اللعبة المدمرة.. كيف تستخدم تركيا رشاشات المياه ضد جيرانها؟ | الحرة
مشاركة
تشكّل المسدسات والرشاشات المائية، أسلحة بلاستيكية ممتعة، يستخدمها الأطفال، وأحياناً الكبار للعب والتسلية داخل أحواض السباحة وعلى شطآن البحار.

الماء هنا، سلاح لا يقتل. لكن ليس في الحالة التركية. إطلاقات المياه، تستخدمها تركيا بطريقة مختلفة، تكون فتاكة وقاتلة.

تركيا تعرف تماماً أهمية الماء كسلاح، وتصوّب “مسدساتها المائية” إلى جيرانها، ليس كلعبة، بل كحرب. حرب حقيقية وخفية تجري في كواليس المنطقة.

مع ذلك، فقد تحولت ندرة المياه، التي تفاقمت بفعل تغير المناخ والتحكم بالموارد في دول المنبع، من مجرد قضية موارد إلى أداة قوية للنفوذ السياسي والأمني.

تُعد مياه الفرات ودجلة تاريخياً مصدراً رئيسياً لصراع المياه العذبة في الشرق الأوسط. نشأت بعض الحضارات الأولى من التقاء هذين النهرين، حيث قامت إمبراطوريات وسقطت في حوضهما على مر العصور.

كما أن غياب إطار قانوني بديل أو آلية حوكمة مشتركة بعد الإمبراطورية العثمانية أدى إلى ظهور نزاعات مائية حديثة تركز على الدولة القومية. ويمكن اعتبار تأكيد تركيا اللاحق على أن دجلة والفرات “أنهار وطنية” نتيجة مباشرة لهذا الفراغ التاريخي ورفضاً لنموذج الموارد المشتركة السابق.

بعد ان حشدت تركيا جيشها على الحدود السورية، تراجع الرئيس حافظ الأسد بسرعة وبشكل غير متوقع.

تعهد الأسد بتلبية معظم المطالب التركية بإنهاء دعم حزب العمال الكردستاني وقبول شكل من أشكال المراقبة لضمان ذلك، كما قام بطرد زعيم الحزب عبدالله أوجلان من سوريا، ليتم القاء القبض عليه لاحقاً ويودع في سجن تركي.

هذا “التراجع” السوري وقبول دمشق لسيطرة تركيا على تدفق المياه يشيران إلى تآكل مباشر للسيادة السورية على مورد دولي مشترك، وفقاً لوسام سعادة.

تعيد استراتيجية تركيا المائية تعريف “قواعد” الاشتباك في الحوض، وتنتقل من التفاوض إلى الإكراه، مما يضع سابقة خطيرة لأحواض الأنهار الدولية حيث يمكن لقوة المنبع فرض شروط من جانب واحد، مما يقوض مبادئ الاستخدام العادل والسيادة الوطنية.

يتجاوز تسليح المياه التهديدات الأمنية المباشرة ليشمل الحرب الاقتصادية، مما يعزز علاقة تبعية تخدم المصالح التجارية التركية.

تُقدم زيادة تدفق المياه هذه على أنها “طلب” من العراق وتحدث ضمن إطار ثنائي يركز على “تعزيز العلاقات الثنائية”. وهذا يشير إلى نهج تعاملي بدلاً من الالتزام بمبادئ القانون الدولي للمياه.

يُعد الموقف القانوني التركي، الذي يرفض الاعتراف بدجلة والفرات كأنهار دولية ويرفض اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997، حجر الزاوية في قدرتها على ممارسة هذه السيطرة الأحادية. هذا الموقف، المتجذر في تفسير صارم للسيادة ومظالم تاريخية، يعيق أي حلول إقليمية قائمة على القانون الدولي.

ومع ذلك، فإن التطورات الأخيرة، مثل الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بشأن العدالة المناخية، قد توفر مساراً جديداً لدول المصب.

يؤكد هذا الرأي أن “جميع الدول لديها التزامات قانونية ملزمة لحماية البيئة ومكافحة تغير المناخ”، وأن أي انتهاك لهذه الالتزامات يُعد “عملاً غير مشروع دولياً يستتبع مسؤولية الدولة”.

ويشمل ذلك ارتفاع درجات الحرارة، وتناقص الأمطار، وتلوث النظم البيئية. وقد فتح هذا الرأي الباب أمام التعويضات للدول المتأثرة بالفعل بالأزمة. كما أقر الرأي بأن “الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة” هو حق إنساني.

يوفر هذا الرأي الاستشاري للعراق فرصة لتدويل قضية المياه، وتحويلها إلى مسألة عدالة دولية لصالحه، وفقاً لخالد سليمان.

شبكة الشرق الأوسط للإرسال MBN مؤسسة غير ربحية يمولها الكونغرس من خلال هبة مقدمة من الوكالة الأميركية للإعلام العالمي، وهي وكالة حكومية مستقلة. توفر الشبكة منبرا لتبادل الآراء والأفكار، وتقدم أخبارا ومعلومات موضوعية ودقيقة لجمهورها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتنقل صورة حقيقية عن الولايات المتحدة وسياساتها، وعن الشعب الأميركي، دعماً للحريات العالمية.

مشاركة
1 2 3 4

Error category videos cards

قد يعجبك

تابعونا على تويتر انضم إلينا على الفيسبوك
تحميل تطبيق توابل - أجود أنواع التوابل المغربية