دبلوماسية سعودية ترسم ملامح الدولة الفلسطينية
مشاركة
دبلوماسية سعودية ترسم ملامح الدولة الفلسطينية 23:03 الثلاثاء 16 سبتمبر 2025 - 24 ربيع الأول 1447 هـ هادي اليامي _hadialyami@ في إنجاز جديد يضاف إلى سلسلة النجاحات المتلاحقة للدبلوماسية السعودية، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الجمعة الماضي بأغلبية ساحقة «إعلان نيويورك» الذي يرسم خطوات ملموسة ومحددة زمنيًا ولا رجعة فيها نحو حل الدولتين، تمهيدًا للمؤتمر الحاسم المزمع عقده يوم الاثنين المقبل، قبيل اجتماعات الجمعية العامة يومي 23 و24 سبتمبر في نيويورك.لقد تجاوزت دول العالم مرحلة المجاملة السياسية، وأعلنت بوضوح انحيازها للمقترح السعودي ـ الفرنسي، حيث حظي مشروع القرار بتأييد كاسح بلغ 142 دولة، من بينها الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن (باستثناء الولايات المتحدة)، مقابل اعتراض عشر دول فقط. هذه النتيجة المدوية تعكس حجم الثقل السياسي للمملكة، والموثوقية العالية التي تتمتع بها في دوائر صناعة القرار الدولي.ويمثّل هذا الانتصار الدبلوماسي صفعة جديدة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وإدانة صريحة لانتهاكاتها اليومية بحق المدنيين الفلسطينيين العزّل، الذين يُحاصرون بالجوع وتُلاحقهم آلة العدوان. وفي الوقت الذي اختارت فيه بعض الدول الاكتفاء بالمظاهرات والمسيرات التي كثيرًا ما تنتهي بالفوضى دون أثر ملموس، فإن المملكة تبنّت نهجًا إيجابيًا هادئًا، يقوم على التحركات الدبلوماسية والخطوات السياسية العملية، وهو ما أثبت فعاليته ونجاعته. منذ سبتمبر الماضي، بادرت المملكة ـ بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي والنرويج ـ إلى إنشاء التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين، الذي شكّل علامة فارقة في مسيرة إعادة الحق الفلسطيني. هذا التحالف استطاع حشد دعم عالمي متنامٍ لإنهاء المعاناة الفلسطينية وتمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه المشروعة، بما يضمن سلامًا عادلاً ودائمًا في الشرق الأوسط.وتواصلت الجهود في يوليو الماضي بعقد المؤتمر الدولي لتسوية قضية فلسطين بالوسائل السلمية في باريس، والذي مثّل إجماعًا عالميًا على اعتماد المرجعيات الدولية لحل القضية. ومن أبرز مخرجاته إعلان فرنسا عزمها الاعتراف بدولة فلسطين خلال سبتمبر الجاري، وهو ما شكّل زلزالًا سياسيًا أربك إسرائيل، خصوصًا مع إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون أن عددًا من الدول الأوروبية ستسير في الاتجاه ذاته.اليوم، وبعد أقل من عام على تأسيس التحالف الدولي، تتسارع وتيرة الاعترافات بدولة فلسطين، حيث كشفت عدة دول نيتها الاعتراف قريبًا، منها: كندا، بريطانيا، أستراليا، أندورا، لوكسمبورج، مالطا، نيوزيلندا، البرتغال، وسان مارينو، مع توقعات بمفاجآت أخرى في الأيام المقبلة.هذا النجاح لم يكن وليد صدفة، بل جاء ثمرة جهد منظم استثمرت فيه السعودية ثقلها السياسي وعلاقاتها الدبلوماسية الواسعة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان ـ حفظهما الله. كما كان لجهود وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، عبر جولاته المكوكية واتصالاته المتواصلة، أثر بارز في تنسيق المواقف وترتيب الأولويات على أعلى المستويات.