ونعبّر عن أنفسنا بشكل كامل. وبذلك، لا يوجد شيء لا يمكننا تحقيقه.

إذا كان بإمــكـــانــــك إيــــصال رسالــــة إلى "مـــــريـــم" الصغيرة، فماذا ستقولين لها؟

عزيزتي أنا الصغيرة، كوني أكثر لطفا مع نفسك. النمو يتطلّب وقتا، وما تفعلينه هو أفضل مما تعتقدين.

هذا الحلم عزيز وثمين جدا لأبوح به علنا. فلا بد من إبقاء بعض الغموض. لكن في الوقت الحالي، التمثيل هو شغفي وما يحتلّ قلبي، وهناك بعض الأشياء المشوّقة التي تحدث وتتبلور.

محتوى الموقع حديث يضم آخر الأخبار وذو صلة وثيقة بالمرأة، بحيث يركز على العلامات التجارية الفاخرة والتجارب والخبرات التي من شأنها أن تلهم النساء، وترفعهن أكثر على جميع المستويات وفي كل مجالات حياتهن .

مشاركة
1 2 3 4

قد يعجبك

تابعونا على تويتر انضم إلينا على الفيسبوك
Akhbar Algérie - أخبار الجزائر، التطبيق الإخباري الأول في الجمهورية