ولعل المفارقة البليغة أن يُعقد المؤتمر الدولي يوم 22 سبتمبر، أي قبل يوم واحد فقط من ذكرى اليوم الوطني السعودي، وكأن القدر شاء أن يقترن هذا التاريخ بمسارين متوازيين: ذكرى توحيد المملكة، وتاريخ اعتراف العالم بالدولة الفلسطينية. وهي رسالة رمزية تؤكد أن السعودية لا تكتفي بالاحتفال بإنجازاتها الوطنية، بل تربط مصيرها بمصير قضايا الأمة وفي مقدمتها فلسطين.صحيح أن اعتراف الدول بفلسطين قد يبدو للبعض خطوة رمزية، لكنه في الحقيقة يراكم زخمًا دوليًا يضع الاحتلال تحت ضغط سياسي وقانوني متزايد، خصوصًا مع إقرار جدول زمني محدد لإعلان الدولة الفلسطينية. لقد تجاوزت الجهود الدولية مرحلة الاستنكار اللفظي، وأصبح العالم مضطرًا للتعاطي مع الحقائق على الأرض، فيما يواجه الاحتلال انقسامات داخلية عميقة بين تيار متطرف يصرّ على العدوان، وأغلبية بدأت تميل إلى البحث عن حلول جذرية للأزمة.إن المؤتمر المرتقب سيمثل بلا شك نقطة انعطاف تاريخية في مسار القضية الفلسطينية، وسيكتب التاريخ بأحرف من نور ما بذلته المملكة من جهود صادقة لنصرة أشقائها الفلسطينيين. وسيظل هذا الإنجاز شاهدًا على أن السعودية قادرة على تحويل مواقفها المبدئية إلى قرارات أممية، وإلى خطوات عملية تمهّد لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.Next Page > آخر تحديث 23:03 الثلاثاء 16 سبتمبر 2025 - 24 ربيع الأول 1447 هـ مقالات مشابهة استغلال خطوط التصدع أظهرت الحملات العسكرية الإسرائيلية والأمريكية عن حدود ما تستطيع موسكو وبكين فعله أو عدم فعله في دعمهما لطهران، الأمر الذي وفر... آنا بورشفسكايا، غرانت روملي 25 ربيع الأول 1447 هـ اضرب أي شي في أي مكان: الهجوم الإسرائيلي على قطر في إحدى محاوراته الشعرية، قال الشاعر عيد بن مريح رحمه الله:راعي العرف حاسبني وناسي حسابهشهّد الناس مير الناس ماهي غبيّهفي كتابة... سامي الرشيدي 25 ربيع الأول 1447 هـ التشاؤم بشأن الذكاء الاصطناعي في البدء كانت القنبلة، واليوم صارت الخوارزمية.من يقرأ الصحف اليوم يخال أن الذكاء الاصطناعي هو فرانكشتاين سيليكوني، يُحاك في... محمد الزموري 25 ربيع الأول 1447 هـ نتنياهو عنجهية سياسية لعلي أبدأ هذا المقال بما تحدث به الأمير تركي الفيصل في مقابلة تلفزيونية على شبكة CNN، وكان أفضل توصيف وحالٍ لشخصية رئيس وزراء... محمد بن صقر 25 ربيع الأول 1447 هـ الذكاء الاصطناعي في قاعة التشريفات: ضيف لا مضيف مع التقدم السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتي لم تعد آثارها محصورة في مجالات التكنولوجيا والصناعة فحسب، بل امتدت لتطال أدق... ماجد الجريوي 25 ربيع الأول 1447 هـ منتدى الحزام والطريق منتدى الحزام والطريق في الصين ليس مجرد لقاء اقتصادي عابر، بل هو حدث عالمي يجسد رؤية شاملة لتقريب المسافات، وإحياء روح التعاون بين... مها عبدالله 25 ربيع الأول 1447 هـ إعدام برائحة الزمان هل بين إعدام سقراط وسيد قطب وجه شبه؟ لماذا انتهى سقراط إلى كأس السُّمّ في أثينا القديمة، وانتهى فكر سيّد قطب إلى خطابِ تكفيرٍ في... أنس الرشيد 25 ربيع الأول 1447 هـ

دبلوماسية سعودية ترسم ملامح الدولة الفلسطينية 23:03 الثلاثاء 16 سبتمبر 2025 - 24 ربيع الأول 1447 هـ هادي اليامي _hadialyami@ في إنجاز جديد يضاف إلى سلسلة النجاحات المتلاحقة للدبلوماسية السعودية، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الجمعة الماضي بأغلبية ساحقة «إعلان نيويورك» الذي يرسم خطوات ملموسة ومحددة زمنيًا ولا رجعة فيها نحو حل الدولتين، تمهيدًا للمؤتمر الحاسم المزمع عقده يوم الاثنين المقبل، قبيل اجتماعات الجمعية العامة يومي 23 و24 سبتمبر في نيويورك.لقد تجاوزت دول العالم مرحلة المجاملة السياسية، وأعلنت بوضوح انحيازها للمقترح السعودي ـ الفرنسي، حيث حظي مشروع القرار بتأييد كاسح بلغ 142 دولة، من بينها الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن (باستثناء الولايات المتحدة)، مقابل اعتراض عشر دول فقط. هذه النتيجة المدوية تعكس حجم الثقل السياسي للمملكة، والموثوقية العالية التي تتمتع بها في دوائر صناعة القرار الدولي.ويمثّل هذا الانتصار الدبلوماسي صفعة جديدة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وإدانة صريحة لانتهاكاتها اليومية بحق المدنيين الفلسطينيين العزّل، الذين يُحاصرون بالجوع وتُلاحقهم آلة العدوان. وفي الوقت الذي اختارت فيه بعض الدول الاكتفاء بالمظاهرات والمسيرات التي كثيرًا ما تنتهي بالفوضى دون أثر ملموس، فإن المملكة تبنّت نهجًا إيجابيًا هادئًا، يقوم على التحركات الدبلوماسية والخطوات السياسية العملية، وهو ما أثبت فعاليته ونجاعته. منذ سبتمبر الماضي، بادرت المملكة ـ بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي والنرويج ـ إلى إنشاء التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين، الذي شكّل علامة فارقة في مسيرة إعادة الحق الفلسطيني. هذا التحالف استطاع حشد دعم عالمي متنامٍ لإنهاء المعاناة الفلسطينية وتمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه المشروعة، بما يضمن سلامًا عادلاً ودائمًا في الشرق الأوسط.وتواصلت الجهود في يوليو الماضي بعقد المؤتمر الدولي لتسوية قضية فلسطين بالوسائل السلمية في باريس، والذي مثّل إجماعًا عالميًا على اعتماد المرجعيات الدولية لحل القضية. ومن أبرز مخرجاته إعلان فرنسا عزمها الاعتراف بدولة فلسطين خلال سبتمبر الجاري، وهو ما شكّل زلزالًا سياسيًا أربك إسرائيل، خصوصًا مع إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون أن عددًا من الدول الأوروبية ستسير في الاتجاه ذاته.اليوم، وبعد أقل من عام على تأسيس التحالف الدولي، تتسارع وتيرة الاعترافات بدولة فلسطين، حيث كشفت عدة دول نيتها الاعتراف قريبًا، منها: كندا، بريطانيا، أستراليا، أندورا، لوكسمبورج، مالطا، نيوزيلندا، البرتغال، وسان مارينو، مع توقعات بمفاجآت أخرى في الأيام المقبلة.هذا النجاح لم يكن وليد صدفة، بل جاء ثمرة جهد منظم استثمرت فيه السعودية ثقلها السياسي وعلاقاتها الدبلوماسية الواسعة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان ـ حفظهما الله. كما كان لجهود وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، عبر جولاته المكوكية واتصالاته المتواصلة، أثر بارز في تنسيق المواقف وترتيب الأولويات على أعلى المستويات.ولعل المفارقة البليغة أن يُعقد المؤتمر الدولي يوم 22 سبتمبر، أي قبل يوم واحد فقط من ذكرى اليوم الوطني السعودي، وكأن القدر شاء أن يقترن هذا التاريخ بمسارين متوازيين: ذكرى توحيد المملكة، وتاريخ اعتراف العالم بالدولة الفلسطينية. وهي رسالة رمزية تؤكد أن السعودية لا تكتفي بالاحتفال بإنجازاتها الوطنية، بل تربط مصيرها بمصير قضايا الأمة وفي مقدمتها فلسطين.صحيح أن اعتراف الدول بفلسطين قد يبدو للبعض خطوة رمزية، لكنه في الحقيقة يراكم زخمًا دوليًا يضع الاحتلال تحت ضغط سياسي وقانوني متزايد، خصوصًا مع إقرار جدول زمني محدد لإعلان الدولة الفلسطينية. لقد تجاوزت الجهود الدولية مرحلة الاستنكار اللفظي، وأصبح العالم مضطرًا للتعاطي مع الحقائق على الأرض، فيما يواجه الاحتلال انقسامات داخلية عميقة بين تيار متطرف يصرّ على العدوان، وأغلبية بدأت تميل إلى البحث عن حلول جذرية للأزمة.إن المؤتمر المرتقب سيمثل بلا شك نقطة انعطاف تاريخية في مسار القضية الفلسطينية، وسيكتب التاريخ بأحرف من نور ما بذلته المملكة من جهود صادقة لنصرة أشقائها الفلسطينيين. وسيظل هذا الإنجاز شاهدًا على أن السعودية قادرة على تحويل مواقفها المبدئية إلى قرارات أممية، وإلى خطوات عملية تمهّد لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.Next Page > آخر تحديث 23:03 الثلاثاء 16 سبتمبر 2025 - 24 ربيع الأول 1447 هـ

هادي اليامي _hadialyami@ في إنجاز جديد يضاف إلى سلسلة النجاحات المتلاحقة للدبلوماسية السعودية، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الجمعة الماضي بأغلبية ساحقة «إعلان نيويورك» الذي يرسم خطوات ملموسة ومحددة زمنيًا ولا رجعة فيها نحو حل الدولتين، تمهيدًا للمؤتمر الحاسم المزمع عقده يوم الاثنين المقبل، قبيل اجتماعات الجمعية العامة يومي 23 و24 سبتمبر في نيويورك.لقد تجاوزت دول العالم مرحلة المجاملة السياسية، وأعلنت بوضوح انحيازها للمقترح السعودي ـ الفرنسي، حيث حظي مشروع القرار بتأييد كاسح بلغ 142 دولة، من بينها الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن (باستثناء الولايات المتحدة)، مقابل اعتراض عشر دول فقط. هذه النتيجة المدوية تعكس حجم الثقل السياسي للمملكة، والموثوقية العالية التي تتمتع بها في دوائر صناعة القرار الدولي.ويمثّل هذا الانتصار الدبلوماسي صفعة جديدة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وإدانة صريحة لانتهاكاتها اليومية بحق المدنيين الفلسطينيين العزّل، الذين يُحاصرون بالجوع وتُلاحقهم آلة العدوان. وفي الوقت الذي اختارت فيه بعض الدول الاكتفاء بالمظاهرات والمسيرات التي كثيرًا ما تنتهي بالفوضى دون أثر ملموس، فإن المملكة تبنّت نهجًا إيجابيًا هادئًا، يقوم على التحركات الدبلوماسية والخطوات السياسية العملية، وهو ما أثبت فعاليته ونجاعته. منذ سبتمبر الماضي، بادرت المملكة ـ بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي والنرويج ـ إلى إنشاء التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين، الذي شكّل علامة فارقة في مسيرة إعادة الحق الفلسطيني. هذا التحالف استطاع حشد دعم عالمي متنامٍ لإنهاء المعاناة الفلسطينية وتمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه المشروعة، بما يضمن سلامًا عادلاً ودائمًا في الشرق الأوسط.وتواصلت الجهود في يوليو الماضي بعقد المؤتمر الدولي لتسوية قضية فلسطين بالوسائل السلمية في باريس، والذي مثّل إجماعًا عالميًا على اعتماد المرجعيات الدولية لحل القضية. ومن أبرز مخرجاته إعلان فرنسا عزمها الاعتراف بدولة فلسطين خلال سبتمبر الجاري، وهو ما شكّل زلزالًا سياسيًا أربك إسرائيل، خصوصًا مع إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون أن عددًا من الدول الأوروبية ستسير في الاتجاه ذاته.اليوم، وبعد أقل من عام على تأسيس التحالف الدولي، تتسارع وتيرة الاعترافات بدولة فلسطين، حيث كشفت عدة دول نيتها الاعتراف قريبًا، منها: كندا، بريطانيا، أستراليا، أندورا، لوكسمبورج، مالطا، نيوزيلندا، البرتغال، وسان مارينو، مع توقعات بمفاجآت أخرى في الأيام المقبلة.هذا النجاح لم يكن وليد صدفة، بل جاء ثمرة جهد منظم استثمرت فيه السعودية ثقلها السياسي وعلاقاتها الدبلوماسية الواسعة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان ـ حفظهما الله. كما كان لجهود وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، عبر جولاته المكوكية واتصالاته المتواصلة، أثر بارز في تنسيق المواقف وترتيب الأولويات على أعلى المستويات.ولعل المفارقة البليغة أن يُعقد المؤتمر الدولي يوم 22 سبتمبر، أي قبل يوم واحد فقط من ذكرى اليوم الوطني السعودي، وكأن القدر شاء أن يقترن هذا التاريخ بمسارين متوازيين: ذكرى توحيد المملكة، وتاريخ اعتراف العالم بالدولة الفلسطينية. وهي رسالة رمزية تؤكد أن السعودية لا تكتفي بالاحتفال بإنجازاتها الوطنية، بل تربط مصيرها بمصير قضايا الأمة وفي مقدمتها فلسطين.صحيح أن اعتراف الدول بفلسطين قد يبدو للبعض خطوة رمزية، لكنه في الحقيقة يراكم زخمًا دوليًا يضع الاحتلال تحت ضغط سياسي وقانوني متزايد، خصوصًا مع إقرار جدول زمني محدد لإعلان الدولة الفلسطينية. لقد تجاوزت الجهود الدولية مرحلة الاستنكار اللفظي، وأصبح العالم مضطرًا للتعاطي مع الحقائق على الأرض، فيما يواجه الاحتلال انقسامات داخلية عميقة بين تيار متطرف يصرّ على العدوان، وأغلبية بدأت تميل إلى البحث عن حلول جذرية للأزمة.إن المؤتمر المرتقب سيمثل بلا شك نقطة انعطاف تاريخية في مسار القضية الفلسطينية، وسيكتب التاريخ بأحرف من نور ما بذلته المملكة من جهود صادقة لنصرة أشقائها الفلسطينيين. وسيظل هذا الإنجاز شاهدًا على أن السعودية قادرة على تحويل مواقفها المبدئية إلى قرارات أممية، وإلى خطوات عملية تمهّد لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.Next Page >

في إنجاز جديد يضاف إلى سلسلة النجاحات المتلاحقة للدبلوماسية السعودية، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الجمعة الماضي بأغلبية ساحقة «إعلان نيويورك» الذي يرسم خطوات ملموسة ومحددة زمنيًا ولا رجعة فيها نحو حل الدولتين، تمهيدًا للمؤتمر الحاسم المزمع عقده يوم الاثنين المقبل، قبيل اجتماعات الجمعية العامة يومي 23 و24 سبتمبر في نيويورك.لقد تجاوزت دول العالم مرحلة المجاملة السياسية، وأعلنت بوضوح انحيازها للمقترح السعودي ـ الفرنسي، حيث حظي مشروع القرار بتأييد كاسح بلغ 142 دولة، من بينها الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن (باستثناء الولايات المتحدة)، مقابل اعتراض عشر دول فقط. هذه النتيجة المدوية تعكس حجم الثقل السياسي للمملكة، والموثوقية العالية التي تتمتع بها في دوائر صناعة القرار الدولي.ويمثّل هذا الانتصار الدبلوماسي صفعة جديدة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وإدانة صريحة لانتهاكاتها اليومية بحق المدنيين الفلسطينيين العزّل، الذين يُحاصرون بالجوع وتُلاحقهم آلة العدوان. وفي الوقت الذي اختارت فيه بعض الدول الاكتفاء بالمظاهرات والمسيرات التي كثيرًا ما تنتهي بالفوضى دون أثر ملموس، فإن المملكة تبنّت نهجًا إيجابيًا هادئًا، يقوم على التحركات الدبلوماسية والخطوات السياسية العملية، وهو ما أثبت فعاليته ونجاعته. منذ سبتمبر الماضي، بادرت المملكة ـ بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي والنرويج ـ إلى إنشاء التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين، الذي شكّل علامة فارقة في مسيرة إعادة الحق الفلسطيني. هذا التحالف استطاع حشد دعم عالمي متنامٍ لإنهاء المعاناة الفلسطينية وتمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه المشروعة، بما يضمن سلامًا عادلاً ودائمًا في الشرق الأوسط.وتواصلت الجهود في يوليو الماضي بعقد المؤتمر الدولي لتسوية قضية فلسطين بالوسائل السلمية في باريس، والذي مثّل إجماعًا عالميًا على اعتماد المرجعيات الدولية لحل القضية. ومن أبرز مخرجاته إعلان فرنسا عزمها الاعتراف بدولة فلسطين خلال سبتمبر الجاري، وهو ما شكّل زلزالًا سياسيًا أربك إسرائيل، خصوصًا مع إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون أن عددًا من الدول الأوروبية ستسير في الاتجاه ذاته.اليوم، وبعد أقل من عام على تأسيس التحالف الدولي، تتسارع وتيرة الاعترافات بدولة فلسطين، حيث كشفت عدة دول نيتها الاعتراف قريبًا، منها: كندا، بريطانيا، أستراليا، أندورا، لوكسمبورج، مالطا، نيوزيلندا، البرتغال، وسان مارينو، مع توقعات بمفاجآت أخرى في الأيام المقبلة.هذا النجاح لم يكن وليد صدفة، بل جاء ثمرة جهد منظم استثمرت فيه السعودية ثقلها السياسي وعلاقاتها الدبلوماسية الواسعة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان ـ حفظهما الله. كما كان لجهود وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، عبر جولاته المكوكية واتصالاته المتواصلة، أثر بارز في تنسيق المواقف وترتيب الأولويات على أعلى المستويات.ولعل المفارقة البليغة أن يُعقد المؤتمر الدولي يوم 22 سبتمبر، أي قبل يوم واحد فقط من ذكرى اليوم الوطني السعودي، وكأن القدر شاء أن يقترن هذا التاريخ بمسارين متوازيين: ذكرى توحيد المملكة، وتاريخ اعتراف العالم بالدولة الفلسطينية. وهي رسالة رمزية تؤكد أن السعودية لا تكتفي بالاحتفال بإنجازاتها الوطنية، بل تربط مصيرها بمصير قضايا الأمة وفي مقدمتها فلسطين.صحيح أن اعتراف الدول بفلسطين قد يبدو للبعض خطوة رمزية، لكنه في الحقيقة يراكم زخمًا دوليًا يضع الاحتلال تحت ضغط سياسي وقانوني متزايد، خصوصًا مع إقرار جدول زمني محدد لإعلان الدولة الفلسطينية. لقد تجاوزت الجهود الدولية مرحلة الاستنكار اللفظي، وأصبح العالم مضطرًا للتعاطي مع الحقائق على الأرض، فيما يواجه الاحتلال انقسامات داخلية عميقة بين تيار متطرف يصرّ على العدوان، وأغلبية بدأت تميل إلى البحث عن حلول جذرية للأزمة.إن المؤتمر المرتقب سيمثل بلا شك نقطة انعطاف تاريخية في مسار القضية الفلسطينية، وسيكتب التاريخ بأحرف من نور ما بذلته المملكة من جهود صادقة لنصرة أشقائها الفلسطينيين. وسيظل هذا الإنجاز شاهدًا على أن السعودية قادرة على تحويل مواقفها المبدئية إلى قرارات أممية، وإلى خطوات عملية تمهّد لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.Next Page >

مشاركة

Error category videos cards

قد يعجبك

قد يعجبك

تابعونا على تويتر انضم إلينا على الفيسبوك
أثناء الممارسة نكتشف الفلسفة الحقيقة للوينج تشون